إعلان تجاري ربما يستوقفك كثيرا، فشخص يدعي أنور يرغب في بيع ملابسه الداخلية، تحت لافتة "أندر أنور للبيع" مستهلا عرضه بمداعبة - أنور باع أندره ياولاد - علي سجع المثل الشعبي الشهير "عواد باع أرضه يا ولاد"، مما يزيد لغز الإعلان لوغاريتما جديدا.
يشترط أنور عقب عودته من السفر أن يسترد لباسه الداخلي من مشتريه مبررا ذلك بأن العشرة ما تهون إلا علي ( ولاد الحرام )، اندهشت من الأمر الذي أراه يحدث لأول مرة، وتخيلت ولو لوهلة أن الأمر لا يخرج عن كونه طريقة جديدة للفت النظر لقضية سياسية، أو إسقاط علي أزمة ما، أو تجليات للسيد أنور للفت النظر إلي شخصه.
إلا أن أنور يواصل إثبات جدية البيع واضعا مواصفات أندره، قائلا "أستك منه فيه، متين الأجناب، رقبة روند، مصنوع من القطن الخالص، مستعمل بحالة جيدة، لا يَظْهر من خلال الملابس الخارجية، به نسبة قطن إسترتش 94 % قطن 6 % ليكرا، شبابي ومريح ويأخد شكل الجسم، يجعل الجسم مستقيما ومنسقا بالإضافة إلى أنه يمتص العرق، متوفر باللون الأسود المتميز وبسعر خاص جدا.
ثم يفجر صاحب الإعلان المفاجأة أن البيع لدواعي السفر لمساعدته في شراء التأشيرة، وأن الأندر تم الإستغناء عنه بعد ما عمل ريجيم، فأصبح واسعا علي خصره "وبيتْسِلت منه"، خاتما إعلانه "أندر أنور" خير ممثل وسفير للقطن المصري المعروف على مستوى العالم بجودته الفائقة، واضعا شعار "أندر تتأندر من عند أنور".
ثم ينوه الإعلان أن أنور يتيح إرجاع أندره خلال14 يوما في حال تغيير رأي المشتري، أو إذا شاب المنتج عيب أو لم يتطابق مع المواصفات المعروضة له علي الموقع بشرط ألا يكون تم فتحه.
ثم يطالب أنور مشاهدي الإعلان بالاهتمام بالتفاصيل الصغيرة للأندر مثل الخياطة،لأنها فى بعض الأحيان بتفك بعد فترة من الاستخدام "وطبعا ده مش في أندر أنور، مما قد يحرمك متعة الراحة والإسترخاء".
هذا الأنور وذلك الأندر يجسدان ما ألت إليه ظروف الغلاء، لدرجة الرغبة في بيع مالا يُقْبَل او يُتَقَبلْ بيعه، فالشعب الذي كان من تراثه الاحتفاظ بالروبابيكيا فوق أسطح المنازل والبلكونات، كرمز للذكريات والحنين إليها، قرر أن يحطم ذكرياته علي صخرة غول ارتفاع الأسعار.
لن أستبعد أن نري هذا الإعلان قريبا علي صفحات بيع وشراء المستعمل "أون لاين" علي فيس بوك، فما أقوله عن أندر أنور- ذلك التخيل الإعلاني غير الواقعي - ما هو إلا إسقاط علي الظروف الاقتصادية الصعبة التي جعلت هذه التجارة رائجة بين طبقات المجتمع، بدءا من الطبقة فوق المتوسطة وحتي طبقات الفقر المدقع،
حيث دفعت كلفة المعيشة الباهضة الأسر المصرية إلي بيع أي مقتنيات مستعملة لديها إن علت أو هوت، ومنها أشياء تتعجب منها مثل الملابس والشباشب والأحذية، باديهات، البيجاما، الملابس المنزلية والرياضية، التي شيرت، الجوارب، ملابس السباحة، الروب والبشكير المستعملة، الأواني المنزلية والتحف، والإكسسوارات، مفارش السفرة، التي كانت في السابق تذهب لعمل الخير، كل هذا مقابل حفنة من النقود تقوي الفرد علي الحد الأدني من قوت يومه.
فهل يجعل غلاء الأسعار الغلابة تبيع ملابسها الداخلية ؟ أم أنهم سيسرعون في حلول قبل أن يتعري الشعب !!