الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"معاكسات" أونلاين.. التحرش الإلكتروني جريمة بلا عقاب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعد الملف:
وسام هريدى وإيمان عبدالقادر وإبراهيم عطاالله ونوران الصاوى وحسن عصام الدين ومحمد محفوظ

إذا كان ظهور الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى.. ثورة اتصالية كبرى صاحبت العديد من التقنيات الحديثة، إلا أنه أيضًا ارتبط بجرائم إلكترونية عديدة، تتمثل فى الابتزاز الجنسى والمادى والتحرش عبر التلاعب بالصور والفيديوهات المخلة للآداب، وتركيب صور شخصية مع صور خليعة، جميعها جرائم تسمى «التحرش الإلكترونى»، يقع ضحيتها فتيات صغيرات ونساء وفى بعض الأحيان لرجال أيضًا على شبكات النت، بعد تلاعب بعض الأشخاص فى صورهم، وابتزازهم ماديا للحصول على أموال أو المطالبة بممارسة العلاقات الجنسية معهم، وإلا يتم نشر صورهم الخليعة على الملأ. جرائم تحرش إلكترونى ربما لم نكن نتصور أن تقع فى مصر، خاصة أن سمات الشعب تحافظ على قيم الحياء والاحترام، وأن ما يحدث قد نصفه بحالات فردية، لكنه أصبح ظاهرة تحتاج للدراسة والتحليل، نظرًا لأن أعداده تزايدت بالفعل فى الوقت الذى تعد فيه الجريمة الإلكترونية نظامًا مازال حديثًا، حيث يوجد الكثير من الفتيات اللاتى لا يعرفن بوجود مباحث الإنترنت. ناهيك عن عدم وجود رقابة على الشبكة العنكبوتية، حيث توجد العشرات من المواقع الإباحية مفتوحة حتى وقتنا الحالي، رغم اتجاه العديد من البلدان إلى وقف تلك المواقع وإغلاقها مثل السعودية والإمارات، الأرقام ترجمت حجم الكارثة حيث تم ضبط 1020 قضية متنوعة 2016.. وارتفعت نسب التحرش بنسبة قدرها 79 % عن 2015، كما تم ضبط قرابة 200 ألف حالة تحرش منذ عام 2016، منها 50 حالة ابتزاز جنسى على صفحات التواصل الاجتماعى كل 10 أيام بحسب إحصائيات وزارة الداخلية. وتشير نتائج مركز بيو للأبحاث إلى أن 40 % من الأشخاص تعرضوا للتحرش على الإنترنت، و73 % يعرفون شخصًا تعرّض للتحرش الإلكتروني.. «البوابة» تفتح الملف.

«الفيس بوك» مفرخة المتحرشين
البداية من البريد الإلكترونى.. والـ«واتس آب» والبرامج المجانية أحدث الوسائل
بدأت ظاهرة التحرش الإلكترونى منذ بداية الإنترنت، وتحديدًا البريد الإلكتروني، حيث بدأ مستخدمو هذا البريد بتلقى رسائل تُعرف عادة بـ، «Spam» تدعوهم للصداقة والتعارف، فضلًا عن تضمنها لبعض المواد الجنسية، ومع انتشار الإنترنت أكثر، واكتشاف وسائل تواصل أكثر سرعة وانتشارًا، تحول التحرش الإلكترونى من مجرد رسائل البريد الإلكتروني، إلى وسائل مثل غرف الدردشة، ومنتديات الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك وتويتر، والرسائل الفورية على الهواتف المحمولة مثل الواتس آب، وبرامج الاتصال المجاني، والصور الرمزية، والإعلانات عبر الإنترنت، وروابط التحويل التلقائى التى تعترض الشخص عند تصفحه لشبكة الإنترنت، والنوافذ المنبثقة Pop-ups.
تقول نورا جبران، باحثة فى العنف الأسري، إن التحرش الجنسى الإلكترونى، هو استخدام وسائل إلكترونية فى توجيه رسائل مزعجة للمتلقي، سواء كانت هذه المواد تلميحًا للرغبة بالتعرف على المتلقي، لأهداف جنسية، أو كانت تحتوى علي شتائم جنسية، أو صور، أو مشاهد فيديو جنسي، أو محاولات التهديد والابتزاز باستخدام صور الضحية، أو استخدامها فعلًا دون موافقة صاحبها أو دون علمه، ومشاركتها عبر وسائل التواصل الإلكترونى المختلفة.
