رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحصاد الأسود لجماعة الإخوان الإرهابية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تلقيت دعوة كريمة من سيادة اللواء عبد الحميد خيرت مدير المركز المصري للبحوث والدراسات الأمنية لحضور حفل توقيع كتابه المهم واللافت "الحصاد الأسود: ما فعله الإخوان بمصر" بمكتبة مصر الجديدة يوم 25 سبتمبر الماضي. وفي الحقيقة لم تكن المسألة كما اعتقدت مجرد حفل توقيع لكتابٍ جديد، بل كان الحفل تظاهرة في حب الوطن، وتجمعًا ضخمًا لكل الغيورين على حاضر هذا الوطن ومستقبله، ومنتدى ضخمًا لكل من لا يذكر لجماعة الإخوان الإرهابية سوى أنها ليست أكثر من صفحة حالكة السواد في التاريخ المصري المعاصر.
لقد بدأ اللواء خيرت مؤلفه بإهداءٍ مؤثر؛ حيث أهدى هذا العمل الضخم لكل مواطن بسيط يدرك معنى وقيمة مصر، ولكل امرأة أثبتت أنها "عمود الخيمة المصرية" في كل الأوقات، ولكل رجل وشاب وفتاة، يؤمن بأن بلده لا يمكن اختطافه أو رهنه بقبضة خائن أو مجرم أو إرهابي أو جاسوس، ولكل روح شهيد من أبناء القوات المسلحة والشرطة بذل نفسه رخيصة من أجل أن تصبح راية مصر عالية خفاقة، ولكل دمٍ سال أو جُرِحَ في إصابةٍ غادرة روى التراب بعَبَقِ التضحية والفداء، ولكل زوجة شهيد وابنة شهيد وأسرة شهيد وأمِ شهيد تحملت الألم وأدركت أنها إنما تحمل مشروع شهادةٍ يكون تحت طلب وأمر الشعب.
وقد اغرورقت عيناي بالدموع وأنا أستمع إلى شهادة حية على مؤمراة الإخوان على وزارة الداخلية واقتحام السجون والهجوم على مديريات الأمن في عموم البلاد، وقد أدلى بهذه الشهادة المهمة التي يجب توثيقها للتاريخ سيادة اللواء محمد إبراهيم مدير أمن الإسكندرية الأسبق إبان جمعة الغضب في 28 يناير 2011، والتي قام فيها الإخوان وأشياعهم بمؤامرتهم الكبرى على وزارة الداخلية بغرض وضع الدولة في حالة انفلات أمني كامل يسهل لهم مخططهم في الاستيلاء على حكم البلاد، لولا يقظة القوات المسلحة وبعض أبطال الشرطة المصرية الذين أظهروا بطولات نادرة في الدفاع عن شرف بدلتهم العسكرية وانتمائهم الوطني.
لقد روى اللواء إبراهيم كيف قُدم هو و13 مدير أمن على مستوى الجمهورية للمحاكمة، ووضعوا في قفص الاتهام طوال شهور المحاكمة، ونالهم ما نالهم من إهانات وسُباب وشتائم الإخوان، والذين قذفوهم بكل ما تصل إليه أيديهم وهم في القفص، رغم أنهم جميعًا بذلوا كل ما في وسعهم للذود عن عرين وطنهم، ولم يؤدوا سوى واجبهم الوطني. وقد أضاف اللواء إبراهيم أن قضاء مصر الشامخ هو الذي حكم ببرائته هو وزملائه، وأنه لم يثرى من وظيفته لأنه كان يخدم وطنه لأنه يعشق تراب هذا الوطن، وخرج من الخدمة وهو لا يملك سوى شقة صغيرة، ولم يمتلك سيارة في حياته إلا بعد أن اشترى واحدة من مكافأة نهاية الخدمة. إن ثمة قصص لم تُروى بعد لبطولات الشرطة المصرية، وقد آن الأوان لتوثيق وتدوين هذه البطولات، وحكاية اللواء محمد إبراهيم إحداها.
وقد قسم المؤلف كتابه إلى تسعة أبواب: تناول الباب الأول من خلال فصوله السبعة المؤامرة الكبرى التي تعرضت لها مصر والمنطقة العربية فيما عُرف بثورات الربيع العربي، التي كانت تستهدف في المقام الأول تقسيم الدول العربية إلى دويلات وكانتونات يصارع بعضها بعض على خلفية عرقية أو مذهبية أو طائفية أو دينية لصالح الكيان الصهيوني، واستنزاف الثروات العربية. وتناول الباب الثاني الحقائق الصغيرة التي يحولها الإخوان وأعوانهم وميليشياتهم الإلكترونية إلى أكاذيب كبيرة. ولم ينس المؤلف الدور القطري المشبوه في المؤمرة الكبرى على المنطقة العربية، بتنسيق كامل مع الكيان الصهيوني.
وتناول الباب الرابع علاقة الإخوان بالنشطاء والحركات الاحتجاجية، وعلاقتهم الوثيقة بتركيا التي رعت تفاهمات الجماعة بالولايات المتحدة الأمريكية. وفي البابيْن الخامس والسادس يوضح المؤلف كيف استطاع الإخوان أن يحولوا الميادين من الثورة إلى الفوضى بعد قرار مشاركتهم فيها، وكيف أنهم سرقوا الثورة وامتطوها. وتناولت الفصول التالية كيف تحولت مصر على أيدي الإخوان إلى "جمهورية القلق والفوضى، وكيف أصبح "الاستبن" رئيسُا حاصلاً على لقب "أول رئيس مدني مزور". ورغم أن مصر عاشت زمن الإخوان وهو أحلك الأزمان التي مرت بها، إلا أنه – كما يقول المؤلف في الفصليْن الأخيريْن من كتابه، لا بد لليل أن ينجلى ، ولا بد من عودة الروح لوطن أصر ألا ينسلخ عن هويته التي تميزه عبر آلاف السنين.
وعلى حد قول المؤلف في خاتمة كتابه، بعد بيان الثالث من يوليو 2013 أدرك المصريون أن كابوس الإخوان قد انتهى، وللأبد. وتنفس الجميع الصُعداء، وانطلقت الاحتفالات في ميدانيْ "التحرير" و"الاتحادية"، وكذلك في كل محافظات مصر. وأخيرًا سقط نظام حكم الإخوان، لتمسح مصر من على جبينها النقطة السوداء والمُشينة التي شوهته خلال عام واحد، وكان لا بد من محوها من ذاكرة التاريخ. وهكذا يبدأ فصلٌ جديد من "ربيع" مصر الذي كتبه المصريون بإرادتهم ودمائهم وتضحياتهم من أجل الخلاص.
وبدأت مصر في استعادة نفسها وهويتها لكي تقف على قدميْن راسختيْن لتُعيد بناء ما تهدم من روحها ومساجدها وكنائسها ومنشآتها ومعنوياتها، ولا زالت مصر تحيا، لأن مصر لا تموت.. تحيا مصر.