خرجت من المنزل وأنا أجهش بالبكاء بعد «علقة الخرطوم»، اتجهت إلى المسجد وكأن المشايخ كانوا يعرفون ردة فعل أبى حينما أزلت «القزع»، لم يسألونى عما حدث، فقط قالوا: «معلش يا شيخ تامر»، نسيت «العلقة» وتعلق ذهنى بكلمة «شيخ» فقد لاقت فى نفسى استحسانا، مع أنه كان لى لزمة حينما يقولها لى أحد أرددها وهي: «زعمتنى بشيخ ولست بشيخ إنما الشيخ من يدب دبيبا، لكنى قلت لو كنت بت شيخا فى علقة واحدة.. فلربما أكون إماما للمسجد بعلقتين من والدي».
قال لنا أحد الإخوة: «نحن صائمون وسنفطر سويا اليوم، ثم نصلى العشاء وهناك حديث، بعدها سنصلى التهجد، وسيؤمنا فيها أحد الشباب، وليكن أخيكم أحمد»، أخونا هذا الذى قصده الشيخ، كان فكاهيا إلى الحد الذى تضحك فيه لمجرد رؤيته، ناهيك عن أن علامة الصلاة ظهرت فى جبينه ما بين عشية وضحاها، ولن أخبرك عن السر، لأننى ظللت شهورا حتى أعرفه، ولست أقل من حسن عابدين، الذى عاش ومات ولم يخبر المصريين بسر «شويبس»، واصل الشيخ حديثه لأحمد: «المهم إنك هتصلى بكبار السور البقرة أو آل عمران»، أكلنا الفتة واللحمة حتى بتنا لا نستطيع التحرك من أماكننا، أسقطنا من ذاكرتنا حديث «الثلاثة أثلاث» أمام رائحة الشوربة، وقمنا على مضض لنصطف وراء أحمد، الذى توجه للقبلة، ولدى قوله الله أكبر، همس أحد زملائى فى أذنى وقال لي: «إحنا هنصلى ركعتين بس.. عشان فى فرح فيه رقاصة.. ضحكت بصوت عالى وضحك زميلي.. فسلم أحمد يمينا ويسارا والتفت مبتسما.. إحنا هنهزر من أولها»، عنفنا أحد المشايخ وقال لنا: «من أضحك مصليا أبكى نبيا، فمال زميلى على أذنى مرة أخرى وقال لي: أى نبى يعني»؟ مسكت نفسى وعاد أحمد ليكبر.