وأخيرا وصل أمر واضعى اليد على أراضى الدوله إلى عنق الزجاجة
ولم يعد يحتمل الهزار فإما أن يستمر ضياع هيبة الدولة وإما تثبيت هيبتها.
الجميع يدرك أن ملف الاستيلاء على الأراضى لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، فالذين استولوا على آلاف الأفدنة ضربوا بعرض الحائط كل القطاعات وكل شرائح المجتمع على أساس أن هيبتهم وأموالهم أعلى من هيبة الدولة وأنه لا أحد يستطيع الاقتراب منهم باعتبار أنهم نافذون فى كل القطاعات ولهم أعلامهم وقنواتهم الفضائية التى يقومون باستعمالها عندما تقترب منهم يد الدولة بدعوة ضرب الاستثمار وتحريض الهيئات الدولية.
وهكذا استمرت هذه الدعاوى لسنوات طويلة لتكون حماية لمصالح فئة محددة من بقايا الحزب الوطنى القديم وعدد من المحتكرين الذين يطلقون على أنفسهم مرة رجال أعمال ومرة أخرى مستثمرين وتحت هذا الغطاء قاموا بالاستيلاء على ملايين الأفدنة تحت مسمى زراعة الصحراء وعندما تمتد إلى هذه الأراضى شبكة الطرق والبنية الأساسية تتحول المزارع إلى مدن سكنية ويباع المتر الذى تم شراؤه بجنيه واحد إلى عشرة آلاف الجنيه وتتضخم ثروات هؤلاء على حساب الفقراء الذين هم فى الأصل الملاك وأصحاب المصلحة العليا فى هذا الوطن وأكثرية هذا الشعب ومن يرصد تضخم الثروات من السبعينيات إلى الآن يلاحظ أن عددا كبيرا من الأثرياء قد تكونت ثرواتهم من شراء الأراضى وبيعها بعد تسقيعها أو من تحويل الأراضى التى تم شراؤها بدعوة زراعتها إلى فيلات وقصور ومنتجعات تباع بملايين الجنيهات.
وهؤلاء الذين حققوا الثروات الطائلة من بيع وتسقيع الأراضى لم يتبرعوا بمليم واحد للمشروعات الاستثمارية ولم يساهموا فى أى خطط اجتماعية للنهوض بفقراء هذا الوطن حتى أنهم لم يتبرعوا بتقديم أموال للصناديق الاجتماعية التى ترعى الفقراء.
فهم يعيشون فى أبراج عالية لا يشعرون بآلام الفقراء واثقين أن أموالهم تحميهم من أى شىء مستغلين انشغال الدولة وأجهزتها بمحاربة الإرهاب، بالإضافة إلى أن الدولة أعطتهم أكثر من فرصة ليعيدوا حساباتهم إلا أنهم لم يفهموا ولم يدركوا الرسائل العديدة التى وصلتهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ومن هنا زاد تكبرهم وغطرستهم بالبعد عن أى إسهامات فى تقدم هذا الوطن.
واليوم يريدون التصالح لتقديم فتافيت بقايا الطعام الذى يتساقط من أفواههم مقابل أن تترك لهم الدولة المليارات يستمتعون بها غير مبالين بمعاناة هذا الشعب.
ويبدو أن هذا الشهر والأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت سواء من واضعى اليد أو من الدولة نفسها وهو ما يستلزم أن تكون الحكومة متابعة لكل التطورات وأن تتخلص من الأيدى المرتعشة من بعض الوزراء الذين يتجنبون اتخاذ القرارات.
وعلى الجميع أن يعرف أن هناك سيناريوهات يقوم بإعدادها واضعو اليد حتى تتراجع الدولة عن ملاحقتهم فى ظل هذه المعطيات ما سيقوم بها واضعو اليد وأتباعهم من قوى الظلام والتخلف والفساد؛ لأن سلاح المال أقوى فى شراء ذمم الضعفاء.
والمؤسف أن بعض الجهات الحكومية يمكن اختراقها من جانب واضعى اليد عن طريق الرشوة والفساد وهو ما يتطلب استمرار حملات الإزالة وحماية الملكية العامة والخاصة، كما يجب التنسيق الكامل بين كل أجهزة الدولة وعلى رأسها القوات المسلحة والشرطة لضمان التنفيذ الأمثل لتوجيهات الرئيس بإنهاء ظاهرة وضع اليد إما بالتقسيم الذى بدأته لجنة محلب للجادين والذين استثمروا الأرض وزرعوها بالفعل أو سحب الأراضى لمن قاموا بتسقيعها أو المتاجرة بها.
نحلم بيوم لا نرى فيه كلمة يبقى الوضع كما هو عليه فيجب تقنين وضع اليد وتشريعات سريعة تمنع تكرار هذه الظاهرة لينعم الجميع بالسلام والأمان.
إن العمل الحقيقى للحكومة هو تسهيل أمور الناس وتسييرها وهذا التسهيل فى حقوقهم وعدم التفرقة بينهم ليس بالكلام وحده تستعيد الدولة هيبتها ولكن بالقرارات والخطط المدروسة على أساس أن واضعى اليد قد أشاعوا الفوضى فى الكثير من الأماكن على حساب هيبة الدولة.
من يريد الإصلاح فى مصر فإن الامتحان العملى محاربة ومكافحة الفساد والتمسك بالحقيقة والمسئولية وعدم صم الآذان عن مشاكل وطموحات الأكثرية المصرية الصامتة ورغبتها فى بناء دولة العدالة.
المصريون يستحقون حياة ودولة ذات هيبة شديدة وقوية.