وفى دراسة أجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عام ٢٠١٥، أشار الدكتور وليد رشاد، وفقًا لتعريفات إيزى باراك عن التحرش الإلكترونى إلى أن هناك أشكالًا للتحرش الجنسى عبر المجتمع الافتراضى أبرزها التعليقات الجنسية والنكات البذيئة وانحرافات البريد الإلكترونى ومده بالصور الجنسية وغيرها، كما أن التحرش الجنسى عبر الإنترنت هو سلوك شفوى عدوانى يرتبط ويتميز بخاصيتين أنه فردى والثانى ارتباطه بغياب الهوية والتى تعد من أبرز المحفزات على انتشار هذا النوع من أنواع التحرش الجنسي.
ووصف إيهاب الحضري، الكاتب الصحفي، فى كتابه «الفضاء البديل» شخصية المتحرش الإلكترونى تأتى من خلف شاشة الكمبيوتر واعتقاده أنه غير مرئي، قائلًا: «تساعد فكرة «القناع» الذى يرتديه البشر على الإنترنت فى خلق متحرشين جدد، لأنه إذا كان التحرش الواقعى يتطلب بعض الجرأة التى تصل إلى درجة الصفاقة، فإن نظيره الإلكترونى لا يحتاج لذلك، فقد يكون الشاب شديد الخجل فى الحقيقة، لكنه يتحول على الإنترنت إلى ذئب لاطمئنانه بأن أحدًا لا يعرف شخصيته الحقيقية»، موضحًا أن التحرش يبدأ من مجرد اختيار الاسم المستعار الذى قد يحمل دلالة جنسية مثل الصفحات التى تنتشر مثل «عاشق الحياة، الأحضان الدافئة، العشق المستحيل، أنا قوية.. إلخ»، ومرورًا بالحوارات العامة فى الغرف، وانتهاء بالمحادثات الخاصة التى يكثف فيها المتحرش جهوده للإيقاع بضحيته، ويشير إلى أن رد فعل الضحية كان يتنوع بين الرفض المتردد والرفض الحاسم بحظر رسائل المتحرش، وهى ميزة تمنحها المواقع لمستخدميها. ويرى أن مواقع الفيسبوك وتويتر أقل وطأة فى جرائم التحرش نتيجة صرامة معاييرهما، التى تؤدى إلى إغلاق أى حساب تتعدد الشكاوى منه، كما أن خواص الحظر «البلوك» تلجأ لها الفتيات كثيرًا بدلًا من اللجوء الى الشرطة.

5 خطوات لحماية الفتيات من المضايقات
نصح عماد حجاب، محامٍ بالأمم المتحدة، بأن هناك مجموعة من الخطوات يجب اتباعها للحماية من جرائم التحرش الإلكترونى التى تتمثل فى:
أولا: استخدام إعدادات تضمن تحقيق أعلى مستوى من الخصوصية على الشبكة العنكبوتية أو على الأجهزة الإلكترونية، ما يساهم إلى حدّ كبير فى الحدّ من التعرّض للتحرّش الإلكتروني، وذلك بعدم قبول طلبات الإضافة من أى شخص غير معروف. ثانيًا: عدم نشر الصور الشخصية أو أرقام الهواتف أو المعلومات الشخصية والأخبار فى نطاق أوسع من نطاق الأصدقاء، سواء كان ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، أو وسائل التراسل الفوري. ثالثًا: ضرورة الاحتفاظ بأدلة تتضمن المضايقات والتعليقات والرسائل التى تتعرّض لها، لأنها ستساعدك فى إثبات هذه الوقائع. 
رابعًا: عرض الأدلة التى جمعتها على محامٍ يعرف قوانين الجرائم الإلكترونية فى بلدك، حتى يبيّن لك ما النتائج القانونية المتوقعة لمثل هذه الجرائم.
خامسًا: التقدّم بشكوى رسمية، حيث إن لدى غالبية الدول أجهزة أمنية خاصة بالجرائم الإلكترونية، وتميل فى معظمها إلى مضاعفة العقوبات على هذه الجرائم، ويسهل الوصول إلى المتحرّشين، خصوصًا حين يستخدمون أجهزة متصلة بالإنترنت فى المنزل أو العمل، وبالتالى التعرّف إلى هويتهم الحقيقية، وتعرضهم للمساءلة القانونية. ومن جانبه، أوضح أحمد عبدالله، الخبير الإلكتروني، طرق الوقاية والحرص على عدم الوقوع فى فخ «التحرش الإلكتروني»، تبدأ بعدم نشر الصور الشخصية أو أرقام الهواتف، والمعلومات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة العنوان والأرقام الخاصة، لأنها تكون بمثابة السقوط فى أول طريق الخطأ.

