كان أسبوعًا ضاجًا بالحوار قضيته بتونس، فقد شاركتُ مشروعا إعلاميًا لمنظمة مدنية ليبية هى منبر المرأة الليبية التى تترأسها السيدة شهر زاد المغربى ولها سنوات من العمل بتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا (تأسست نوفمبر ٢٠١١)، المشروع الإعلامى يتمثل فى تسجيل حلقات لبرنامج تليفزيونى حوارى تستضيف من خلاله بعض النُخب من المشتغلين والناشطين بمجالات متعددة، مما خضتُ كان حوارا مع د. ليلى بوقعيقيص الطبيبة المُستشارة الخبيرة فى شئون الصحة، والتى تعاونت منذ المجلس الانتقالى الليبى فى مشاريع تحديث القطاع والنهوض به، ليلى ترى أن الصحة الجسدية والنفسية عامل مهم لإرساء سلم واستقرار الأفراد، أما الناشطة هند صاكى، والتى شاركت فى عقد مصالحة وطنية بين مدينتين وفقدت أخا شهيدا أثناء الثورة فقد دعت إلى فتح صفحة للتسامح وتنقية النفوس وأن على كل أم وأخت وزوجة فقدت عزيزا أن تقود رسائل ودعوات سلمية تُرسى لمرحلة جديدة نكفُ فيها عن تجذير المواجع والنحت فيها لأجل انتقام أو ثأر أو نبذ لبعضنا البعض، المنظمة باشرت مشروعها تحت عنوان «دوائر السلام»، إدراكا لواجب ودور المنظمات المدنية - والمُتراجع فى هذه المرحلة- عبر توظيف الخطاب الإعلامى الذى فيه إسماع للصوت ومشاركة وطنية مُلزمة فيما تنشغل به حوارًا المؤسسات التشريعية من برلمان ومجلس دولة استشارى، كان هدف المشروع الإعلامى طرح أسئلة للمتحاورين بالبرنامج منها: كيف ينظرون لخلق حالة السلم المجتمعى، وإرساء دعائم المسار الديمقراطى فيما ستشهدهُ البلاد مع الانتخابات المقبلة ٢٠١٨، إنهاءً للمراحل الانتقالية، وظل السؤال الخاص بالبرنامج الحوارى دور المرأة فيما عدا أنها مُكون مجتمعى رئيسى كما وكيفا، فإنها الأكثر تحملا لمسئولية رعاية واحتضان أسرة حين تفقد مُعيلها إذ يذهب الرجال ضحايا وشهداء لواجب الوطن فى مكافحة الإرهاب والتطرف فتصبح مسئوليتها أكبر.
تونس بشتائها الذى بدا ربيعيا مُنعشا! والتى احتضنت تسجيل برنامجنا الحوارى ورغم شكوى الأزمة الاقتصادية التى عمرت بها جرائدها كما سمعته من صديقتى الصحفية آسيا العتروس ابنة جريدة «الصباح» منذ عقود، عن أزمة اقتصادية كُبرى تمس انهيار الدينار التونسى مقابل سعر الدولار، وتُقارِن غلاء الحياة المعيشية، فهناك غلاء فى الأسعار ظاهر، لكن تناقضا ظهر فقد ازدادت المقاهى التى تفترش الأرصفة ويكثُر مرتادوها، وأنواع من المطاعم التى تقدم وجبات ذات أسعار متفاوتة، كما المحلات والدكاكين صغيرها وكبيرها مساحة، لن أضيف أن حال السياحة التى تشهدها تونس فى شهور معينة من السنة ضعفت عن نسبها المُقدرة سابقا، لكن سياحة ليبية سواء علاجية أم من اتجهوا للإقامة بتونس التى لا تطلب تأشيرة دخول من الليبيين قارب المليون عامى ٢٠١٠ و٢٠١١ وهؤلاء أقاموا لأعوام بل بعضهم من التجار ورجال الأعمال ولمرونة فى قوانين تونس المصرفية والمالية وضعوا أرصدتهم وشغلوها بالبنوك التونسية، ولم يَخفْ التواجد الليبى على الأراضى التونسية إلا مع هذه السنة، كل ذلك يجعلُ الأمر مثار استغراب وتعجُب!
كانت داعيات السلام معنا تونسيات عقدن الدورة الثالثة لمهرجان المسرح الدولى «مرا» وهو مُسمى محلى للمرأة، فى زيارتى للمركز الجامعى للفنون الدرامية والأنشطة الثقافية بتونس العاصمة قابلت الفنانة المسرحية ومخرجة الأفلام ارتسام صوف، وهى مسئولة بالمهرجان تبادلنا حوارا عن هموم النساء والتحديات التى يواجهنها وروح المقاومة المتبوعة بالحضور والمبادرة منهُن، المهرجان يحكى قصصهن، كما أن مشاركة ليبية تقدمها ممثلة المسرح سعاد خليل من بنغازى فى مونودراما «حنين الليل»، كثيرٌ مما ستبثه سعاد حنينا لليل سينجلى بصُبح قريب.