«ليس على المسرح أن يُمجدّ أية أيديولوجية، وأن الأجدى من ذلك أن يقرأ المرء مقالة فلسفية أو جريدته اليومية» هكذا ينطلق يوجين يونسكو فى فهمه لدور المسرح، الذى هو شريك فهم فرناندو آربال فى دعوتهما للمذهب المسرحى أو مدرسة اللامعقول!، لا معقول آربال كانت مسرحيته «نزهة فى أرض المعركة» التى كانت نهاية الأسبوع الماضى آخر يوميات عرضها لفرقة شابة على مسرح الهناجر (بمبنى الأوبرا)، العرض المسرحى الذى جرى (تمصيرهُ)، كان الحوار فيه مُتقنا ومتماسكا لا زوائد فيه، كما أن الرؤية الإخراجية التى تعاطت مع السينوغرافيا بإيجابية عالية فبدت متوائمة متفاعلة مع مكوناتها لما يقارب الساعة، صال وجال الممثلون: الزوج والزوجة من جاءا فى نُزهة لموقع الحرب مُحملين بزاد الرحلة الاستجمامية حسبهما، وكما عبرا عن ذلك آمنين مُطمئنين!، وليسا كما ابنهما «الجندى» كثير المحاذير رغم أنه لا دلائل تَبِين لساحة حرب حقيقية بالمكان بالنسبة للجندى أكثر من جلوسه ببوابة منتظرا من يأتى ولا يأتي، أما الجندى العدو فدخل للشرك بيُسر العارف دون توجس أو خوف شديد وسيتسلى كأسير حرب مع الزوج والزوجة ليكتشف أن العدو ليس عدوا، هو إنسان مثله يحب ويكره وملّ الحرب ولا يريدها أن تستمر، فالجنديان الضدان سيتصلان بقائديهما بطلب إيقاف الحرب، فمعرفتهما ببعضهما أبانت لهما عن أن لا ضرورة لخوض الحرب أصلا، وفى فاصل طريف وتبعا للأخبار المذاعة حيث إن الطرفين يملآن الساحة بمئات بل آلاف الضحايا سيتبارى فيه مسعفان لأجل الحصول على جثة ضحية ولكن لا خبر فى أرض المعركة عن ذلك.
أخلص العرض فى عمومه فى حفظه لسؤال كاتب اللامعقول (آربال) ما مفادهُ: فى الحرب كيف هى علاقة الأنا بالآخر (العدو)؟، إذ هو ليس عدوًا، إذا ما اقتربت منه يُشبهك فى أمانيه وأحلامه وإنسانيته! بل ويكره الحرب ويطالب بتوقفها (هل هذا معقول!)، ما يُذكرنا بسيرة آربال (الكاتب المسرحى الإسبانى) إذا كان والده ضد التمرد على نظام فرانكو فجرى اعتقاله وكيلت له الاتهامات، فهل رأى آربال فى اعتقال والده ظلما، إذ هو إنسان وليس عدوا لأهله، ولم يفعل شيئا مؤذيا غير موقفه ورأيه أنه ضد الحرب والتمرد إذ ستتوالى عذابات الأب.
فى متابعتى للعرض فى يومه الأخير انتبهتُ لسيل من الضحك بين الحضور ما أشعرنى بأن التمصير (استعمال لهجة ومواقف مصرية) به خصوصية مجتمع تلامس وقائع حصلت ضربت بوترها على ذهنية وذاكرة الحضور (لم أضحك مثلهم على كل المواقف!)، فهل تقصد من قدم نص آربال أن يُقارب «لامعقول» الماضى والحاضر الذى نحن فيه ليستحث متلقيه على طرح سؤاله بخصوص الأنا والآخر الذى هو العدو؟ أم أراد أن يخفف من ثقل النص بترجمته التى قد تستعصى رسالتها على الفهم؟ الجواب يملكه معالج النص بالتأكيد أن له دُفعاته أن يكون النص مصرى اللهجة، وتوظيف بعض المواقف التى حصلت فى وقائع مقاربة، كما أن القفشات المعاصرة جذبت مزاج جمهور المتفرجين، مما لاشك فيه أن العرض أثار أسئلة مع ما نشهده من متغيرات فى علاقات العالم ببعضه البعض، من كان عدوا صار صديقا والعكس صحيح.
بقى أن أشير إلى تحية مخرج العرض لمن حضر من الأساتذة المهتمين والمشجعين وعلى رأسهم الأستاذتان: الفنانة التشكيلية نيفين الكيلانى -رئيس صندوق قطاع التنمية الثقافية (السابقة) وزينب رمضان- الأكاديمية والمترجمة والروائية إذ صعدتا معا رفقة كل فريق العمل ملتقطتين الصور المودعة لأصحاب العرض الذى قال لنا هذه حرب آربال ليس إلا.
فى كل بلاد العالم المتقدم الذى نريد اللحاق به، تمشى المرأة آمنة مطمئنة، لذلك علينا أن نعترف بأن الوضع فى بلادنا يحتاج إلى تغيير فى بنية القوانين، وفى الثقافة لنصل إلى أولى المحطات وهى احترام الغير وتقدير بعضنا لبعض
قدمت الحكومة الكندية اعتذارا عن جريمة القرن حيث تم اختطاف الآلاف من أطفال الهنود الحمر، وجاء الاعتذار مع عيد الشكر الكندى لهذا العام ٢٠١٧، وتم الإعلان عن المكافأة المالية لأولئك الذين نالهم الحيف والضيم.
النص مصرى اللهجة، كما أن القفشات المعاصرة جذبت مزاج جمهور المتفرجين، مما لاشك فيه أن العرض أثار أسئلة مع ما نشهده من متغيرات فى علاقات العالم ببعضه البعض، من كان عدوا صار صديقا والعكس صحيح.