منذ أن قام الشعب المصري بثورته المجيدة في الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، ومنذ أن انضمت القوات المسلحة لصفوف الشعب المصري وأعلنت خارطة المستقبل في الثالث من يوليو بعد الثورة بأيام، بُذلت كل المحاولات الخسيسة وتم خوض الحروب الكلامية منها والمسلحة ضد هذا الشعب الأبي وقواته المسلحة الباسلة والشرطة المصرية الصامدة والقضاة والأقباط وأهالي سيناء لا لشيء إلا لعزل ذلك الرئيس الفاشل المنحاز لجماعته وأهله وعشيرته بأيدي الشعب المصري، الذي لم يرضَ الذل والهوان على أيدي جماعة منغلقة على نفسها، لا يعنيها سوى أمرها وإخوانها في الداخل والخارج، لا يعنيها أمر الأوطان، بل يعنيها تأليه المرشد وعبادته والسمع والطاعة له كما كان يعبد الكفار الأوثان.
منذ ذلك الحين، ومحاولات جماعة الإخوان والجماعات المتطرفة والإرهابية الأخرى تحاول تركيع مصر وتسليم مقدرات الوطن للجماعة وأعوانها وتنظيمها الدولي، بدأت هذه المحاولات بالحروب الكلامية المشرعة على منصة رابعة العدوية من خلال كل الخطب النارية التي استهدفت الدولة المصرية ورئيسها المؤقت ووزير دفاعها وجيشها وشرطتها والإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر وبابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في تحدٍ واضح لكل ثوابت الدولة المصرية، لإرهابها وممارسة الضغوط عليها لكى يتم تسليمها – دون قيدٍ أو شرط - لهذه العصابة الباغية، لكي تفعل بنا ما تشاء لتأديب الشعب المصرى الذى تجرأ وثار فى وجهها رفضًا للذلة والمهانة وعجلة الأخونة التي لا ترحم، والتي تبين منها للشعب المصري أنه لا مستقبل للمصريين في وطنهم مصر، فهاجر ١٠٠ ألف أو يزيدون من الأقباط من مصر هروبًا من حكم الإخوان، وحاول كثيرٌ من الشباب أن يستقلوا مراكب الموت لكي تُلقيهم على شواطئ أوروبا لكي يبحثوا عن فرصة عمل بعيدًا عن الوطن الذي صادره الإخوان، وقسموه عِزَبًا وقطائع يوزعونها على إخوانهم في الجماعة.
وعندما لم تؤتِ الحرب الكلامية من على منصة رابعة والتي كانت تُنقل على قناة «الجزيرة مباشر مصر» على الهواء مباشرة من خلال سيارتيْ بث مباشر للإذاعة الخارجية سرقهما الإخوان من التليفزيون المصري عن طريق وزير الإعلام الإخواني صلاح عبدالمقصود، أعلن الإخوان الحرب المسلحة على الدولة المصرية من خلال قطعان الإرهابيين الذين استدعاهم مرسي من كل حدب وصوب في عهده لكي يقيموا في سيناء تحسبًا لمثل هذا اليوم، ووفر لهم الملاذ الآمن والسلاح والتمويل وكل الدعم اللوجيستي.
هنالك فقط بدأت الأعمال العدائية المسلحة في شمال سيناء ضد قوات الجيش وأقسام الشرطة والكمائن الأمنية وكل مظهر من مظاهر سيادة الدولة على هذه القطعة الغالية من أرض مصر، والدليل الساطع على تورط جماعة الإخوان الإرهابية في كل ما كان يحدث على أرض سيناء هو قَولَة القيادى الإخواني محمد البلتاجي الشهيرة التي قالها في أثناء اعتصام رابعة: «إن ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي يعود فيها الرئيس محمد مرسي إلى قصر الرئاسة».
