شغلنى «رضا» حين اتصل بى وأنا أكتب الحكاية السابقة.. وتفاجأت بأن قلمى يجرنى نحوه.. ونحو أيامنا الخوالى.. فلتسامحونى أنتم وحسين، الذى سأتخلص منه قريبا.. أعدكم بذلك.
عدت أنا وحسين للمنزل، وهناك عرفنا أن الشرطة قبضت على بعض زملائنا فى القرية، الجميع كان يردد «أمن دولة».. وأقسم لكم أنه ربما حينها لم يكن أحد يعرف معنى الكلمة سوى ٥ أشخاص فقط، فوزير الداخلية لدينا كان شيخ الخفر، ورئيس الجمهورية كان العمدة، وذلك «الصول» الذى كان يأتى على حصان من النقطة كل حين، وكنا نظنه أحمد عرابى، هو كان كذلك، فمن ذا الذى يعتلى «صهوة جواد» غير بطل، هذا قبل أن نبيع «شنكل» فى «مولد يا دنيا»، ونكتفى بما لدينا من «حمير».
رحل رجال الشرطة فى القرية، ولم يأخذوا معهم «الخوف» الذى جاءوا به، تركوه كصبى متهور يجرى فى شوارع القرية يقذف البيوت بـ«حصى» الهلع والذعر، فيطير النوم.. حينها آمنت أن الخوف كالجوع، وأن الكلام يخدر لا يطمئن، تلاصقت الأجساد حول «رواك النار».. كل أب خاف على ابنه بطريقته، فعم «السيد» عنف ابنه «أحمد»، وقال له: «إياك أن تذهب للمسجد مرة أخرى»، وعم «عبد العظيم» أقسم مائة يمين أن يزيل علامة الصلاة من على جبين «إسماعيل» ولو بماء النار، وعمى «عبدالحليم» أشعل النار فى الجلباب والسروال، وعمى «عبدالحى»، لطخ جاسر بالطين وحكم عليه أن يمشى وراء الغنم بـ«اللباس» فقط، لم يكن لأولياء أمور تربوا على الخزعبلات، أن يفكروا فى الباب الخلفى الذى جاء منه هؤلاء وغيرهم برغم أن «أقفيتنا» فى كل مرة تصرخ لنرحمها.. حتى الفطين فيهم، والذى كان موظفا وهو والد حسين قاله له: «أنا هشيل عنك التهمة دى خالص، خد هات علبة سجاير، ولما جابها حسين أشعل والده سيجارة» وقاله: «شد نفس، إزاى يا أبا هشرب سجاير، مش أحسن ما نشرب إحنا نارك، وسيجارة وراء سيجارة.. حتى بات حسين أشهر تاجر مخدرات».
طب ده اللى حصل لأصحابى، طب أنا حصلى إيه؟ للحديث بقية.