الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إنهم يبايعون «داعش»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس مقتل ٤ جنود أمريكيين فى النيجر، الدولة العملاقة فى وسط أفريقيا، ثانويًا. فحال النيجر تسلط الضوء على مشكلة أكبر- ارتجال سياسة ترامب وحماقتها. فالرئيس الأمريكى لا يجمع بين عناصر المسألة ولا يقف على التقاطع بين عدد من المشكلات، ويميل إلى تبسيط الأمور، واختزال المسألة بالقول: هؤلاء أشرار، سأتصل بـ«جنرالاتى»، وسيقتلونهم. وأنجزتُ فيلمًا وثائقيًا عن النيجر العام الماضى، وكتبت سلسلة مقالات عن التغير المناخى والنيجر.
ويقتضي فهم تكاثر تنظيمات تبايع «القاعدة» و«داعش» في وسط أفريقيا الوقوف على سلسلة عوامل وتقاطعات. فما يزعزع استقرار منطقة الساحل الأفريقي ويساهم في تكاثر الجماعات الإرهابية هو مزيج من التغير المناخى والتصحر- مع تمدد الصحراء إلى الجنوب- والانفجار السكانى وسوء الحكم. والتصحر أشعل شرارة الاضطراب، وفاقمه التغير المناخى والانفجارات السكانية. ونجم عن هذه العوامل انهيار الزراعة «الصغيرة» أو على نطاق صغير، وهي ركن المجتمعات فى أفريقيا كلها. وهذا الانهيار هو من أبرز أسباب «الهجرة الاقتصادية»، ويؤدى إلى نزاعات إثنية ومتطرفة، تقول مونيك باربو، الأمينة التنفيذية لاتفاق مكافحة التصحر فى الأمم المتحدة. الفقر وبائى فى النيجر، وليست وسائط منع الحمل في المتناول، وفي البلد هذا أعلى معدلات الولادات فى العالم: ٧.٦ طفل للسيدة الواحدة. وقابلتُ من له ١٧ ولدًا. والتكاثر السكانى فى نيجيريا المجاورة بالغ السرعة، ويتوقع أن يحل البلد هذا محل الولايات المتحدة فى المرتبة الثالثة فى لائحة أكثر دول العالم كثافة سكانية فى ٢٠٥٠. والتغير المناخى فى المنطقة حاد، ويقول مكتب المناخ فى السنغال أن متوسط الحرارة ارتفع درجتين بين ١٩٥٠ و٢٠١٥، وتقلص معدل الأمطار نحو بوصتين.
وعليه، بلغ شطر من جنوب الصحراء الأفريقية مرحلة يرمى اتفاق باريس للمناخ إلى الحؤول دونها: مرحلة ارتفاع معدلات الحرارة درجتين مئويتين أعلى من المستويات ما قبل الصناعية فى عام ٢١٠٠، أى فى نهاية القرن الحادى والعشرين. والحرارة فى المنطقة هذه تتجه إلى الارتفاع ٤ درجات مئوية. وهذا الارتفاع يؤدى إلى انهيار مزيد من المزارع الصغيرة وتدفق اللاجئين الأهوج نحو أوروبا، والتنافس على الغذاء، وتفاقم البطالة والتحاق عدد أكبر من الرجال العاطلين من العمل بـ «داعش» مقابل ٥٠ دولارًا فى الشهر.
وجواب ترامب على المشكلات هذه هو إرسال جنود أمريكيين لقتل الإرهابيين فى أفريقيا، وإلغاء تمويل البرامج العالمية للحد من النسل، وتعيين من ينكرون التغير المناخى فى أبرز المناصب البيئية الحيوية، وتغليب كفة استخراج الطاقة من الفحم على كفة الطاقة النظيفة، وتقليص تمويل الحكومة الأمريكية بحوث المناخ.
الترجمة نقلا عن الحياة اللندنية