تابعنا بكل الفخر الزيارات والمشاركات الدولية الرفيعة التى قام بها الرئيس السيسى خلال الأيام الماضية، فما ننتهى من متابعة أحد لقاءاته أو اجتماعاته إلا ونجد الأخبار تتابع عن مشاركة أخرى ونشاط آخر، فلا يخفى على أحد الاهتمام غير المحدود بالعلاقات الخارجية مع كل الدول، والمباحثات الدائمة لكل الملفات الدولية والإقليمية، والمحاولات المستميتة لتشجيع الاستثمار وتوسيع مجالاته، وتوضيح المواقف المصرية بقوة وحسم فى الدوائر المختلفة.. لنشعر بأننا استعدنا هيبة الدولة بعد العناء الطويل، وشعورنا بالضياع والانصياع للمؤامرة الكبرى التى أرادت الفتك بالأمة العربية وتمزيقها، استعدنا الدولة التى كادت أن تخطف منا، وعادت لمكانتها واقفة عزيزة تأبى أن تنطلق وحيدة، فتمد اليد للدول الشقيقة التى أوشكت على الانهيار التام.. فلا ننسى كلمات الرئيس الحاسمة فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن منذ أيام قليلة، التى جاءت بمنتهى القوة والصرامة لتؤكد أن مصر لن تسمح بأى تدخل فى ليبيا.. وبالطبع فإن قاعدة «محمد نجيب» العسكرية التى تم تطويرها لتكون إحدى وسائل الردع أوصلت للعالم أجمع تلك الرسالة قبل كلمة الرئيس.. ولكن ما أشعرنا بشدة بالاعتزاز هو قوة كلمات الرئيس وتأكيده الصريح أن أغلب الأزمات العربية تعد انعكاسا لحالة الصراع الدولى، وإعلانه بصرامة رفض مصر التدخل الأجنبى فى الشئون العربية، وتشديده على تضامن مصر مع أشقائنا من الدول العربية فى مواجهة أى تدخلات خارجية، وكذلك تعبيره عن أصوات الشعوب الإفريقية التى تحاول الصمود أمام الأطماع العالمية، برسائل محكمة وكاشفة ليؤكد احترام حريات الشعوب وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول ورسائله التى تدين الدول الكبرى من بين السطور.. نشاط غير محدود ينعكس على وجه الرئيس الذى نشعر حين نراه وكأنه لم ير النوم لفترات طويلة، وفى ظل هذا النشاط البالغ والتأثير الدولى والفاعلية نجد أنفسنا منغمسين فى الهموم الداخلية، والتى تسحبنا للخلف مهما تقدمنا، فما بين غلاء الأسعار وجشع التجار والزيادة المخيفة فى التعداد السكانى إلى الفساد الذى يؤرقنا جميعا، والذى جعل الرئيس يشير إليه فى أغلب خطبه ولقاءاته مع الشعب، وجعله يعطى هيئة الرقابة الإدارية صلاحيات كبيرة لضبط الفسدة فى أى جهة أو مؤسسة أيا كانت مناصبهم، فرغم الملفات الخارجية والداخلية الثقيلة، والحرب الشرسة على الإرهاب، التى يسقط بسببها يوميا خيرة رجالنا من ضباط وجنود القوات المسلحة والشرطة، إلا أن الفساد يظل هو التحدى الأكبر الذى يواجهنا، لأنه الصانع الأول للإرهاب والفقر والجهل، فالفساد هو الذى يلتهم خيراتنا ويزيد من اتساع الفجوة بين الطبقات بطمع الفسدة ونهمهم، وهو الذى يزرع الإحباط واليأس فى النفوس ويطفئ النشاط والهمم، وهو الذى يجعل من لا يستحق فى مناصب لا يرقى لها، لنظل منغمسين فى صراعات تعرقلنا عن السير إلى الأمام، ولكن هل يكفى أن يقوم الرئيس بأقصى ما يستطيع حتى نتغلب على مشاكلنا الداخلية المستعصية وعلى رأسها الفساد؟! وهل تكفى جهود الأجهزة الرقابية منفردة؟! علينا أن نقوم نحن بدورنا مهما تعرضنا لمشاكل أو ضغوطات، علينا أن نوقن بأننا مسئولون عن أحوالنا التى لن تنصلح ونحن نصمت عن الحق خوفا من البطش، فلن تنهض مصر دون أن نصبح جميعا فاعلين وليس مفعولًا بنا، فنتقن أعمالنا بكل ما أوتينا من قوة، لأننا لن نمر مما نحن فيه إلا إذا قام كل منا بعمله على أكمل وجه، عملا بقول رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه»، وعلى التوازى لا ننسى دورنا فى الإصلاح بمواجهة الفساد، ومقاومة كل ما نراه فى المجتمع من سلبيات، ونتمتع بالصبر، ولكن بإيجابية وأمل وتفاؤل ويقين بالله، وكما يقول «ألفونسو أورتيس»: «مهما كانت تحديات الحياة التى تواجهك تذكر دائمًا أن تنظر إلى قمة الجبل.. فأنت بهذا تتذكر العظمة وتنظر إليها.. تذكر هذا، ولا تدع مشكلة ما أو أمرًا ما مهما بدا لك خطيرًا أن يثبط من عزيمتك.. ولا تدع شيئًا مهما كان أن يصرفك عن القمة، هذه الفكرة هى الوحيدة التى أريدك ألا تتخلى عنها».
آراء حرة
لا تدع شيئًا يصرفك عن القمة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق