الإرهابيون فى مصر يدّعون أنهم مسلمون ثم يقتلون مصلين داخل مسجد. الإرهابيون لا دين لهم وحتى الأزهر يرفض تكفيرهم، وهم فى مصر يزعمون أنهم من المسلمين السنّة والإسلام منهم براء.
أكثر من ٣٠٠ مصلٍّ، بينهم أطفال كثيرون، قُتِلوا فى مسجد الروضة فى بلدة بير العبد فى شمال سيناء. الإرهابيون أطلقوا تهمة الصوفية عليهم. الصوفية ليست من مذاهب الإسلام، والصوفيون فى غالبيتهم العظمى من المسلمين السنّة، مع قلّة محدودة من الشيعة، وهم يدعون إلى التسامح، ويرد عليهم الإرهابيون من باكستان إلى مصر بقتل الأبرياء.
القوات المسلحة المصرية ردت ردًا قاسيًا يستحق الإرهابيون أكثر منه، ودمرت مواقع لهم وقتلت كثيرين منهم. لم أطلب حربًا فى حياتى العملية كلها لكن أرجو أن تواصل مصر الحملة على الإرهابيين حتى يُقضى عليهم وعلى فكرهم الضال المضلل.
قبائل سيناء التى كان أبناؤها ضحية الإرهاب فى مسجد الروضة تكاتفت ضدهم، وهى أدرى بهم فبعض القياديين بين الإرهابيين والأعضاء من أبنائها، وقد قُتِل كثيرون منهم فى مواجهات مع قوات الأمن المصرية، وبقى آخرون يستحقون القتل حمايةً لأرواح الأبرياء.
كنت مرة دعوت الحكومة المصرية إلى تفريغ شمال سيناء من السكان، وقتل كل مَنْ يدخل المنطقة. بعض سكان قرى شمال سيناء اتصل بى محتجًا، وقال إن قبيلته فى المنطقة منذ قرون ولا مكان آخر لها فى سيناء أو خارجها.
بعد هذه الاتصالات بحثت كثيرًا عن مادة مفيدة عن بدو سيناء، وأعتقد بأننى أصبحت أكثر معرفة بالقبائل هناك. اليوم أكرر دعوتى إلى تفريغ شمال سيناء من السكان ولكن مع رجائى أن تدبر الحكومة المصرية سكنًا مؤقتًا للسكان هناك خارج شمال شبه الجزيرة، ثم تقضى على الإرهاب قضاء لا يقوم بعده، وإذا نجحت تعيد السكان إلى قراهم. هم مواطنون مصريون ورعاية الدولة لهم واجب.
مع كل ما سبق أؤيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حربه على الإرهاب من حدود ليبيا حتى وادى النيل وسيناء، فقهر الإرهاب يتقدم على إنتاج الغاز من حقل ظهر، وأى برنامج اقتصادى أو اجتماعى آخر. ماذا يستفيد ابن مصر إذا ربح العالم كله وخسر نفسه؟
الإرهاب فى بير العبد ذكرنى بإسقاط الطائرة الروسية وموت ٢٢٤ راكبًا وطيارًا فى (أكتوبر) ٢٠١٥. كان رد السلطات المصرية على ذلك الإرهاب قاسيًا وأرجو أن يكون الرد هذه المرة أقسى، لأن الإرهابيين لا يفهمون غير منطق القوة.
الإرهابيون فى مصر أو سورية أو العراق أو اليمن أو غيرها يقومون بعمل إسرائيل حتى لو أنكروا ذلك. هم يقتلون مواطنين عربًا أبرياء فى هذا البلد أو ذاك، ويحاربون بدل أن تحارب إسرائيل الفلسطينيين يومًا واللبنانيين يومًا آخر. هى تشن غارات داخل سورية، ولعلها تنتظر أن يتولى الإرهابيون من «داعش» القيام بالقتل والتدمير بدلًا منها.
طبعًا الرئيس دونالد ترامب لا يمكن أن يفوّت فرصة للخطأ، وهو قال إن الإرهاب فى مصر يؤكد صدق موقفه من منع اللجوء إلى الولايات المتحدة وطرد اللاجئين الموجودين فيها، وأيضًا بناء سور مع المكسيك لمنع تدفق اللاجئين منها إلى الولايات الجنوبية فى بلاده.
كيف ربط ترامب الإرهاب فى مصر باللاجئين فى بلاده والسور لا أدري. اللاجئون لم يقوموا يومًا بعمل إرهابي، وبعضهم ممن كبر فى الولايات المتحدة دخل الجامعة وعمل وأنجز، والسور فى ضمير المستقبل، وقد لا يُبنى وإذا بنى يمكن اختراقه أو بناء الأنفاق تحته. لكن دونالد ترامب يعرف ما لا نعرف أو يرى ما لا نرى.
نقلا عن «الحياة» اللندنية