خبراء نفسيون: المتحرش يحتمى خلف الشاشة من خلال «قناع»
سعيد صادق: الفراغ والكبت الجنسى أهم الأسباب
أوضحت هبة سعيد، الإخصائية الاجتماعية، أن التحرش له عدة أشكال مختلفة كالتحرش اللفظى، الجنسى، التعبيرات اللفظية الفجة، الإيحاءات والإشارات. ويعد «التحرش الإلكترونى» الذى ينتشر بين الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعى، هو أمر جديد نسبيًا على المجتمع، ويرجع ذلك لأسباب نفسية واجتماعية.
وأضافت «هبة» أن من الأسباب التى تدفع الشباب للتحرش قلة الوعى الدينى، والفراغ وعدم استغلال أوقاتهم بما يفيد وضياعه فقط على مواقع الإنترنت غير المفيدة، بالإضافة إلى رغبتهم فى تقليد الغرب، من حيث الانفتاح الجنسى بين الشباب والفتيات دون مرجعية دينية، والجهل بالعادات والتقاليد التى تتمتع بها مجتمعاتنا الشرقية.
وتؤكد أن غياب دور الأسرة له عامل كبير ومؤثر فى تربية وتنشئة الأبناء بشكل سليم، وعلى أسس وقواعد تربوية صحيحة، مشيرة إلى أن نسبة كبيرة من الأهالى تهتم فقط بتربية الفتيات والحرص على مراقبتهن والمتابعة الدائمة على أفعالهن والتعقيب عليهن، بينما تترك الذكور دون مراقبة أو ملاحظة وفرض عقاب على أفعالهم الخاطئة، تحت مسمى «هو راجل مايعيبوش حاجة». 
وأشارت إلى أن الفتيات الأكثر عرضة للتحرش الافتراضى أو الإلكترونى تتراوح أعمارهن ما بين ١٦ و٢٧ عاما، لأنها سن حرجة بين المراهقة والشباب، مضيفة أن الفتاة التى تتعرض لأى نوع من أشكال التحرش تشعر بالإهانة ورغبة فى الانعزال عن المجتمع، ويبدأ شعورها بالشك وعدم الأمان للآخرين يصاحبها دائما، ويسبب لها أضرارا نفسية.
الأصدقاء الوهميون
ونصحت الفتيات بالحرص الشديد من «الأصدقاء الوهميين» على مواقع الإنترنت المختلفة، وعدم قبول صداقة أشخاص لا تعلمهم وتبادل الأحاديث بينهم، كما تُحذر من الدخول والاشتراك فى مواقع «التعارف والزواج» التى تنتشر بشدة ويهتم بها الشباب لاستقطاب الفتيات وابتزازهن بعدة طرق مختلفة، خاصة أن الفتيات لا يستطعن منع التحرش عنهن سواء جنسى أو لفظى أو سمعى والإيحاءات، أو التحرش الإلكترونى.
فى السياق ذاته، يقول الدكتور عادل عامر، إن الكثير من الشباب يتعرضون يوميا لتعليقات مسيئة على شبكة فيسبوك للتواصل الاجتماعى ومنشورات مسيئة على «إنستجرام»، بل وحتى يواجهون مقاطع فيديو سخيفة ومستهزئة على تطبيق «واتس آب».
ويعانى كثيرون من مستخدمى الأجهزة الإلكترونية الموصولة بشبكة الإنترنت من تعرضهم لأشكال مختلفة من المضايقات، بدءًا من الإلحاح بالتعارف من أشخاص لا يعرفونهم، أو تعرضهم للملاحقة والتعقب من جانب آخرين ممن لديهم خلافات شخصية معهم، أو من خصومهم السياسيين، أو التعقب من الجهات الأمنية. وقد يتعرض المرء للتحرش من أشخاص معروفين له أو من مجهولى الهوية. وتكمن المشكلة الحقيقية فى أن حوالى ثلث الشباب الذين يتعرضون للتحرش الإلكترونى، أو كما يسمونها «التنمر» لا يقصون الأمر على الأسرة، ولهذا تم تدشين مبادرات فى عدة دول يقوم فيها ضحايا تنمر سابقون وخبراء بتوجيه النصائح حول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعى بالشكل الأمثل دون السقوط فى بئر التنمر سواء كفاعل أو كضحية.
