السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ممارسات السلفيين ليست من الدين ولا السياسة..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أظهرت نتائج دراسة تحليلية للخطاب الصحفى المصرى تجاه التيارات الإسلامية قبل ثورة ٢٥ يناير وبعدها أجريتها مؤخرًا مع تلميذى حسين حسنى عطية عبدالنبى، ومذيع ومقدم البرامج بقناة «الغد»، أن التيار السلفى جاء فى الترتيب الثالث من حيث الحضور فى الخطابات الصحفية بالصحف المصرية بعد جماعة «الإخوان» التى حلت فى الترتيب الأول والتيارات الإسلامية ككل (بشكل عام)، والتى حلت فى الترتيب الثانى.
وطبقا لمدخل التحليل الثقافى لمحتوى وسائل الإعلام، الذى يدرس الثقافة المقدمة عبر وسائل الإعلام دون أن يعزلها عن بيئة إنتاجها وسياقاتها الاجتماعية والسياسية، فقد كشف التحليل حدود دور المضامين الإعلامية المختلفة المقدمة عبر وسائل الإعلام، فيمكن تفسير هذه النتيجة بأن «جماعة الإخوان» كانت صاحبة الحضور الأقوى فى الخطابات الصحفية فى فترة ما قبل الثورة عن طريق المشاركة فى الانتخابات البرلمانية وانتخابات النقابات، وما صاحب ذلك الحضور من جدل بشأن خلطها السياسة بالدين واستخـدام الشعارات الدينية بالمخالفة للقـوانين والضوابط الحاكمـة للعمليـة الانتخـابية، بخلاف الجـدل الذى كان ثائرًا بشأن الصفقات التى قيل إنها كانت تعقدها مع نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، أما فترة ما بعد الثورة فكانت «جماعة الإخوان» صاحبة النصيب الأكبر من النقاش المجتمعى لعدة اعتبارات أهمها: الالتباس الذى خيم على موقف الجماعة من الثورة فى أيامها الأولى، إلى جانب مساهمتها بعدد كبير من الأعضاء فى الجمعية التأسيسية التى قامت بإعداد الدستور، ما جعلها موضع اتهام بالهيمنة على الجمعية وقراراتها، كذلك مشاركة الإخوان بقوة فى الانتخابات التشريعية وفوزها بعدد كبير من المقاعد فى الانتخابات البرلمانية، ثم تشكيلها الحكومة الجديدة التى أعقبت حل حكومتى د. يحيى الجمل، ود. كمال الجنزورى، إضافةً إلى فوز مرشح الجماعة فى أول انتخابات رئاسية بعد ثورة ٢٥ يناير.
بينما يمكن تفسير حلول التيارات الإسلامية مجتمعة (الإخوان والسلفيون) فى الترتيب الثانى بعدة أسباب أبرزها أن بعض منتجى الخطابات الصحفية كانوا يضعون الإخوان والسلفيين والتيارات الإسلامية الأخرى فى خانة واحدة، فيطلقون عليهم جميعًا التيارات الإسلامية، إلى جانب التحالف بين الإخوان والسلفيين بعد الثورة، كما كان مصطلح التيارات الإسلامية يستخدم فى الأوقات التى كانت تنفجر فيها الخلافات بين جماعة «الإخوان المسلمين» وذراعها السياسية المتمثلة فى حزب «الحرية والعدالة» وبين التيار الأكبر داخل الجماعات السلفية المتمثل فى «حزب النور» نتيجة عدة أسباب، أهمها سيل الاتهامات المتبادل بين الجانبين بالفساد والتسلط واحتكار المناصب، وأخونة الدولة بتخصيص آلاف الوظائف لجماعة الإخوان، إضافةً إلى إقالة المستشار السلفى للرئيس لشئون البيئة لأسباب غير واضحة لم يصاحبها أى دليل.
فيما يمكن تفسير حلول التيار السلفى ثالثًا فى الترتيب من حيث الحضور فى الخطابات الصحفية، بأن التيار السلفى لم يكن يعرف للسياسة طريقًا ولا ممارسة ولا مشاركة قبل ثورة ٢٥ يناير، حتى بعدما دخل ملعب السياسة بعد الثورة خطفت «جماعة الإخوان» الأضواء منه، والتى كان ينظر إليها كلاعب رئيسى فيما التيار السلفى لاعب بالتبعية أو ثانوى على أقصى تقدير، وكانت أفكار التيار السلفى فى الأغلب هى ما تجعله حاضرًا فى الخطـابات الصحفية لغرابة تلك الأفكار، إضافةً إلى بعض الممارسات السـياسية المتواضعـة مقـارنة بالممارسة السياسية للإخوان، وذلك لحـداثة عهد التيار السلفى بالسياسة التى لم يمارسها طوال تاريخه سوى بعد ثورة ٢٥ يناير.
