الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عبدالناصر والسادات ومعارك الكبار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أنا لا أدعى الحكمة ولا الثقافة ولكن هناك بديهيات تعلمتها ولا أدري هل لم تمر تلك البديهيات على بعض من زملائي في المهنة، والذين أجدهم بكل جرأة وسهولة يكتبون مقالا استخفافيا أو هجوميا على هامات حكمت مصر، لها ما لها وعليها ما عليها، ليس هذا موضوعنا الآن، لكن إذا كان هؤلاء الزملاء لم يعاصروا ولم يستندوا في كتاباتهم على آراء من عاصروا ويأخذوا بجميع الروايات واضعين في الحسبان تضادها في سرد بعض المواقف، ولم يكتسبوا بعد من الخبرة ما يؤهلهم لذلك، فمن أين جاءوا بكل هذه الجرأة ليكتبوا عن عبدالناصر أو السادات؟.
بل ويخرج ذلك الكاتب ليتباهى أمام بعض من أقرانه بما كتبه، وبعيدا عن ثقافة «السوشيال ميديا» التي كانت السبب في غسيل الأدمغة وإعطاء نفخة كاذبة لمن لا يعلم وإيهامه بأنه بات مثل لقمان الحكيم، إلا أن العقل لمن لديه بقية منه يستوجب الوقوف مع النفس قبل الإقدام على أي جريرة أو كبيرة، فكيف لصبية صغار يقبعون وراء الشاشات ويتذمرون إذا انطفأ التكييف، يتطاولون على من خاض المعارك لأجل هذا الوطن، أن تختلف سياسيا أو أن يكون لك رأي مخالف هذا مشروع فقط إذا كان مبنيا على أسس، أم أن تشوه رجال سطروا أسمائهم بالدماء على صفحات التاريخ فهذا هراء لا يمكن لعقل تقبله.
وقبل أن أسوق حكاية حكاه لي حماي رحمة الله عن «عيال» على شاكلة هؤلاء الصغار الذين يتطاولون، أقف قليلا عند التقرير الإسرائيلي الذي ادعى أنه تم تسريب خطة يوم 12 أكتوبر عام 1973 من أحد القيادات البارزة في محاولة بائسة لتعكير صفو احتفالات أكتوبر؟ والأمر لا يحتاج إلى بحث للرد.. فقد قال لي أحد الفلاحين أمس حينما سمع مني ذلك الأمر ببديهية: «طب واللي قالهم على 12 أكتوبر طالما واصل ما قالهمش ليه على 6 أكتوبر ولا على كل التخطيط اللي السادات عمله قبل الحرب.. ده طق حنك والحرب وجعاهم.. يا بني تلاقي السادات اللي سرب لهم التقرير ده لهدف في دماغه.. الجيش المصري يا بني عمره ما يبقى بينه واشي».
نعود لهؤلاء الصغار وحكاية حماي، الذي قال لي: «كان هناك رجل ذو جاه في القرية يدعى الحاج «عبد الصمد» يحب أن يخرج فيها مميزا في ملابسه وشكله، وكانت لديه مشكلة أن الهواء كان ينعكش شعره الناعم، فينزل على جبينه وكان ذلك بالنسبة له قلة قيمة، ولم يكن حينها قد ظهرت مثبتات الشعر لا الجيل ولا الكريمات، فاهتدي أن يغسل شعره ثم يمرر عليه رغاوى صابون ويصففه وبذلك سيكون مثبتا، استغل أحد أعدائه ذلك وبدلا من أن يأخذ الأمر بمحمل أن الرجل يحرص على وجاهته، جمع مجموعة من الصبية وقال لهم، ما أن تروا الحاج عبد الصمد إلا وعليكم أن تسيروا وراءه وتهتفوا أبو صابون.. أبو صابون، فعل الصبية ذلك دون مناقشة فمن أين سيأتون بالحكمة والعقل في هذا السن الصغير.
غضب الحاج عبد الصمد لكنه لم ينفعل ولم يعط الأمر أهمية رغم تكراره، وأخذ يفكر بعقلية هؤلاء الصغار، واهتدى إلى شراء «طوفي وشكولاتة» لهم، وتعمد الخروج في الشارع فكرروا ما وزهم عليه العدو، وهنا أخرج الحاج عبد الصمد الشكولاتة ووزعها عليهم وطالبهم أن يهتفوا بصوت عالٍ أبو صابون.. أبو صابون، واستجاب الصغار، يوم وراء يوم وتوزيع الشكولاتة مستمر والهتاف عال، والعدو سعيد بما حققه في ظنه، حتى جاء اليوم الذي حدده الحاج عبد الصمد فخرج إلى الشارع ووقف الصغار ينتظرون الشكولاتة، فقال لهم لماذا لا تهتفون يا أبنائي، قالوا له: «لما تدينا الشكولاتة الأول»، ضحك وقال لهم: مفيش شكولاتة، ردوا: «وإحنا مش هنهتف تاني»، هنا خرج عدوه ينظر ماذا يحدث فقال له الحاج عبد الصمد: «عيب لما تستخدم العيال الصغيرة في معارك الكبار».