الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شكرًا.. مشيرة خطاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تكن الانتخابات على موقع المدير العام لمنظمة اليونسكو، انتخابات شخصية، أو أفرادًا ينافسون أفرادًا، ولكنها فى الأساس انتخابات دولية، تستعرض فيها كل دولة نفوذها ومدى تأثيرها وتختبر الدول من خلال تلك الانتخابات موقعها بين الأمم، لذلك تأتى معركة مشيرة خطاب كعنوان مصرى يشير بوضوح إلى قدرة مصر التى تخرج الآن من سنوات عجاف وتنافس حتى الجولة قبل الأخيرة كرقم مهم فى مواجهة فرنسا.
ثمانية عشر صوتًا تعبر عن ثماني عشرة دولة قالوا نعم لمصر على مقعد المدير العام لمنظمة اليونسكو، وفى تقديرى أعتبر أن هذا الرقم انتصار مهم للخارجية المصرية وجهد مشكور لكل من عمل بإيجابية فى تلك الحملة الانتخابية الشرسة التى أنفق البعض عليها ملايين الدولارات، وتعتبر هذه الدورة لليونسكو من أصعب الدورات التى مرت بتاريخها منذ تأسيسها عام ١٩٤٥، وبغض النظر عن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منها وكذلك تمهيد إسرائيل للانسحاب أيضًا، إلا أن توقيت تلك الانسحابات يعطى مؤشرًا لحالة الارتباك التى جرت فى ظلها الانتخابات الأخيرة، وهو ما يجعل المعركة صعبة خاصة أن البعض اعتقد أنه بالمال وحده يمكن الفوز بالانتخابات.
ولذلك أقول شكرًا مشيرة خطاب التى كانت تعرف مبكرًا صعوبة أجواء المعركة، كما تعرف أيضًا أن خسارتها فى الانتخابات مسألة واردة، وبينما هى تعرف تلك البديهيات، إلا أنها لم تتأخر فى الموافقة على السير فى ذلك الطريق الصعب تحت علم بلادها، وبدعم وتشجيع من كل العقلاء داخل مصر وخارجها، ولذلك تردد اسم مصر بقوة، وهذا مكسب عظيم لو علم المزايدون.
والمزايدون الذين أقصدهم ليسوا المنافسين لنا على المقعد من أى دولة كانت، ولكنهم المزايدون من الداخل الذين لم يدخروا جهدًا للتنكيل باسم المرشحة ولم يستحوا عندما وقعوا بيانًا يطالبون فيه بعدم انتخابها، وهنا لا بد أن نتوقف طويلًا عند الحد الفاصل بين وجهة النظر، وبين استخدام الرأى فى إفساد مهمة أراها وطنية، تلك التى تصدت لها مشيرة خطاب وتحملت صعوباتها، هنا كان الطعن من داخل الخندق مؤلمًا وحقيرًا، وعندما أقوم بوصفهم بالمزايدين، فأنا أستخدم لفظًا مهذبًا يحافظ على خط الرجعة لمن ضاع ضميره، واختار الغوص فى الوحل وتشويه كل من اجتهد لبناء مصر التى نريدها.
هذا المشهد العبثى الذى لعبه الصغار من المتمولين المصريين يجعلنا لا نصدق ما يتشدق به بعضهم حول مسائل تخص الوطن والوطنية وحقوق الإنسان، ويجعلنا نثق أنهم قد اصطفوا بشكل جاد وحقيقى وعملى مع الإرهاب والإرهابيين، وإذا أردنا دليلًا على ذلك أقول بما أن اليونسكو منظمة مهتمة بالثقافة والعلوم، إذن فهى منظمة مهتمة بالرقى والتحضر ومواجهة الإرهاب، وعندما لا يستنكر المرشح القطرى ممارسات بلاده فى دعم الإرهاب وتمويله، يصبح هو المرشح الخطأ فى الموعد الخطأ.
ولأن المتمولين فى بلادى كاذبون سوف ينكرون دعمهم للمرشح القطرى تحت حجة أنهم فقط ضد المرشح المصري، وهذه كذبة كبرى لأنهم كمحترفين فى المسائل الانتخابية، يعرفون أن ضرب سين فى الانتخابات سوف يصب فى مصلحة صاد، ولذلك أتمنى على من وقعوا البيان المشبوه ألا يتكلموا معى عن حرية الرأى والاختيار، ولكننى من الممكن أن أستمع إليهم إذا كلمونى عن سلامة استلام الشيكات وسهولة صرفها.
تتقدم مصر رغم الصعاب رغم الألم. تتقدم لتعود من جديد كصانعة للحضارة وكملهمة للفنون، فالبلد الذى أبدع فنون الزراعة وهندسة المياه وابتكر أبجديات الرقص والموسيقى والغناء، البلد الذى ابتكر التوحيد على ضفاف نيلها، لن يوقفه عن التقدم فاقد ضمير أو إرهابى مأجور، شكرًا مشيرة خطاب التى تعرف كل ذلك، وخاضت المعركة وخرجت مرفوعة القامة ليحتفل بها شعب مصر الحقيقي، وليس المرتزقة فى دكاكين التجارة بالنضال والعمالة بأجر لدى الغير.