وتابع «عامر»: كما أن هناك ٦ أشكال متعارف عليها من التحرّش على الإنترنت، تبدأ بالاتصال من شخص غير معروف، أو التعرض للشخص بكلمات نابية ومهينة، أو إحراج الشخص بشكل مقصود، أو التهديد بالأذى، أو التحرش الجنسى، أو الملاحقة المستمرة، لتصل حد التهديد بالقتل.
وتعد المشكلة الكبرى لظاهرة التحرش الإلكترونى أن الآثار النفسية لها ربما تمتد لسنوات، حيث توضح دراسة نشرت فى دورية جمعية الطب الأمريكية أن ضحايا مثل هذه الممارسات يصبحون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالقلق والاكتئاب والرهاب والهلع. وفى هذا السياق، يقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن الفراغ من أهم أسباب اتجاه الشباب إلى العبث على مواقع التواصل الاجتماعى، بالإضافة إلى الكبت الجنسى الذى يمر به الشباب بسبب تأخر سن الزواج، وأن التحرش عبر مواقع التواصل الاجتماعى، أسهل الطرق التى تشبع رغبات الفرد. موضحًا أن الحالة الاجتماعية والاقتصادية تؤثر على سلوكيات الشباب.

«هاى.. ممكن نتعرف» بداية القصيدة
«ندى»: يبدأ من تغيير الصورة على الفيس بوك
ندا فتاة عشرينية، قالت إن التحرش الإلكترونى أصبح ظاهرة مثل التحرش والمعاكسات التى توجد بالشارع، والتحرش على الفيس بوك يبدأ من أقل تغيير، فلو غيرت صورة الصفحة الشخصية الخاصة بى على «الفيسبوك»، أجد كميات من الرسائل وطلبات الصداقة لا حصر لها، ويدخلون على الصفحة الشخصية لإرسال إعجاب والتغزل، بالإضافة إلى إرسال رسائل لا علاقة لها بالواقع، وإنما هى مجرد قنوات لفتح بعض المواضيع ليس لها أى قيمة وإنما لمجرد الحديث.
وتضيف ندا: إن الأمر قد يصل إلى التدخل فى حياتى الخاصة، أو عرض الارتباط كالخطوبة، وآخرون يتغزلون، ويعرضون التعارف واللقاء خارج الفضاء الإلكتروني، واصفة هذه الطرق بالمخلة للآداب وقلة الذوق.
وتابعت ندا: إن هناك رسائل عديدة تصلها متضمنة ألفاظًا فاضحة وصورًا خادشة للحياء، ومنها أيضًا ما يقصد الوصول إلى أغراض جنسية دنيئة لها علاقة بالجريمة والانحراف الأخلاقي، كالوصول إلى بيانات الضحية وصورها، ومن ثم استخدام ذلك ضدها فى محاولة لابتزازها وإخضاعها ماليًا وجنسيًا.

البرلمان يدرس قانونًا لتجريم فوضى «مواقع التواصل»
لا يوجد قانون خاص يجرم فعل التحرش الإلكترونى، سوى ما جاء مضمنا فى قانون العقوبات المصري، أو ما يسمونه ضمن نصوص تجريم التحرش بصفة عامة فى القانون العام، حيث نصت المادة ٣١٦ مكرر (أ) من قانون العقوبات المصري، والتى جاء نصيًا «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ٣ آلاف جنيه ولا تزيد على ٥ آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للمغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ٥ آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه، وبإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجانى من خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليها. وفى حالة العودة تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة فى حديها الأدنى والأقصى». 
ونصت المادة ٣١٦ مكرر (ب): «يعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها فى المادة ٣١٦ مكرر (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجانى من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجانى بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين».
ومن جانبه، قال أحمد رفعت، عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب: إن الفيس بوك يمتلئ بمئات الجرائم الإلكترونية، ولكن للأسف لا قانون، حيث إنه عالم افتراضي، ولا يوجد قانون خاص يجرمه غير ما يحدده القانون العام أو قانون العقوبات.
