الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

محمد عبدالفتاح وسمية أحمد.. سلامًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان خروج الدورة الأخيرة للمهرجان القومى للسينما المصرية (أكتوبر ٢٠١٧)، إلى عدد من المحافظات إلى جانب القاهرة والإسكندرية، أمرًا محمودًا نثنى عليه كثيرًا.. لأنه كان ضروريًا ومطلوبًا.. وتأخر.
وملاحظة الصديق الناقد السينمائى الكبير حسام حافظ، عن المكان فى سيناء أتفق معها تمامًا.. حيث كتب: كان يُفضل أن يذهب المهرجان إلى جنوب سيناء بدلًا من شمالها للظروف الحالية.. وقد قلت نفس الملاحظة للناقد والمؤرخ السينمائى الكبير محمد عبدالفتاح، حينما اتصل بى وقال إنه سيذهب إلى العريش وطلب منى أن أذهب إلى المنصورة.. لندير ندوات المهرجان فى المحافظتين.
فرجوته.. أن يقترح تغيير مكان العريش.. خشية على حياته، فضحك قائلًا: تفتكر هيجرى لى إيه؟.. هموت؟.. ثم تحول صوته إلى نبرة جادة قائلًا، كأنه يحدث نفسه: الأعمار بيد الله.
وبالفعل كان الله مقدرًا لإتمام حياته فى دنيانا.. فى نفس التوقيت، بيد الله سبحانه، لكن ليس من خلال أعمال قتل وإرهاب.
لكُل أجل كتاب، وقد أتم الله مسيرة حياته، ومسيرته النبيلة الثرية بالعطاء والكتب القيمة.. ومرارًا كنت أقول له: إن مجموعة كتبك عن شخصيات رائدة أو بارزة فى تاريخ السينما المصرية، تمثل موسوعة حقيقية كاملة بكل معنى الكلمة، وأتمنى أن يعاد طبعها كأجزاء فى سلسلة وكموسوعة، وبطريقة تجعلها فى متناول القراء بيسر.. فكان يعلق: وأنا أتمنى هذا بالطبع.. لكن كما تعرف توجد عوائق كثيرة فى النشر.
دار مثل هذا الحوار فى مرة، ونحن نزوره فى غرفته بمهرجان الإسكندرية السينمائى قبل الأخير (٢٠١٦): كل من الناقدين الصديقين العزيزين حسام حافظ وياقوت الديب وأنا، (وحيث كنا نكون لجنة التحكيم الممثلة لجمعية نقاد السينما المصريين فى المهرجان).
فى ذلك المساء، وصل بنا الحوار إلى التوقف كثيرًا أمام ما يمكن أن نسميه (مأساة كتاب أحمد الحضرى فى تاريخ السينما المصرية)، فهذا الكتاب الذى يعنى جهدًا عظيمًا ولا يعوض للحضرى الأب الروحى للثقافة السينمائية وللتوثيق والتأريخ السينمائى، معطل وحتى الآن، منذ سنوات طوال، فى الهيئة المصرية العامة للكتاب.. وكان الحضرى حاضرًا فى المهرجان ويتحرك على كرسى لكن بدأب وحب لا ينتهى للسينما وعالمها الفريد، وتحدثنا ليلتها عن عوائق النشر وتعطيل الهيئة لهذا الكتاب.. وكيف يمكن أن نبذل قصارى الجهد، لكى يفرح الحضرى بكتابه بين يديه.. لكن الرجل ذهب للقاء ربه ولم ير الكتاب النور، وحتى الآن، رغم كل الجهود التى بذلت لكن دون جدوى. وها هو محمد عبدالفتاح يلحق برفقاء من آباء النقد والثقافة السينمائية ذهبوا للقاء الله تباعًا وسريعًا فى الفترة الأخيرة: «أحمد الحضرى ـ صبحى شفيق ـ مدكور ثابت ـ يعقوب وهبى ـ محمد كامل القليوبى ـ سمير فريد ـ مصطفى درويش» أسسوا وأنجزوا، وأسهموا بعطاء وفير، ملأوا حياتنا الثقافية حيوية ورقيًا، ولسوف يستمرون فى حياة وطننا وثقافتنا الوطنية، حيوية دائمة، وعطاءً متجددًا على مر الأزمنة. لقد كتب محمد عبد الفتاح كتبًا ودراسات كثيرة، عن شخصيات فى إبداعنا مؤثرة.. وهى أفضل وأوفى دراسات كتبت لدينا عن هذه الشخصيات، كتبها بأمانة علمية فائقة، وبأناة ورهافة ورصانة، وهى سمات عرفت بها شخصيته ذاتها.. إنها كتبه المتعمقة المدققة عن: المخرجين الأخوين حسين فوزى وعباس كامل، ونيازى مصطفى، وحسن الإمام، والمخرج التسجيلى فؤاد التهامى، وإسماعيل ياسين، والناقدة خيرية البشلاوى.. وغيرهم.
