الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

دفاعًا عن فرقة «مشروع ليلى»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قامت الدنيا بمصر ولم تقعد عقب ليلة فنية أحيتها الفرقة اللبنانية المعروفة باسم «مشروع ليلى»، وما زالت ردود الفعل تتواصل حول شائعات بمنع الفرقة من الغناء بمصر مرة ثانية، الفرقة التى اجتهدت على خشبة المسرح، وقدمت أجمل ما لديها من أغنيات متقنة تحولت فى لحظات طائشة إلى مرمى سهام الجميع، لم يجتهد واحد من المهاجمين لكى يستمع إلى أغنيات الفرقة وموسيقاها ويشتبك نقديًا مع ذلك المنتج الفنى الذى تم تقديمه على خشبة المسرح، ولكن استسهل الجميع السُباب والشتيمة والصريخ والمطالبة بالمنع والذبح.
فرقة «مشروع ليلى» تابعتها منذ سنوات من خلال اليوتيوب وبعض المواقع المهتمة بالموسيقى والغناء، والمتابع لذلك الفريق الموسيقى سيعرف أنه بالفعل مُختلف عن السائد والمعروف، الموسيقى هى البطل والمُغنى يحاول ملاحقة زملائه بالفريق من خلال إمكانياته الصوتية المتميزة، وفى ظل هذا السباق يكون المستمع هو الفائز الوحيد، فرقة «مشروع ليلى» المعروفة عالميًا، تأسست على مقهى فى بيروت، وانطلقت لتعتصر كل ما فى تراثنا الغنائى من سيد درويش وصولًا إلى فيروز مرورًا بالشيخ إمام، وكل التجارب المذهلة التى عشنا عليها، الفريق المجتهد يهضم كل ما استمعنا إليه، ثم يضع بصمته الحداثية ليقول للجميع نحن هنا كجيل موسيقى جديد، ننطلق إلى المستقبل مرتكزين على الماضى متلامسين مع اللحظة الحالية ومع جمهورنا.
لذلك كان العجب من محاكمة الفريق بسبب تصرف يكاد أن يكون فرديًا من نفر من الجمهور، الفريق الذى نجح فى حشد أكثر من ٣٥ ألف مستمع له فى حفلة واحدة، لا يمكن أن يكون فراغًا أو وهمًا، فريق مثقف يعرف معنى الكلمة. فعلى الرغم من الهجوم الكاسح الذى قادته السوشيال ميديا ضده إلا أن الفريق كتب على صفحته ردًا على هذا الهجوم كلمات تفيض عذوبة ومحبة فى مصر، يقول الفريق إنه بالرغم من غنائه فى معظم دول العالم، إلا أن الغناء بمصر له قيمة ومعنى، وأن جمهور الفريق بمصر يمنح الفريق ثقة كبيرة وحماسا أكبر.
وعلى كل حال حسنًا فعلت مؤسساتنا الرسمية بعدم اشتباكها فى تلك الموجة الحمقاء ضد فريق كل تهمته الغناء المختلف، وتقديم الأغنية البديلة فى أبهى صورها، مصر التى علمت الدنيا لا يمكن لها أن تنساق خلف حملة جهولة لتصادر حق الغناء من فريق استطاع أن يكون سفيرًا لبلاده فى عشرات الدول، فبينما كان المتسكعون على الإنترنت بمصر يهيلون التراب على فرقة «مشروع ليلى»، كانت الفرقة فى طريقها عقب حفلة القاهرة مسافرة إلى أمريكا لكى تقدم هناك عددًا من الورش البحثية لدارسين يعرفون معنى الموسيقى والغناء، ويعرفون قيمة ما يقدمه فريق «مشروع ليلى».
يعرف الموسيقيون بمصر قيمة وقامة فرقة مشروع ليلى، كما تعرف فرق الأندر جراوند بمصر أهمية فريق مشروع ليلى، ولكن الخرس الذى أصابهم فى أعقاب الهجوم الحاد على الفريق، يجعلنا نتساءل عن الضمير الفنى لديهم، نتساءل عن المنافسة الشريفة المُنتجة، الخرس والصمت المشبوه يحذف من رصيد مبدعينا، بل ويجعل صورتهم سيئة أمام جمهورهم فى الدول المجاورة، فالمنافسة تعتمد على التجاور وتقدير القيمة والشهادة الحق فى اللحظات الصعبة، أما الصمت فلا يمكن تفسيره إلا بالصراع الرخيص المتنافس على شباك التذاكر.
أعتقد أن جمهور مشروع ليلى بمصر سيكون حارسًا لاحتفالات الفريق القادمة لو قُدر للفريق أن يعود إلى شاطئ النيل من جديد، وأعتقد أن الثغرة التى نفذ منها مشبوه ليرفع علم خارج السياق سوف يتم سدها، لتبقى مصر المبدعة أرض الحضارة والتقدم.