وتابع، ندرس الآن «قانونا خاصا يجرم الجرائم الإلكترونية على رأسها» التحرش الإلكتروني، لأن القانون العام به أزمة أثناء تطبيقه، حيث تنظر مثل هذه الجرائم المحكمة الاقتصادية، ولكن لا توجد جهة تحقيق أو تحويل للمحكمة مثل نيابة اقتصادية أو نيابة خاصة بالجريمة الإلكترونية، فلا بد من إنشاء مثل هذه النيابات لاكتمال الشكل القانونى.
وأشار إلى أنه لا بد من حصر كل الجرائم التى تمارس بشكل يومى عبر الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعى والتويتر، بداية من انتحال الصفة أو عمل صفحات بأسماء وهمية لاصطياد الفريسة، والتى لا تعد جريمة، تضاف لها قضايا ابتزاز القاصرات التى تتمثل فى خطف الأطفال وتصويرهم.
وتجرى دراسة خاص بالتحرش الإلكترونى وكيفية حجب المواقع الإباحية عن الأطفال، وعمل قانون مثل أستراليا مفاده عدم دخول المواقع الإباحية إلا بالرقم القومى، لتجنب ما دون السن القانونية لا يستطيع الدخول، فلا يجوز أن طفلا أثناء مشاهدته للكرتون تظهر له فيديوهات مقترحة إباحية، فلا بد من تجريم ذلك، كما أن قانون الدولة فور صدوره لا بد أن تلتزم به الشركات الدولية والعالمية فى مجال الاتصالات.

صفحات على «فيس بوك» لمساعدة الضحايا
الأقسام الشرطية تستقبل ما بين 20 إلى 30 حالة يوميًا 
على غرار ظهور العديد من المنظمات والجمعيات لمكافحة ظاهرة التحرش الجنسي، على رأسها مبادرة شفت تحرش، وضد التحرش، وحركة خريطة التحرش الجنسي، والتى يعمل جميعها على توعية المجتمع ونشر ثقافة احترام حريات الغير، كما أنها تقدم المساعدة والدعم للضحايا، أيضًا قام بعض المتطوعين على موقع التواصل الاجتماعى بإنشاء عدد من الصفحات المُتخصصة فى مكافحة التحرش الإلكتروني، والتى غالبًا ما تحمل تلك الصفحات نفس المُسمى الذى أُنشئت من أجله.
يقول أحمد محمود، مؤسس جروب مكافحة التحرش الإلكترونى على فيس بوك، التى يصل عدد الأعضاء فيها إلى عدة آلاف، إن الهدف من إنشاء الجروب هو مكافحة التحرش بقدر المُستطاع، حيث إن الكثير من الفتيات والسيدات يتم ابتزازهن إلكترونيًا عن طريق إرسال صور غير لائقة أو رسائل كتابية مُزعجة تحت لافتة؛ ممكن نتعرف. ويُشير محمود إلى وجه آخر من التحرش الإلكترونى مُنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أنه بعد نهاية قصة حب أو فترة ارتباط أو خطوبة بين فتاة وشاب، يقوم الأخير باستغلال بعض الصور أو الفيديوهات أو حتى «سكرين شوت» لمحادثات كانت بينهما فى فترة ما ليبتزها بها، عن طريق نشر تلك الأشياء على العام للتشهير بها، منوهًا بأن أغلب صور التحرش الإلكترونى تتمثل فى أن يقوم شاب بإرسال طلبات رسائل إلى فتاة لا يعرفها لمجرد أن لها صورًا شخصية جذابة، وفى حالة أن قامت الأخيرة بعدم الرد عليه يُهددها بحفظ الصور الشخصية لها ثم تركيبها على صور لأجساد عارية ونشرها بالمواقع الإباحية.
ويُضيف: «هناك أيضًا من يجهل تأمين حسابات المواقع الخاصة به من الفتيات والسيدات، فيقوم أحد «الهاكرز» باستغلال نقطة الضعف تلك لاختراق تلك الحسابات، ثم قراءة والاطلاع على ما يدور داخل الرسائل الخاصة بها، ثم ابتزازها بنشر بعض الصور أو المحادثات الخاصة بها أو حتى نشرها على صفحات أخرى دون علمها».