كان الهدف أن تركع مصر أمام فُوهات الأسلحة الآلية للإرهابيين القابعين في سيناء وأمام سيارات الدفع الرباعي ومدافع الجرينوف التي اشترتها لهم الجماعة بتمويل دويلة قطر وأمام متفجراتهم وأحزمتهم الناسفة، ولم تكن الجماعة الإرهابية تعلم أننا لسنا في جمهورية من جمهوريات الموز التي يسيطر عليها تجار المخدرات، وأن مصر لن تركع أمام قطعان الإرهابيين بفضل قواتها المسلحة التي تُعد أقوى جيش في الشرق الأوسط، وأن هذا الجيش هو جيش الشعب، الذي لن يرضى بالاستسلام أبدًا لهؤلاء الإرهابيين ومَن يقف وراءهم حتى لو قدم لا أقول آلاف الشهداء بل ملايين الشهداء، نحن لسنا أقل من الجزائر التي قدمت مليون شهيد للحصول على استقلالها، ومصر على استعداد أن تقدم ملايين الشهداء كي لا تركع أمام هؤلاء الإرهابيين الجبناء.
ولعل ما حدث الجمعة الماضي في مسجد «الروضة» ببئر العبد يأتي في هذه السياق، إن تماسك السبيكة المصرية من أقباط ومسلمين، من صعايدة وبحاروة، وسكان المناطق الساحلية والقبائل العربية، من شعب وجيش وشرطة توجد بينهم كيمياء المحبة وذرات التماسك والصمود وحب التضحية والفداء أتعب الإرهابيين ومَن يخططون لهم بليْل، وأوصلهم إلى مرحلة من اليأس والقنوط، فكانت ضربتهم الآثمة الغادرة لأهالي قرية «الروضة» وهم يؤدون صلاة الجمعة، في محاولة يائسة لتركيع الوطن، الذي لم تُفلح معه كل المحاولات السابقة.
لقد أطلق الإرهابيون الجبناء الرصاص على مَن كانوا يؤدون الصلاة في بيتٍ من بيوت الله، مقتحمين الحُرمة التي خص الله بها بيوته، وهو ما يمثل اعتداءً على الله والمجاهرة بعصيانه والاعتداء على أوليائه من عباده الصالحين الذين يرتادون بيتًا من بيوته طاعةً له ومحبةً والتزامًا بفروضه. إن الإرهابيين الذين أعماهم الشيطان بارتكاب هذه الفعلة النكراء لم يكونوا يعلمون أن كل رصاصة يطلقونها وتصيب طفلًا أو شابًا أو شيخًا لم تكن تصيب هؤلاء قبل أن ترتد إليهم لتصيب أكبادهم وقلوبهم الحاقدة التي لن تجد من يتعاطف معها من العناصر التي ضللوها وأغووها بالانضمام إليهم بحجة نُصرة الإسلام، والإسلام منهم بَراء.
لقد تخلى هؤلاء الإرهابيون عن دينهم وإسلامهم عندما انتهكوا بيتًا من بيوت الله يناصبون الله ونبيه العداء ويجهرون بأفعالٍ شنعاء سوف تُكتب في صحائفهم، ولن ينجون بفعلتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ فإذا كانت القوات المسلحة قد ثأرت للشهداء الساجدين بطائرات نسور الجو، فإن الله لن ينسى أولياءه الذين صعدت روحهم الطاهرة إليه تشكوه ظلم هؤلاء القتلة الفجرة، الذين سوف ينالون جزاءَ وفاقًا لقاء ما ارتكبت أياديهم الملوثة بدماء المصلين الطاهرة.
اقتلوا ما شئتم.. اقتلوا المسلمين في مساجدهم.. اقتلوا المسيحيين في كنائسهم.. اقتلوا رجال الجيش والشرطة في كمائنهم.. اقتلوا كل مَن تستطيع أيديكم أن تصل إليه من أفراد الشعب المصري.. إننا جميعًا فداءٌ لهذا الوطن.. ومهما قدمنا من تضحيات في سبيله ودفاعًا عن كرامته واستقلاله وعزته فلن نوفيه حقه. ولكن اعلموا أن هذه الدولة لم تسقط أمام الهكسوس والرومان والتتار والمغول والصليبيين والفرنسيين والأتراك والإنجليز والأمريكان، بل إنها انتصرت عليهم جميعًا وقهرتهم، وستظل مصر هي الحصن المنيع الذي يتحطم عليه كل أحلام الغزاة.
أيها الإرهابيون.. اعلموا أن مصر لن تركع لكم أبدًا.. فمصر لا تركع ولا تسجد إلا لله.. "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ".