الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

معركة الواحات لن تكون الأخيرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابع المصريون المعركة الكبرى التى دارت أحداثها فى الكيلو ١٧٥ طريق الواحات، كما ابتهج المخلصون لمقتل ١٣ إرهابيًا، وفى الوقت ذاته حزنت الأوساط الإخوانية حتى إن موقعًا إلكترونيًا تموله قطر وصف نتائج المعركة بأنها مأساوية، نعم مأساوية لهم مبهجة لنا.
وقبل أن يتمطع المتنطعون بقولهم: هل أنت راض عن مسلسل نزيف الدم من الجانبين؟ أقول لهم: «العبوا غيرها» ليست كل الدماء سواء، فالذى تشهده مصر منذ إزاحة حكم المتأسلمين ليس أقل من حرب حقيقية، ينفذها خونة بالمعنى الحرفى لكلمة الخيانة، متسترين خلف لحية كاذبة وتدين كاذب، خونة لأنهم ارتضوا أن يكونوا أدوات فى أيدى دول وتنظيمات لا تعرف من معانى الأوطان إلا الاستبداد والنهب المنظم باسم الدين.
معركة الواحات الأولى فى الكيلو ١٣٥ رغم فداحة الثمن الذى دفعته قواتنا؛ فإن هذا الثمن يعتبر بسيطًا فى مقابل تأمين حدودنا الأربعة فى مقابل السعى الجاد لقطع دابر تلك الجرثومة التى تمددت على خارطة العالم، تشرب الدم وتقتل الأبرياء وتسبى النساء تحت وهم شعار مراوغ اسمه حكم الدين، والحقيقة الثابتة كما تعلمنا هى أنهم يريدون الحكم لرجال الدين فالدين منهم براء، لذلك كلما تخلص العالم من حاملى تلك الأفكار الدموية كان العالم أجمل.
ومن تلك الزاوية لا بد على كل عاقل أن يتوقف طويلًا أمام دور المؤسسات الدينية فى مصر وموقفها من تلك الجرائم المتكررة، وللأسف رغم مرور سنوات على بدء المعارك إلا أن أزهرنا وفتوانا وأوقافنا ومنابرنا عاجزة عن اتخاذ زمام المبادرة بقول الحقيقة التى تفصل الدين عن الدولة، لذلك يتمادى الإرهابيون فى غيهم ويزداد عدد الضحايا.
الأيقونات المصرية التى واجهت عبر عقود فقدناها إما قتلًا كحالة الدكتور فرج فودة أو كمدًا كحالة الدكتور نصر حامد أبوزيد أو تجاهلًا كحالة الدكتور رفعت السعيد، الأفكار ملقاة على قارعة الطريق تحتاج من ينتشلها ليتحرك بها نحو بناء أجيال لا تعرف التعصب، نحو بناء مجتمع متصالح متسامح متسق مع الطبيعة الإنسانية، دماء أبطالنا فى سيناء وفى الواحات وعلى الحدود الغربية لمصر تصرخ فى بقية مؤسسات الدولة فى الثقافة وفى الإعلام وفى التعليم، تصرخ معلنة بأن الحرب القائمة لا يمكن أن يقودها طرف واحد، بل هى حرب تحتاج تضافر كل الجهود، ألم نحلم جميعًا بمصرنا مدنية ديمقراطية حديثة.
والطريق إلى مصر المدنية يبدأ من احترام العقل ليصل إلى احترام الآخر، أما احتكار الحقيقة وتكفير المخالف فمعروف بالطبع إلى أى مصيبة يذهبون، ولهم فى أفغانستان وغيرها قدوة، عندما تخرج الدول من التاريخ وتنتكس الشعوب يكون السبب المباشر فى ذلك فكر متخلف ورصاصة عمياء.
لذلك من المهم الانتباه إلى أن معركة الواحات بالكيلو ١٧٥ لن تكون الأخيرة، وذلك بالنظر إلى غباء الخصم الذى سيحاول الضرب فى أى اتجاه لا لشيء ولكن ليقول إنه موجود، ثقتى فى انتصار مصر كبيرة، فكيف لعصابة أن تهزم دولة اخترعت التوحيد قبل نزول الأديان، نقوش حجارة المعابد المصرية ومعها التاريخ القديم والحديث، يقولون كلهم إن طيبة شهدت عشرات المعارك المشابهة وعاد المعتدون يجرون أذيال الهزيمة.
رحمة الله على أبطالنا الذين رحلوا وهم يدافعون عن أمننا فى مواجهة فئة ضالة ارتضت لنفسها الذل والعار، وما بين أبطالنا والفئة الضالة ما زال العجب يتواصل من تلك الظواهر الصوتية الجالسة على المقاهى، وتقول إنها ضد الإرهاب، بينما مع كل عملية نكتشف أنهم إرهابيون عن حق وجدارة، على كل حال يومًا ما ستنتهى تلك الغمة وتنتصر مصر وقتها ليتذكر الجميع ماذا كانت مواقفهم.