الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مصير الصحافة الورقية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنت أعتقد أن الميديا السياسية تعانى من تراجع عدد القراء وهروب المعلنين إلى الإنترنت. إلا أننى اكتشفت قبل أيام أن الميديا كلها تعانى بعد أن قرأت أن مجلة «رولنغ ستونز» الأمريكية معروضة للبيع.
هذه المجلة أسسها قبل ٥٠ سنة شاب أمريكى هو جان وينر، وركزت على الموسيقى والثقافة المضادة ونجحت نجاحًا هائلًا، قبل أن تتراجع الميديا كلها. شركة جديدة اسمها بانولاب اشترت ٤٩ فى المئة من المجلة، والمؤسس الناشر يريد أن يبيع ما بقى له منها، وقد كلف بعض البنوك أن تراجع عروض الشراء.
إذا كان من عزاء للناشر جان وينر وابنه غس الذى يدير المجلة معه، فهو أن «رولنغ ستونز» ليست وحدها تعاني. قرأت أن غريدون كارتر سيترك مجلة «فانيتى فير» بعد أن رأس تحريرها ٢٥ سنة، وأن روبى مايرز ستترك مجلة «إيل»، كما ستترك نانسى غيبز مجلة «تايم»، وسندى ليفى مجلة «غلامور».
كان مالك «رولنغ ستونز» باع مجلتين تملكهما مؤسسته الصحفية هما «يو إس ويكلي» و«مينز جورنال». إلا أن الضربة الكبرى ولا أقول القاضية جاءت سنة ٢٠١٤، عندما نشرت المجلة خبرًا عن عصابة اغتصاب فى جامعة فرجينيا. الخبر كان خاطئًا وواجهت المجلة ثلاث قضايا قدح وذم فى المحاكم، ونالت إحدى هذه القضايا تغطية إعلامية واسعة وصدر حكم السنة الماضية يمنح المدعى ثلاثة ملايين دولار.
أول عدد من مجلة «رولنغ ستونز» كان على غلافه جون لينون من فرقة «البيتلز»، وقد قُتل فى نيويورك سنة ١٩٨٠. أستطيع أن أزعم أن المشاهير من مغني «روك أند رول» ظهروا على غلاف المجلة. وأذكر غلافًا ازدان بصورة الممثلة ميريل ستريب، وغلافًا آخر حمل صورة الرئيس باراك أوباما. ويبدو أن ناشر المجلة كان على علاقة طيبة بالمغنى بوب ديلان، فقد ظهر على الغلاف حوالى ٢٠ مرة.
ما سبق كله مقدمة، فالميديا التقليدية تتراجع فى كل بلد منذ سنوات، والمستقبل للإنترنت، فالقراء يقبلون عليها، لأنهم يقرأون ما يريدون مجانًا، والمعلنون بالتالى يفضلون الإنترنت لأن مستخدميها أكثر كثيرًا من قراء الجرائد.
أقيمُ فى لندن منذ أربعين سنة أو نحوها، وهناك شركة تملكها صحف إنجلترا تنشر كل شهر أرقام التوزيع وهى صحيحة. كل شهر بيع الصحف فى لندن أقل منه فى الشهر السابق، والجرائد الكبرى أصبحت تبيع نصف مليون نسخة أو أقل، فالبيع فوق مليون نسخة هو للجرائد «التابلويد» أو جرائد الإثارة.
جريدة «الإندبندنت» اللندنية أغلقت النسخة الورقية منها، إلا أنها بقيت بنسخة إلكترونية لها مليونا قارئ وربما ثلاثة ملايين. «الغارديان» أقدم جريدة فى العالم كله، والصحيفة الورقية تعاني، إلا أن النسخة الإلكترونية ناجحة جدًا، ولها أكثر من خمسة ملايين قارئ يومي، ما يعنى أنها تستطيع حماية الجريدة الورقية التى أقرأها كل يوم، وأجد أخبارها صحيحة ومفيدة.
لن أدخل فى أرقام الميديا العربية فالمنشور منها لا يمكن تصديقه، وكأن حياة الصحف فى بلادنا تبقى فى ستينيات أو سبعينيات القرن الماضي، عندما كانت هناك صحف مصرية تبيع أكثر من مليون عدد فى اليوم، وصحف لبنانية تبيع أكثر من مئة ألف عدد فى اليوم.
قضيت العمر فى الميديا الورقية، وأعترف اليوم بأننى لم أتوقع هذا المصير لصحف ومجلات غربية وشرقية، وبينها ما ينشر فى بلادنا. مع ذلك فهناك جانب إيجابى هو أن الحرية على الإنترنت أكثر منها كثيرًا فى الصحف الورقية والمجلات التى تخضع لإملاءات الحكومة فى كل بلد وتخشى أن تغضبها فتغلق.
مجلة «رولنغ ستونز» نموذج لمصير الصحافة الورقية فى كل بلد.
نقلاً عن«الحياة اللندنية»