خيانة الوطن هى أحقر وأقذر أنواع الخيانات قاطبة، ومقترفها يعاقب فى أغلب الدول بالإعدام، إذ لايستحق العيش من يساهم بشكل أو بآخر فى إلحاق الضرر بوطنه سواء بالقول أو الفعل، وخيانة الأوطان قديمة قدم التاريخ، وقد تميزنا بها نحن العرب وتفردنا، فشيخ مشايخ دمشق فى القرن السابع الهجرى «سيف الدين المنصورى» ذهب بنفسه لمقابلة «قازان» ملك التتار، وعرض عليه مساعدته فى دخول دمشق وإسقاط الخلافة العباسية، مقابل أن يوليه إمارة حين يتمكن من البلاد، والوزير «خاير بك» الذى أطلق عليه المصريون «خاين بك» هو من ساند وساعد الأتراك فى الدخول إلى مصر ١٥١٧، ووالى عكا هو من فتح أبواب المدينة للصليبيين، وفى سلسلة المقالات الأخيرة التى دافعنا فيها عن الزعيم الوطنى أحمد عرابى ربما لم نتوقف طويلا أمام الأميرالاى «على يوسف خنفس» الذى ساند الإنجليز فى احتلالهم مصر، وكثيرة هى الأمثلة، بل هى لا تعد ولا تحصى وتحتاج لمجلدات وكتب، ولكن أليس غريبًا أن تكون نهاية معظم هؤلاء الخونة مأساوية؟، فبعضهم قتله الغزاة أنفسهم وبعضهم أصيب بالجنون ومنهم من انتحر، فبعدما كانوا يتصورون أنهم سينالون تقديرًا خاصًا من الدول التى ساندوها ووقفوا إلى جانبها ضد بلادهم، اكتشفوا أن ذلك لم يحدث، وأن المستعمر أو الغازى ينظر إليهم بعين الاحتقار، لأنهم خانوا بلادهم، وبمجرد أن ينتهى الخائن من عمله ويؤدى مهمته على أكمل وجه، يقرر الغازى الخلاص منه لأنه ليس أهلًا للثقة، وكان هتلر يقول: «أسوأ من تعاملت معهم هم الذين ساعدونى على احتلال بلادهم»، أما نابليون فقد نصح بالاعتماد على هؤلاء الخونة حتى تصل إلى غرضك ثم أول شىء تفعله هو قتل هذا الشخص، لأن خائن وطنه لا يؤتمن على شىء، وأنا أكتب هذا بمناسبة الذين يحاولون إثارة الغرب علينا، فيذهبون إليهم ويكتبون لهم عن حقوق الإنسان فى مصر وعن التعذيب والاختفاء القسرى والمعتقلات وحرية الرأى، ويطالبون دول أوربا بالضغط على مصر وتعليق المساعدات الاقتصادية ووقف السياحة وكل أشكال التعاون، أو بمعنى أدق هم يريدون خراب مصر، ولم يفكر أحدهم قط فى مصير هذا الشعب الذى عانى كثيرًا ولم يزل، وعندما بدأ يشعر بنوع من الاستقرار وظهر فى الأفق أمامه بصيص أمل ذهب هؤلاء لمقابلة الرئيس الفرنسى السابق، ليسألوه صراحة، لماذا تساند مصر وتتجاهل ما يحدث فيها من ديكتاتورية وتعذيب؟، ولو كنت مكان الرئيس الفرنسى لرددت عليهم بقولى، أين تلك الديكتاتورية وصفحات «الفيسبوك» وغيره من مواقع التواصل الاجتماعى مليئة بالشتائم القذرة لرئيس مصر وحكومتها، وأين تلك الديكتاتورية ولم يقصف قلم أى كاتب انتقد الرئيس أو الحكومة؟، وإلى هؤلاء أقول، ألم يكن أجدى بكم أن تطلبوا من الرئيس الفرنسى حين قابلتموه مزيدًا من دعم مصر بمشروعات جديدة، وأن تقولوا له اجعل السياح يأتون إلينا فالبلد آمن، ولكنكم أردتم أن تنشروا الغسيل المتسخ أمام الأغراب غير عابئين بمصلحة الوطن، ولا بالشعب المسكين الذى لم يمنحكم توكيلًا للحديث عنه، والذى فاض به الكيل منكم ومن أمثالكم ويريد الاستقرار، ودعونى أسألكم هل صدقتم لجانكم الإلكترونية وقناة الجزيرة التى تؤكد أن الملايين من شعبنا يتطلع إلى ثورة جديدة؟