كما كشفت النتائج أن القيادات السلفية جاءت على رأس القوى الفاعلة السلفية، فيما جاء «حزب النور» والتيار السلفى بشكل عام فى الترتيب الثانى، أما المنتمون للتيار السلفى بشكل عام فجاءوا فى الترتيب الثالث، فيما جاء أعضاء «حزب النور» فى الترتيب الأخير، كما أوضحت النتائج أن غالبية القوى الفاعلة السلفية جاءت فى موقع رئيسى من الأحداث فى الخطابات الصحفية، فيما جاءت نسبة قليلة فى موقع ثانوى.
أما على مستوى اتجاهات منتجى الخطابات الصحفية تجاه القوى الفاعلة السلفية، فجاءت النسبة الأكبر من هذه الاتجاهات سلبية، فيما جاءت الاتجاهات الإيجابية فى الترتيب الثانى بينما جاءت الاتجاهات المحايدة فى الترتيب الأخير، وفى هذا الإطار نسبت الخطابات الصحفية المثارة بصحف الدراسة للتيار السلفى عديدًا من الأدوار التى جاءت سلبية فى معظمها، منها: (أنها كانت مختفية تحت سطح الماء مثل جبل الجليد العائم)، و«أنهم عملوا بشكل صريح مع مباحث أمن الدولة»، وكانوا ضد ثورة ٢٥ يناير التى انضموا إليها، و«كانوا يريدون بالأساس القفز على ثورة ٢٥ يناير، وصعدوا سريعًا فى الشارع والإعلام، وأثاروا غضب الكثيرين بما فى ذلك مؤسسة الأزهر».
ولم تختلف الصفات المنسوبة للتيار السلفى بشكل عام فى الخطابات الصحفية عن الأدوار المنسوبة إليهم فى الخطابات الصحفية، فالصفات هى الأخرى جاءت سلبية بدرجة كبيرة جدًا، ومنها: «ممارسات السلفيين ليست من الدين فى شيء ولا تندرج تحت بند السياسة، وأفكارهم متطرفة، وأصحاب النظريات المتشـددة، ومقتنعون بأنهم الفرقة الناجية، وكان منهجهم الابتعاد عن العمل السياسى تفاديا لبطش السلطة».
أما الأدوار المنسوبة لحزب «النور» فى الخطابات الصحفية فكان أبرزها: «أنه حرص على عدم الانجراف، وشرع فى تقديم نفسه وتوضيح ما يسعى إليه، تورط أنصار بعض مرشحيه فى حملات لتشويه المنافسين والادعاء عليهم بغير حق واتهامهم بما ليس فيهم خلال انتخابات مجلس الشعب، خرجت بعض ممارسات مرشحيه عن القواعد والمعايير»، ومن الصفات المنسوبة لحزب «النور» فى الخطابات الصحفية: «الحزب السلفى ذو التوجه الوهابى الخالص، الشريك الأساسى لحزب الحرية والعدالة، ضمن أهل وعشيرة الرئيس محمد مرسى».
وأشارت النتائج إلى أن القيادات السلفية حضرت كقوى فاعلة بشكل أكبر فى الصحف الخاصة والحزبية ثم الصحف القومية فى الترتيب التالى، بينما لم يأت أعضاء حزب «النور» كقوى فاعلة سوى فى الصحف القومية بتكرارين، أما المنتمون للجماعة السلفية فجاءوا فى الصحف الحزبية والقومية فقط، وبالنسبة لحزب «النور» فحضر بشكل أكبر فى الصحف القومية، ثم تلتها الصحف الحزبية، بينما لم يحضر فى الصحف الخاصة، أما التيار السلفى بشكل عام فحضر كقوى فاعلة بشكل أكبر فى الصحف القومية، ثم الصحف الخاصة فى الترتيب الثانى، أما الصحف الحزبية فخلت من التيار السلفى بشكل عام كقوى فاعلة.
إن السلفيين يحاولون أن يقدموا لنا أنفسَهم من جديد، ولكن بخلط الدين بالسياسة، وهى تلك الخلطة المسمومة نفسِها التى قدمها الإخوان، وكأن المصريين قد أصابهم فقدانَ الذاكرة، ولم يخبروا مواقفَ السلفيين من ثورتيْ يناير ويونيو، ولم يشهدوا حرقَ المتشددين منهم للكنائس واضطهادهم للإخوةِ الأقباط، ولم يَروْا أداءَهم السيئ فى مجلسِ الشعب المنحل، ولم يجربوا عليهم كَذِبَ مِنْخَاِر البلكيمى، ولم يروْا أنهم لا يقفون احتراما للعلمِ المصرى.. علمِ الدولةِ التى يتطلعون لحكمِها، ولم يَروْا من فتاوى مشايخِهم العجبَ العُجَاب بدايةً من تحريمِ الخروجِ على الحاكمِ أيامَ مبارك ومرورًا بتحريمِ المعايدةِ على الإخوةِ المسيحيين فى أعيادِهم وانتهاءً بفتوى مضاجعةِ الوداعِ مع الزوجةِ بعدَ وفاتِها.
أيها السلفيون لا تفسدوا الدين بخلطه بالسياسة، فخلطتكم المسمومة جربها الشعب المصرى مرة، وتعلم ألا يعود إليها بالمَرة.