كنت حينها فى المرحلة الإعدادية، وكان المد الإسلامى على أشده فى القرى، لم نكن حينها ندرك المسميات ولا نفرق بين السلفيين والإخوان والجهاديين، كما أن بعض المشايخ المنضمين إلى هذا الحراك لم يكونوا على علم بما يجرى فى الكواليس، وإنما كان فى ضمائرهم أنهم يعملون لله، ومن الجفاء إنكار أننى تعلمت على يد بعضهم ما ظل عالقًا فى ذهنى حتى الآن، فأحدهم كان سببًا فى أننى حفظت سورة «الكافرون» و«البينة» بسلاسة، بعد أن كانتا عقدتين لى، هذه التجارب علمتنى أن أكون وسطيًا فى كل شىء.. وألا أتحزب.. ولا أندرج طيلة حياتى تحت أى مسمى.. يمينى أو يسارى.. الدين بينى وبين ربى.. وأن أسدد وأقارب ولا أغالى.. وأن أتودد إلى الله بقلبى وليس بمظهرى.. وألا أحاكم الناس على عقائدهم.. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. علىّ بنفسى فقط.. وبدأت أسعى لأن أكون مسلمًا حقًا وليس بالوراثة.. أقرأ ثم أعقل لكى لا أكون «تابعًا لينا.. يحشوه من أراد فكرًا»، نعود إلى المرحلة الإعدادية.
فى هذه الآونة بات معروفًا مسجد الجماعات الإسلامية، حينها كان الأطفال والشباب من أكثر الرواد، وكانت الأسر لا تمانع، فلا أحد يكره أن يذهب ابنه للمسجد، كنا نستيقظ نصلى الفجر ثم نذهب لنلعب الكرة، وكانت هناك قواعد ثابتة لا يمكن بأى حال من الأحوال نسيانها، وهى نطق «سبحان الله» لدى تمرير الكرة لزميل، و«الحمد لله» حين تصله، و«الله أكبر» إذا نجحت الهجمة وسجلنا هدفًا فى مرمى الفريق الآخر، هذا وتختلف الأذكار من حالة الهجوم إلى حالة الدفاع، فإذا انقطعت الكرة يكون الذكر «لا حول ولا قوة إلا بالله»، وإذا تحول الأمر إلى هجمة مرتدة، صاح أفراد الفريق «اللهم حوالينا ولا علينا»، ثم إذا ما أحرز الخصم هدفًا فى مرمانا، قلنا «قدر الله وما شاء فعل».