يناقش البروفسير جون أولوفلين فى كتاب «الحرب والسلام من معسكرات الموت إلى الحراك الدبلوماسى» لممارسات الهيمنة الأمريكية والاستجابة لها، فيقول: منذ نهاية الحرب الباردة، استمرت الولايات المتحدة فى توسيع سيطرتها العسكرية على كل الدول الأخرى؛ ففى ٢٠٠٢، كانت الولايات المتحدة تحتكر ٤٣٪ من الإنفاق العسكرى العالمي، وكان يتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من ٥٠٪ من الإجمالى العالمى خلال ثلاث سنوات.
ففى عام ٢٠٠٢، كان إنفاق الولايات المتحدة يساوى إنفاق الخمس والعشرين دولة التالية مجتمعة. وبينما توجد طرق مختلفة لقياس القوة العسكرية، إلا أن الإنفاق العسكرى يمثل أبسط وأشمل مقياس. فطبقًا لهذا المقياس، تنفق الولايات المتحدة حوالى ٣.٣ من إجمالى الناتج المحلى على جيشها، مقارنة بمعدلات تصل إلى نصف ذلك فى أوروبا الغربية (١.٣٪ فى ألمانيا، ٢.٣٪ فى المملكة المتحدة، ٢.٦ ٪ فى فرنسا). وتنفق بعض الدول الفقيرة نسبيا معدلات أعلى من ذلك على جيشها، مثل تقديرات الصين من ٣.٥٪ إلى ٥٪، ولكن الحجم المطلق صغير نسبيا (٤٧ مليار دولار للصين، مقابل ٣٩٩ مليار دولار للولايات المتحدة فى ٢٠٠٢).
بالإضافة إلى الزيادة فى الإنفاق العسكرى الأمريكي، فإن زوال أى تحد خطير للتفوق العسكرى والسياسى الأمريكي بسبب انهيار الاتحاد السوفيتي، كان يوسع الفجوة بين الولايات المتحدة وبقية الدول.
لقد كان قادة الولايات المتحدة حريصين على حشد التأييد للحرب الأمريكية على العراق، فلم تبدأ تلك الحرب فى ربيع ٢٠٠٣ إلا بعد سنة من الجهود المكثفة لإقناع الأمريكيين بمزاعم عن مخاطر امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، والعلاقة المفترضة بين نظامه والقاعدة، وهجمات الحادى عشر من سبتمبر.
ومع اندلاع الحرب، كانت أعداد كبيرة من الأمريكيين ٧٧٪ تساند أعمال إدارة بوش، حيث أظهر استطلاع رأى نشرته صحيفة «واشنطن بوست» فى ٧ إبريل ٢٠٠٣ أنه من بين المجموعات السكانية الكبيرة، عبر الأمريكيون الأفارقة فقط عن تأييد أقل من المتوسط لهذا العمل ٤٩٪، وعلى العكس، عبر ٩٩٪ من الجمهوريين المحافظين عن تأييدهم للهجوم على العراق.
ويجيب جون أولوفلين عن سؤال، لماذا يرغب الأمريكيون هكذا فى تأييد استخدام القوة العسكرية فى الخارج؟، تعتبر الفجوة بين الأمريكيين، ومواطنى الدول الديمقراطية الأخرى تطورا حديثا. ففى وقت حرب كوسوفو ١٩٩٩، كان مواطنو دول مثل الدنمارك وكرواتيا والمملكة المتحدة يظهرون تأييدا أعلى للهجوم على يوغوسلافيا، مقارنة بالأمريكيين، بينما كانت قيم الأمان والفرنسيين والنرويجيين والكنديين لا تختلف كثيرا عن المعدل الأمريكي.
وبالطبع تكمن الإجابة على السؤال فى هجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١، والتى غيرت عقلية السياسة الخارجية الأمريكية أكثر من أى حدث.
ولكن بالرغم من الضجة الإعلامية الأمريكية حول طريقة تغيير العالم، فإن سؤال سول كوهن عالم الجغرافيا السياسية البارز، كان أكثر واقعية فى الإجابة على سؤاله الخاص: هل غير الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١ المشهد الجيوبوليتيكى العالمى جوهريا؟.. فى الحقيقة، ليس العالم هو الذى تغير، ولكن الإدراك الأمريكى للعالم هو الذى تغير.