وبالنسبة لى فإنه ستظل تصاحبنى دائمًا أنبل وأرقى مشاعر الأب الحانى محمد عبدالفتاح، إلى جانب الرؤى الثاقبة والعطاء العلمى المنير، لديه كناقد وباحث رائد ومؤرخ قدير.
فى الثانى والعشرين من أكتوبر (٢٠١٧) رحل الناقد الكبير والأب الغالى «محمد عبدالفتاح»... وقبلها بعشرة أيام فى الثانى عشر من أكتوبر ذاته رحلت الزميلة والصديقة الغالية سمية أحمد، الكاتبة والصحفية الكبيرة فى جريدة «الجمهورية»، والتى انشغلت على الخصوص فى مقالاتها وتحقيقاتها وحواراتها الصحفية بالشئون العربية، ولم يكن ذلك فحسب واجبًا تؤديه بأرفع الكفاءة المهنية، وإنما كان بالأساس انتماء فكر، وقضية عمر، فإن سمية عروبية قلبًا وعقلًا وروحًا وعطاء، منذ انخرطت فى كفاح الحركة الطلابية النبيل، المنطلق منذ السبعينيات الماضية، وكانت ضمن كوكبة فارسات من هذا الجيل، عروبيات لم تشهد الحركة الوطنية الحديثة مثيلًا لنقاء وعطاء كل منهن.
المجد والعرفان بلا حدود، لهذه الكوكبة من الفارسات المعطاءات بتجرد وبلا حدود، ضمن الجيل الذهبى فى السبعينيات: جيل بناة حركة عروبية وناصرية حديثة... تغادر «سمية» دنيانا إلى حياة أبقى وأجمل بإذن الله.. وتلحق: بصديقتها ورفيقتها أمل محمود.. التى كانت سمية تحدثنى بإعجاب عن دورها الدؤوب الهائل فى الجامعة، حينما احتجت عند كتابتى إلى معلومات أكثر عن جيل السبعينيات فى جامعتى «عين شمس» و«القاهرة»، كانت آنذاك تحدثنى بصوتها الهادئ لكن الجلى القوى، أما مؤخرًا وفى خضم معاناة المرض، وحيث إجراء أكثر من عملية، فكانت تتحدث بصوت واهن، لكن كله أمل وجسارة وثبات فى مواجهة الداء الصعب، وبروح صامدة بل باسمة متقبلة، وبنفس (راضية).. وفى آخر مرة كانت تقول لي: لم أعد أقدر على قراءة كل ما أريد كما كنت أفعل.. أجد الآن تسليتى الممكنة فى متابعة (قناة رياضية).. ومسلسل يعاد عرضه للفخرانى.
فتذكرت نقاشنا واتفاقنا قبيل كل رمضان.. على المسلسلات والبرامج التى سنركز عليها فى المشاهدة.
لحقت «سمية» برفيقتها «أمل».. وغيرها ممن سبقن وسبقوا إلى الله ورحابه، بعد آخر معارك نبلها مع مرض شديد الصعوبة، فتحيات وعرفانًا على الدوام.
محمد عبد الفتاح
وسمية أحمد
مع السلامة