عندى للقارئ اليوم ثلاثة كتب جديدة، كلها بالإنجليزيّة وكل منها يستحق أن أخصص له هذه الزاوية كلها.
الكتاب الأول لفتنى إليه عنوانه فهو «هل تستطيع إسرائيل البقاء. التهديد من الداخل؟» ومؤلفه كريغ كارلستروم صحافى إنجليزى سبق أن عمل مراسلًا لجريدة «تايمز» اللندنية، وهو الآن مراسل مجلة «إيكونومست» الراقية.
كارلستروم يتحدث إلى إسرائيليين كثيرين من سياسيين ومستوطنين وعسكر. هو لا يهمل الاحتلال وإنما يسجل المشاكل التى يجلبها الاحتلال على الإسرائيليين من خلاف بين الجيش والسياسيين، وخلاف الغالبية من يهود إسرائيل مع المستوطنين.
كانت إسرائيل تزعم أنها واحة ديمقراطية وسط جمهوريات أوتوقراطية وممالك، وكان لها أنصار فى السياسة الأمريكية والميديا يروّجون للكذب حتى عندما يكون رئيس الوزراء إرهابيًا من نوع بنيامين نتنياهو. كارلستروم لا يهمل نتنياهو وإنما يشير إلى جهده لتفكيك الرابطة القديمة بين الإسرائيليين الذين يعلمون أن خسارة حرب تعنى خسارة إسرائيل. المؤلف يحذّر من الأخطار الداخلية على مستقبل إسرائيل، ويعرّى بعض الخرافات عن الصهيونية، ويتحدث صادقًا عن الاحتلال والمستوطنين، وبما أن كارلستروم أقام فى إسرائيل فهو يرسم صورة قاتمة للوضع السياسى الداخلى وآثاره فى مستقبل إسرائيل، وقد انقسمت بين السياسيين والجيش والمستوطنين، أو اليمين واليسار.
الكتاب هذا يستحق القراءة، والترجمة إلى العربية.
أعود إلى رواية أراها رائعة هى «حريق فى البيت» من تأليف كاميلا شمسى التى قد تفوز بجائزة بوكر هذه السنة، والرواية تتحدث عن أختين وأخ بين لندن والولايات المتحدة، كنت كتبت عن هذه الرواية قبل أن أنتهى منها وزدت إعجابًا بها بعد أن قرأتها.
الرواية تبدأ بمشهد لا أراه صحيحًا، ففى المطار تفتش أسما بدقة بالغة، وضابط يسألها عن رأيها فى الشيعة والملكة والديمقراطية والمثليين وبرنامج طبخ مشهور على التليفزيون وغزو العراق وإسرائيل والعمليات الانتحارية ومواقع مواعيد الغرام على الإنترنت.
أسما ذهبت إلى كلية أمهرست فى ولاية مساتشوستس لدرس علم الاجتماع، وتركت فى لندن أختها أنيقة التى تلعب دورًا رئيسيًا فى الرواية. الأخت أنيقة تحب إيمون، إلا أنها أيضًا تحب أخاها التوأم بارفيز، وتريد أن تستغل علاقتها مع ابن الوزير لإنقاذه بعد أن انضم إلى الدولة الإسلامية المزعومة فى سوريا.
أنتقل إلى الكتاب الثالث وهو «كل فكرة ثالثة، عن الحياة والموت ولعبة النهاية» من تأليف روبرت ماكروم، وهو ناشر إنكليزى عمل فى «الأوبزرفر» وتعرّض سنة ١٩٩٥ لنوبة قلبية كادت تقضى عليه، وهو يتحدث فى كتابه الجديد عن العيش فى ظل الموت، المرض جاءه، وهو فى الثانية والأربعين بعد شهرين فقط من زواجه، وكتب قصة مرضه فى كتاب عنوانه «سنتى بعيدًا عن العمل»، وقرّر أن يساعد زوجته سارة ليال فى عملها.
ماكروم انفصل عن زوجته، وتعرّض لسقطة مؤلمة، وهو يمشى فى شوارع لندن، فكان أن طلع بفكرة كتابه الأخير، ونقل فيه عن «بروسبرو» فى رواية العاصفة لشكسبير قوله «كل فكرة ثالثة لى ستكون عن قبري».
ثلاثة كتب تستحق القراءة.
نقلا عن الحياة اللندنية