الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سنة أولى تعويم للجنيه؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بالرغم من مرور عام على قرار البنك المركزى بتعويم الجنيه المصرى يوم ٣ نوفمبر ٢٠١٦ الماضى ضمن إجراءات عدة اتخذتها الحكومة لإصلاح التشوهات التى أصابت الهيكل الاقتصادى نتيجة لتخبط السياسات المالية غير الواضحة التى انتهجت على مدار العقود السابقة؛ حيث جاء تحرير سعر الصرف الذى اتخذه البنك المركزى لمواجهة أزمة ندرة النقد الأجنبى والقضاء على السوق الموازية للعملة، إلا أن أحوال المواطن لم تتغير إلى الأفضل تماما، ولا يزال يئن تحت وطأة الارتفاع الجنونى فى أسعار السلع الأساسية واللحوم والخدمات من كهرباء ومياه ومواصلات ودواء ومصروفات تعليم وغيرها من الأزمات الناتجة عن ارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الجنيه إلى أقل من الربع، علاوة على فرض ضرائب القيمة المضافة، على الرغم من أن البيانات الرسمية تشير إلى ارتفاع قياسى فى احتياطى النقد الأجنبى، ليصل إلى نحو ٣٦.٥ مليار دولار، ليعود إلى ما قبل ٢٠١١ بزيادة نسبية، بالرغم من تأكيد البنك الدولى أن معدلات النمو فى الاقتصاد المصرى بلغت ٥٪، وذلك نتيجة تحسن إيرادات السياحة والصادرات وانحسار الواردات وغيرها من المؤشرات الإيجابية، بينما لم يشعر المواطن الغلبان بأى تحسن مباشر على أحواله المعيشية!
ونتيجة الارتفاع الكبير فى الأسعار بعد صعود سعر الدولار، أصبحت هناك تحديات تواجه استمرار مصر فى معركتها الإصلاحية الاقتصادية، وعلى رأسها التضخم والفائدة غير المسبوقة على الإيداع والإقراض، ومع ذلك فإن ارتفاع معدلات التصدير فى الربع الأول من العام المالى ٢٠١٧ إلى ٥.٣ مليار دولار تلاها ٥.٧ مليار دولار فى الربع الرابع من ٢٠١٧، وجميعها تؤكد أن الإجراءات الأخيرة استطاعت إصلاح التشوهات نسبيا وعدم الاتزان بين الواردات والصادرات.. كما أن بيئة العمل قبل التعويم كانت تشجع على الاستيراد وبعد التعويم غيرت الشركات منهج عملها لتعتمد بشكل أكبر على عمليات التوريد المحلى ورفع جودته وفقا لمتطلبات أسواق التصدير، وأصبحت الشركات التى تستغل البيع فى أسواق محلية مجبرة على التصدير، خاصة أن انخفاض الجنيه أعطى ميزة تنافسية فى تكلفة إنتاجها أمام منافسيها من الدول الأخري..!
على أية حال؛ فإن التعويم للجنيه خلال عام قد ألقى بظلاله على العديد من القطاعات داخل المجتمع، أهمها قطاع العقارات الذى شهد ارتفاعا غير مسبوق، حتى أن سعر طن الحديد وصل إلى ١٢ ألف جنيه، بينما طن الأسمنت وصل إلى ١٢٠٠ جنيه، مما أثر بالطبع على أسعار الشقق السكنية التى قاربت المليون للشقة متوسطة الحال للشباب، وقد تفوق المليون كما هو الحال فى العاصمة الإدارية الجديدة، وفى مدينتى والشروق و٦ أكتوبر وغيرها من المدن الجديدة، علاوة على مشكلة نقص عدد من الأدوية فى الآونة الأخيرة، خاصة بعد تعويم الجنيه، والتى جاءت نتيجة ارتفاع أسعار جميع الأدوية بنسبة ٥٠٪ لارتفاع تكاليف الاستيراد، وأصبحت هذه الزيادة عبئا آخر يضاف على المرضى، ولم يبتعد التعليم كثيرا عن تأثيرات التعويم للجنيه عليه؛ فقد تضررت قطاعات التعليم المختلفة بقرار التعويم على مدار عام كامل وكانت أهم سمات الضرر ارتفاع المصروفات المدرسية والجامعية الخاصة على السواء بنسبة لا تقل عن ٦٠٪.. وربما كانت من التأثيرات الاقتصادية المهمة لتعويم الجنيه إسهام القرار فى دعم الصادرات المصرية للخارج وزيادة تنافسيتها بين المنتجات الأجنبية فى الأسواق الخارجية، الأمر الذى أدى إلى رفع أرصدة العملة الصعبة داخل البنوك نتيجة أن الصادرات أحد المصادر المهمة للدخل القومى، ولا بد من إظهار الحقائق أمام الناس، وأن يقوم الإعلام بدوره التنموى المفقود بدلا من الحديث حول «تخاريف فريدة» و«بلهارسيا شيرين».. وغيرها من التفاهات التى تصرف انتباه الناس عن حاضرهم ومستقبلهم..!