السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

حكايات رضوى عاشور في الأدب والحياة

رضوى عاشور
رضوى عاشور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعدما نالت رضوى عاشور شهادة الدكتوراه من جامعة ماساتشوستس، بأطروحة حول الأدب الأفريقي الأمريكي، خاضت مجال النقد لعدة سنوات، ففي عام 1977، نشرت أول أعمالها النقدية "الطريق إلى الخيمة الأخرى"، حول التجربة الأدبية للفلسطيني غسان كنفاني، وفي العام التالي صدر لها بالإنجليزية كتاب "جبران وبليك"، وهي الدراسة النقدية التي شكلت أطروحتها لنيل شهادة الماجستير سنة 1972، ثم أصدرت عام 1980 آخر عمل نقدي لها، قبل أن تلج مجالي الرواية والقصة، وهو "التابع ينهض" حول التجارب الأدبية لغرب أفريقيا.
ويأتي عام 1983 حاملًا معه أولى الأعمال الإبداعية لرضوى وهي "أيام كانت طالبة مصرية في أمريكا" والتي أتبعتها بإصدار ثلاث روايات أخرى هي "حجر دافئ، خديجة وسوسن، وسراج" والمجموعة قصصية "رأيت النخل" عام 1989، ثُم توجت هذه المرحلة بإصدارها لروايتها التاريخية "ثلاثية غرناطة" عام 1994، والتي حازت بها جائزة أفضل كتاب على هامش معرض القاهرة الدولي.
نشرت رضوى في الفترة بين 1999 و2012 أربع روايات ومجموعة قصصية واحدة، أهمها رواية "الطنطورية" 2011، ومجموعة" تقارير السيدة راء" القصصية، وكان عملها الأخير هو "أثقل من رضوى: مقاطع من سيرة ذاتية" الصادر عام 2013، وقبلها أصدرت ترجمة إلى الإنجليزية لمختارات شعرية لمريد البرغوثي بعنوان "منتصف الليل وقصائد أخرى"؛ فيما شغلت في الوقت ذاته رئاسة قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب بجامعة عين شمس، وظلت حتى وفاتها التدريس الجامعي والإشراف على الأبحاث والأطروحات الخاصة بدرجتي الدكتوراه والماجستير.
كانت رضوى قد عادت لمجال النقد الأدبي مع بداية الألفية الثالثة، حيث أصدرت مجموعة من الأعمال تتناول مجال النقد التطبيقي، وساهمت في "موسوعة الكاتبة العربية" عام 2004، وأشرفت على ترجمة الجزء التاسع من موسوعة كامبريدج في النقد الأدبي في العام الذي يليه؛ إضافة إلى ذلك ساهمت في العديد من الأنشطة الاجتماعية، فكانت عضوًا فاعلًا في لجنة الدفاع عن الثقافة القومية، اللجنة الوطنية لمقاومة الصهيونية في الجامعات المصرية، مجموعة 9 مارس لاستقلال الجامعات؛ إضافة إلى عضويتها في مجموعة من اللجان التحكيمية المرتبطة بالمجالين الثقافي والأكاديمي، فكانت عضوًا بلجنة جائزة الدولة التشجيعية، ولجنة التفرغ بالمجلس الأعلى للثقافة، ولجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة.
أما قصة الحب التي جمعت بينها والشاعر الفلسطيني الكبير فهي حكاية تستحق أن تروى في كتاب منفصل؛ وكانت الحكاية -كما روت رضوى- أن أول مرة تلتقي فيها البرغوثي كانت على سلم جامعة القاهرة، حيث كان يُلقى على أصدقائه أحد قصائده، فانتبهت له وشعرت بكلماته تخترقها، وكانت تكتب الشعر أيامها، ولكن بعد أن سمعت قصائد مريد، تركت الشعر "لأن الشعر أحق بأهله وذويه" على حد تعبيرها.
وقتها لم تكن تعلم أنها بدورها قصيدة كتبها مريد ونشرت في أوائل السبعينات على ثلاثة أجزاء في مجلة "الكاتب"، وكتبت لطيفة الزيات في ذلك الوقت مقدمة القصيدة قائلة "إننا قرأنا في الشعر القديم قصائد غزل لكننا لم نقرأ قصائد حب"، وكتب البرغوثي تعليقه "الناس تظن أن الكلام العسلي اللطيف المعسول يساوي شاعر حب، الكلام الحلو لوحدوا ما يعملش ما نسميه الشعر".
بدأت العقبات تواجه الحبيبين عندما رفض أهل رضوى ارتباطها بالشاب الفلسطيني، ويدوي الرفض من والدها المحافظ حينما التقى بالشاب ووجد بداخله كل هذا الحب والمسئولية تجاه ابنته الصغيرة؛ وقال مريد في ذلك "طوال عمري منذ أن تعرفنا وإلى الأبد لم أشعر بأي لوم أو عتب على موقفهم تجاهي"؛ وكتب عن علاقتهما الفريدة ابنهما الشاعر تميم البرغوثي قائلًا "أمي وأبويا التقوا، والحر للحرة، شاعر من الضفة برغوثي واسمه مريد، قالوا لها ده أجنبي، ما يجوزش بالمرة، قالت لهم يا عبيد اللي ملوكها عبيد، من امتى كانت رام الله من بلاد برة يا ناس يا أهل البلد شارياه وشاريني، من يعترض ع المحبة لما ربّي يريد". 
مرت علاقة رضوى ومريد بعدد من المراحل والمواقف المهمة، لعل كان أبرزها وأصعبها على كلاهما حينما صدر قرار بإبعاد البرغوثي عن مصر في فترة حكم الرئيس السادات بسبب اعتراضه على زيارته إلى إسرائيل؛ ليظل الفلسطيني الثائر ممنوعًا من دخول مصر لمدة 17 عامًا وهو ما أحدث تشتتًا كبيرًا لأسرتها؛ وكان آخرها وأقواها عندما مرضت بورم في الدماغ، فكان زوجها دومًا يقول "عودي يا ضحكاتها عودي"، ورغم المرض والعمليات كانت رضوى تشعر بالخجل دائمًا في حال الحديث عن حبها لمريد، فكانت حسبما يروي تميم تتورد وجنتاها وتعجز عن الكلام وتحاول أن تخفي خجلها الواضح بابتسامة رقيقة كأنها مازالت تلك الفناة العشرينية التي وقعت في حب زميلها في الجامعة.