وهل أمرضكم الخيال لدرجة أن يصدق البعض أن خالد على سيحصد أغلبية منقطعة النظير فى الانتخابات القادمة أو أنه سيحصل فى الأساس على التوكيلات اللازمة للترشح، لا أيها السادة إياكم والوهم، لقد كره الشعب المصرى الثورات وقطع العيش وغلق المحال، ولعلكم رأيتم بأنفسكم أصحاب المحلات فى وسط العاصمة وهم يتصدون لكم يوم أن خرجتم لرفض اتفاقية تقسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، وراحوا يقبضون عليكم ويسلمونكم للنيابة ويحررون المحاضر ضدكم، اصمتوا هداكم الله، واتركوا الوطن لمن يحبه ويعمل ليل نهار من أجل رفعته، فثمة أناس لا تغفل أجفانهم من أجل هذا الوطن ويضحون بأرواحهم من أجله، أما أنتم فصراعكم من أجل المنصب والجاه والظهور الإعلامى، و«اليوتيوب» ليس ببعيد عنا وهو يحفظ فيديوهات لكثير منكم وأنتم تتحدثون فى محافل عالمية أمام بعض المسئولين فى أمريكا وغيرها، وتبكون حال مصر وتستنجدون بجيوش هذه الدول ولست أنسى تلك المرأة التى تدعى الثورية وهى تطالب أمريكا بحماية نساء مصر من جيشنا، وتصرخ بمنتهى الوقاحة «الجيش المصرى بيغتصب النساء فى شوارع مصر»، هذا بخلاف وضاعة هؤلاء الذين فروا من مصر واستقروا فى قطر وتركيا وراحوا يهاجمون جيش مصر ونظامها، بل وشعبها، فثمة معتوه ردد عبر برنامجه الذى يبث فى إحدى القنوات التركية مرددا «انتوا شعب يستاهل اللى بيحصل فيكم» ولست أصدق كم الأكاذيب التى يروجها هؤلاء، ويظنون أن الشعب يشاهدهم، وأنا أقسم لهم أن لا أحد اليوم فى مصر يشغله ماتقولون، فالكل يبحث عن لقمة العيش، والكل يرى ويشعر بالإنجازات التى تحدث على أرض الواقع، فلا أزمة وقود ولا أزمة طاقة، وبسطاء يحصلون على معاش السيسى كما يسمونه، والمقصود بالطبع هو برنامج كرامة وكفالة وبسطاء أيضا تصل أعدادهم إلى الملايين حصلوا على شقق وتركوا العشوئيات التى كانوا يعيشون فيها، وأصبح الحديث عن «فيروس سى» من الأمور القديمة ومن الذكريات، ناهيك عن شبكة الطرق التى غيرت خريطة الوطن وربطت بين المدن وبعضها البعض، وكثيرة هى الإنجازات، أما الجمعيات والمراكز المشبوهة التى تكتب تقارير كاذبة وترسلها للاتحاد الأوروبى وغيره من المنظمات العالمية، فهؤلاء ولا شك يقومون بأعمال تجسس ويتقاضون أموالًا فى مقابل هذا، خاصة وأن بعض هذه الجمعيات والمراكز تكتب فى تقاريرها أشياء مضللة وكاذبة، وعلى الجهات المعنية فى مصر أن تحاكم هؤلاء.