وينوّه «محمود» بأن بعض الفتيات والسيدات يفكرن فى تحرير محضر بواقعة الابتزاز والاستغلال لصورهن فى مراكز الشرطة، إلا أن تأخر الإجراءات واتخاذ اللازم تجاه المُتحرش يمنعها كثيرًا من القيام بذلك، خاصة أنه بحسب شهادات بعض الفتيات على الجروب، فإن إجراءات الشرطة تستغرق وقتًا كبيرًا بسبب أن بعض الأقسام الشرطية قد تستقبل ما بين ٢٠ إلى ٣٠ حالة يوميا تشكو من تحرش إلكتروني، كما أن بعض الفتيات تخاف من «كلام الناس»، خاصة فى مُجتمع كالمُجتمع المصري، تكون فيه الفتاة ضحية للدفاع عن حقها أحيانًا.
وفى نفس السياق، يقول حازم مجدي، أحد الفاعلين على صفحة مكافحة التحرش الإلكترونى على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك: «إن المُشاركين فى الصفحة يحاولون منع تطور وقائع التحرش الإلكترونى قبل وصولها إلى مرحلة صعبة، من خلال تعليم الفتيات والسيدات كيفية حماية حساباتهن على مواقع التواصل الإلكتروني، من خلال فيديوهات تعليمية لحماية الحساب من الاختراق، يتم تحديث نشرها على الصفحة كل فترة، حيث إن حماية الحساب تُساهم بنسبة ٢٠٪ على غلق الباب على المُتحرشين». ويوضح: «نطلب ممن يتعرضن للتحرش الإلكترونى بمساعدتنا قبل تطور الأمور، عن طريق عرض المُشكلة ونوع التحرش قبل تطوره، لأن ذلك يُساعدنا أيضًا فى حل المشكلة، التى غالبًا ما يكون عن طريق إرسال «ريبوتات» لـ«فيس بوك» ضد المُتحرش بمساعدة كثرة من أعضاء الصفحة والمُعجبين». لمع اسم مينا سمير الضابط بالأمن المركزي، بعيدا عن مجال شغله كمكافح للتحرش الإلكترونى على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح «مينا» نصير الفتيات المجهول فى محاربة التحرش الإلكتروني، فبعد مساعدته لفتيات يقعن فريسة الابتزاز على الفيس بوك أو على الإنترنت، أصبح اسمه يتجول بين جروبات المجتمع النسائي، مستشهديات بمواقفه البطولية مع البنات لمحاربة المتحرشين على الإنترنت، وأصبحت عبارات مثل «روحى لمينا سمير هيعمل معاكى الواجب» عبارات موحدة تنقلها جروبات نسائية عن الضابط الذى يساعد الفتيات لمنع محاولات الابتزاز والنصب عليهن واستغلالهن من قبل الشباب، ويوصلهن بشرطة مباحث الإنترنت فى بعض الأحيان إذا احتاج الأمر.


داعية: اختفاء الوعى الدينى وراء الظاهرة
قال الدكتور إبراهيم رضا، الداعية الإسلامي: «إن الدين الإسلامى دعانا إلى احترام الآخر، وخاصة احترام وتقدير المرأة، وعدم استدامة النظر إلى المرأة التى لا تحل للشخص»، مستشهدا بالحديث القدسى عن النظرة المصحوبة بالشهوة كـــ«نظرة سهم من سهام إبليس مسموم، فمن تركها لله آتاه الله إيمانا يجد حلاوته فى قلبه»، وأضاف أن القرآن الكريم أوصى المؤمنين من الرجال والسيدات بالغض من أبصارهم، موضحا أن الأمر الإلهى متوجه لكلا الطرفين بغض النظر واحترام الآخر.
ويوضح «رضا» أنه قد ذهب شاب إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، وطلب منه أذنًا بالزنى، فأمره الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن يقترب منه وطرح عليه عدة أسئلة، أولا: أترضاه لأمك أو أختك أو ابنتك أو ابنة عمك أو ابنة خالك بأن يطلب أحد الزنى بهن؟، فغضب الشاب وقال للنبى، صلى الله عليه وسلم: لا.. فدعا له الرسول، صلى الله عليه وسلم، وقال: يا ولدى «كما تدين تدان»، وما لم ترضاه لأمك أو أختك أو عمتك أو ابنتك..لا ترضاه لغيرك.
ومن جانب آخر، يفسر «رضا» بأن المجتمع يعانى من خلل فى إعادة التوجيه فى المؤسسات والمدارس واختفاء الوعى الديني، الذى أصبح يخص فتاوى «إرضاع الكبير وجماع الميتة».