رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الماسة الحقيقية إرادتنا المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نحتفل هذه الأيام بالذكرى الرابعة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد، الذى نتذكر من خلاله أن الإرادة وحسن الإدارة إذا اجتمعتا سويا يمكن أن تحققا المعجزات، حتى إن ضعفت الإمكانيات.. هكذا استطعنا القضاء على أسطورة جيش الدفاع الإسرائيلى الذى لا يقهر، واستطعنا عبور ما أطلق عليه خط بارليف الحصين، الذى سمى بذلك الاسم نسبة إلى القائد العسكرى الإسرائيلى حاييم بارليف، وقدرت تكلفته آنذاك بحوالى ٥٠٠ مليون دولار، وكان يعد أقوى خط دفاعى فى التاريخ الحديث، فقد بناه الإسرائيليون لتأمين الضفة الشرقية لقناة السويس، ومنع عبور أى قوات مصرية إليها، بعد احتلالهم لسيناء بعد حرب ١٩٦٧، لذلك وصفت الصحف العالمية عبوره من قبل المصريين بأنه جعل الأمة العربية بكاملها تنفض عن نفسها آثار المهانة التى تحملت آلامها منذ ١٩٦٧، ولولا أن المؤسسة العسكرية المصرية لا تستهين بعقول شبابها، وتطلق لهم العنان فى الفكر والخيال، دون أن تكبلهم بالقيود البيروقراطية، لما انطلقت فكرة اللواء مهندس «باقى ذكى يوسف» صاحب فكرة هدم الساتر الترابي، الذى كانت رتبته «مقدم» آنذاك، فاستطاعت قواتنا المسلحة بالإرادة والتخطيط والعمل الدؤوب أن تحقق النصر وتفرض إرادتها وتسترد أرضنا، لذلك أرادت الدولة فى ذكرى هذا النصر العظيم أن تبعث برسالة إلى المصريين أولا، ثم إلى العالم كله، بأننا نستطيع اجتياز كل العوائق حين نملك الإرادة، لذلك تم اختيار يوم السادس من أكتوبر ليشهد افتتاح أولى المشروعات القومية العملاقة فى العاصمة الإدارية الجديدة، وهو فندق الماسة كابيتال الذى تم تشييده ليكون من أكبر وأفخم الفنادق على مستوى العالم، والمبهر أن إنشاءه جاء فى زمن قياسى، حيث استغرق أقل من ثلاث سنوات، لنفاجأ أن الصحراء الجرداء والتراب الأصم تحولا إلى لوحة إبداعية تنطق بالجمال والرقى وتشهد على قوة الإرادة، وتؤكد شعار «مصر تستطيع»، ونشعر أننا نصنع لأجيال المستقبل أبنية حضارية يفتخرون بها، كما صنع أجدادنا على مر العصور تراثنا الثقافى والحضارى، والغريب أن نرى بعض المعترضين على هذا المشروع ممن ينتقدون كل شيء، بحجة أن هناك مشروعات أكثر أهمية فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى نعيشها، ويتناسون أننا يجب أن نسير فى كل المسارات فى آن واحد ولا ننظر تحت أقدامنا، لأن إقامة مثل هذه المشروعات لا تعيد إلينا الثقة فى أنفسنا فقط، بل تعيد رسم صورتنا أمام العالم، ليرونا كمجتمع واعد، فنشجعهم على الاستثمار والسياحة، ونقدم لهم رسالة بأننا رغم كل الظروف التى عانينا ومازلنا نعانى منها وحربنا على الإرهاب، إلا أننا قادرون على التقدم والصعود، ولن تعرقلنا الظروف والمشاكل، فكفاكم إحباط ورؤية للسلبيات فقط، ودعونا نفرح ونفتخر بإنجازاتنا التى كنتم ستتشدقون بها لو كانت فى بلد آخر! أما الجميل أن أولى اللقطات التى شاهدناها «للماسة كابيتال» كانت من خلال أغنية «رسمنالك» للفنان الإماراتى حسين الجسمى، الذى نستشعر مصريته دائما، فكانت هذه أغنيته التى أهداها إلى مصر فى ذكرى النصر، وقد عاد بها الملحن الموهوب عمرو مصطفى للأغانى الوطنية بعد انقطاع أكثر من عامين، وهى من كلمات الشاعر تامر حسين، وتوزيع أمين نبيل وأحمد الموجى، وكتابة أوركسترالية للزميل العزيز ابن الكونسرفتوار الفنان نادر حمدى، وتميزت الأغنية بإخراجها البسيط الذى مزج الماضى بالحاضر، حيث حرص المخرج محمد شعبان على نقل صور حية للرائعة المعمارية الحديثة «الماسة» مع لقطات تعبر عن مراحل من التاريخ المصري، فتجول بنا من الأهرامات للقلعة وقناة السويس، وبرز فى الأغنية اهتمام المخرج بانتقاء الأطفال المشاركين، وإعطائهم الفرصة للتعبير بتلقائية، فكل منهم بطل فى حد ذاته يعبر بكل طاقاته وانفعالاته، ويتمتعون جميعا بروح جميلة ووجوه مشرقة تظهر فيها الموهبة، ليبثوا فينا الأمل ويؤكدوا أن مصر ولادة، وليست كما يظهرها لنا بعض العقول العقيمة التى تدير حياتنا الثقافية والإبداعية، الذين جعلوا الإبداع والفن والثقافة فى حالة عطل بفعل فاعل، فلا يواكبون التطور والنهضة اللذين نراهما على مستوى المشروعات القومية فى البناء والتشييد، فنحن فى أمس الحاجة لمشروع ثقافى قومي، ينهض بالعقول وينميها ويعيد إلينا الروح الإبداعية التى أصابها الانقراض، ونرى من خلاله مصر كما رسمناها ونتمناها، وكما تستحق.