■ حسب المفكر المغربى عبدالله العروى؛ فإن إعجاز التنزيل الحكيم، يتحقق ببساطة فى كون لغته عربية، لكنها فى الوقت نفسه لا تشبه أى لغة عربية أخرى على مر العصور.
■ وبداية (الشهيد) فى لغة الناس هو (القتيل)، بينما فى المقصود والاستخدام الإلهى فالمعنى مختلف، قال تعالي: {هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا} [ ٢٨: الفتح]
■ ومن الآية نفهم أن الشهيد هو (الله) وليس (القتيل). وهو ما يكشف الفرق الشاسع فى معنى اللفظ واستخدامه لدى الله واستخدامه البشرى!!
■ ويجب إدراك ذلك الفرق بين استخدام البشر لألفاظ العربية، واستخدام الله لألفاظها.
■ فمن الخطأ والخطر التعامل مع معانى الألفاظ فى كتاب الله وفقًا لمقاصد الألفاظ لدينا نحن البشر أو وفقا لمعانيها فى لسان العرب ومعجمهم!!
■ لأن الاستخدام الإلهى لـ(لفظ) مختلف ومعانى الألفاظ مختلفة تماما فى كتاب الله عن معانيها فى استخدام البشر.
■ ولقد وقع المفسرون العرب فى هذا الخطأ (ضمن ما وقعوا فى أخطاء عدة) ففسروا آيات الكتاب وفقًا لمعانى الألفاظ فى الاستخدام البشرى العربى، ولسان العرب، فحدث ما لا يحمد عقباه، وتم التغول والتقول على الله، وتم تغيير المقصود الإلهى تماما والانحراف عنه بدرجات متفاوتة، وفى اتجاهات معاكسة تصل أحيانًا إلى الضد!!
■ خذ مثلًا لفظة (الشهيد) ومعناها فى الاستخدام الإلهى، والذى يعنى {الله أو الرسول أو الأنبياء السابقين أو المؤمنين} و(الشهداء) فى الاستخدام الإلهى هم (من يحضرون الواقعة ويشهدونها بأعينهم ويسمعونها بأذنيهم). قال تعالي:
■ {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون} [٩٨: آل عمران]
■ {فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين} [٢٩: يونس]
■ {لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا} [١٦٦: النساء]
■ {ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا} [٣٣: النساء]
■ {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا} [٧٩: النساء]
■ {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} [١٥٩: النساء]
■ {ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب}
[ ٤٣: الرعد]
■ {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله وهو على كل شيء شهيد} [٤٧: سبأ]
■{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [٤١: النساء]
■ {ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون} [٨٤: النحل]
■ {ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد} [١١٧: المائدة]
■ {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم} [١٤٣: البقرة]
■ {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} [١٣: النور]
■ {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون} [٤: النور ]
■ {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين} [٦: النور]
■ {..... إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم} [٢٨٢: البقرة]
■ قال النبى (صلى الله عليه وسلم) عن قتلى معركة بدر من الجانبين: (قتلانا فى الجنة)، و(قتلاهم فى النار) لاحظ قتلانا وقتلاهم. نرجو الإدراك.