أيها الإرهابي أنت غبي إلى أبعد حد، لا لأنك إناء فارغ عبؤه كرها وحقدا وانتقاما، ولكن لأنك وهم تدخلون معركة مع شعب وليس لديكم دراية كافية بمعتقداته، التي تختلف جملة وتفصيلا عن صنوف الشعوب الأخرى، فدعك مما قيل عنه في التاريخ وهب أنه كما تقولون زيفا وتلفيقا مع أنكم من كتبتموه بعدما تجرعتم الهزيمة مرارا وتكرارا، أنا هنا لست في موضع نقاش وإقناع فأنتم من اخترتم الحوار بالسلاح وجئتم عادين معتدين على بلد لم يعرف التاريخ يوما أنها استكانت للهزيمة، ولن أستدل على ذلك بآيات من القرآن رددتم بعضها وتناسيتم مواضع جاء فيها اسمها وخيرها ورجالها، لن أعود بكم إلى البدايات لتعرفوا أن مصر جواد جامح لا يعتلي صهوته إلا من اطمئن له أهلها وبايعهم على حفظها، ولو اعتلى خسيس أو دنئ صهوتها يوما عنوة تقذفه في غيابات بئر سحيق.. تدهسه حوافرها فلا يكون له بعدها تاريخ.
أيها الإرهابي لن أعدد لك كم عتل زنيم جائها غازيا عزيزا وعلى أبوابها مات عاريا ذليلا، ولن أقص عليك حكايات أهلها البسطاء عن شرف التراب وحب الوطن، فمثلك لن يعي ذلك فكيف لجرذ بلا هوية أن يعي معنى البيت الكبير، لن أحاجيك في الشرف فما جدوى ذكر ذلك لمن لا عرض له ولا وطن، ولكن أقول لك بملء القلب والفم أنك ستخسر المعركة وهذا ليس اعتقادا بل يقينا، يقين المصريين، وسأحكي لك بعيدا عن التاريخ عن شعب أنا منه، في مراحل طفولتنا أيها الحقير وفي الأعياد والمناسبات كانت أثمن هدية ممكن أن تأتي لنا وتجلب لمن تكون نصيبه الفخر بين بقية الأطفال هي بذلة ضابط، وقبل التلفاز وألعاب الجيم وغيرها، كانت لعبتنا المفضلة عسكر وحرامي، منذ نعومة أظافرنا وفي طابور الصباح نقف كأوتاد غرست في الأرض لننشد بلادي، وسط غمائم الفقر والغلاء والضيق نستودع أهالينا ونستأنس برفقة صديق على جبل عالٍ ينادي "برنجي تمام"، وحينما يعود "الكينجي" إلى داره، وبرغم هذا الفقر والضيق تجمع له أمه بيض الدجاج وما كبر من حمام وتدسه في مخلته وتقول هذا غداؤك أنت وزملاؤك العساكر، وحينما يكون أحدنا قد وصلت في خدمته إلى "الشنجي" ولم ينل الشهادة، يكتب على جدران كتيبته هنا كان واحد من أبناء الوطن يحمل روحه على كفه ويتمنى أن يضحي بها فداء بلده، يخرج بعدها متمنيا لسنوات استدعائه، طيلة عمره وفي خزانة ملابسه تجد على الشماعة فقط بذلتين، بذلة فرحه وبذلته العسكرية، كلما هم أن يغير ملابسه وفتح الخزانة أدى لها التحية وعاد بذاكرته إلى الوراء فدمعت عيناه لأنه لم يزف كمن صعد من زملائه إلى الجنة، في المناسبات يذهب إلى بيت صديقه الشهيد يجلس مع والديه فيخبرناه أن ابنهم الصغير قد بلغ اشده وسيلحقناه بالجيش ليأخذ ثأر شقيقه الشهيد.. وحينما يلحق به تملأ الزغاريد البيت، فيخرجان ابنا تلو الآخر دون ضجر ولا يأس حتى يأت النصر، فبربك أيها الأحمق إذا كان لك رب من ضللك وقال لك أن تأت إلى حتفك بيديك؟.. هنا غرق فرعون.. وابتلعت الأرض قارون.. وأبيد الهكسوس والتتار.. من هنا عاد الفرسان أسرى والجيوش منكسرة فلا مماليك داموا ولا إنجليز بقوا ولا فرنسيون ظلوا ولا أمريكان استطاعوا.. ولا يهود تمكنوا.. هنا الرب يسكن في مساجدنا وكنائسنا وبيوتنا وقلوبنا.. وأنا نهاية أقو لك أتيت كفأر متسللا وكفأر ستسحقك أحذية جنودنا.. وسنضيف ملحمة أخرى نرويها لصغارنا قبل نومهم عن عظمة وطنهم وعن سر تسميته الكنانة.