تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
خطابات وبيانات وتصريحات الرئيس محمد مرسي منذ توليه الحكم وحتى الآن، وبصفة خاصة خطاب التهديد والوعيد الأخير للمعارضين والنشطاء السياسيين، ذكرني بالموقف الذي عرض في أحد الأفلام الكوميديه للراحلين عبدالمنعم مدبولي وإبراهيم سعفان، حينما ذهب سعفان لعيادة الطبيب النفسي، الدكتور مدبولي، يشكو له من اضطهاد الناس بسبب قصر قامته؛ فكان العلاج الذي قدمه له أن يمشي في الشارع ويردد بصوت عال: «أنا مش قصير أُوزعة أنا طويل وأهبل» حتى يبعد عنه الشعور بالاضطهاد.
ونفس الحال يواجه الرئيس مرسي منذ جلوسه على مقعد الحكم ودخوله قصر الرئاسة وارتدائه أفخم البدل والظهور بنيولوك جديد أمام الكاميرات، ورغم ذلك فلديه شعور دفين داخلي بأن الناس لا تتعامل معه كرئيس، وأن قلة من أهله وعشيرته فقط هي التي تشعره بأنه رئيس مصر.
وبدلاً من مواجهة هذا الشعور النفسي بآراء وقرارات عملية تؤكد للجميع أنه رئيس مصر، وأنه صاحب القرار في إدارة شئون البلاد، وليس المرشد أو الشاطر، استجاب لروشتة علاج الراحل عبد المنعم مدبولي، وأصبح يردد في جميع الخطابات: «أنا رئيس مصر وليس أحد غيري.. والله العظيم أنا رئيس مصر وليس بديع أو الشاطر».
وحتى يثبت ذلك للمصريين؛ يلجأ دائمًا في أغلب الخطابات والبيانات إلى استخدام لغة الأصبع والتهديد والوعيد، ويحذر الآخرين. ولو كان رئيسًا حقًّا -كما يعتقد- لما لجأ لهذا الأسلوب؛ لأن كلام الرؤساء بميزان من ذهب، وأفعالهم هي التي تتحدث عنهم، وليست تصريحاتهم وكلماتهم الجوفاء.
فالرئيس محمد مرسي، رغم مرور 9 أشهر على جلوسه في الحكم، ما زال يشعر بأنه «إستبن»، وأن لقب المرشح الاحتياطي لخيرت الشاطر يطارده، حتى في أحلامه؛ فيسعى بكل الطرق لإثبات العكس، ولكنه للأسف يبدو كأنه أسد على المعارضين له، ونعامة أمام جماعته وأهله وعشيرته.
فالرئيس محمد مرسي لم يتعلم من درس إعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال في مدن القناة الثلاث، وكيف تحدى أبناء تلك المدن هذه القرارات وأعلنوها صراحة عدم اعترافهم به كرئيس لمصر، وجعلوا من قراراته حبرًا على ورق، واستخدموا أساليب السخرية من هذه القرارات بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر القديم والحديث.
فالرئيس محمد مرسي، وبكل تأكيد، ورغم أنني لست طبيبًا نفسيًّا، يعاني من نوبات واضطراب نفسي حاد، بين شعوره الداخلي بأنه ليس هو الرئيس وليس هو صاحب القرار، وبين محاولة الظهور أمام الكاميرات وعند مخاطبة المواطنين بأنه الرئيس، وهو يعلم أن الشعب لا يصدق ذلك؛ لأنه حتى الآن لا يصدق نفسه.
فالرئيس محمد مرسي لا يحتاج إلى مساعدين ومستشارين للشئون السياسية والاقتصادية، ولكنه يحتاج إلى مستشارين وأطباء نفسيين للخروج من هذه الحالة التي يعاني منها؛ خشية أن تتطور هذه الحالة مستقبلاً ويسير داخل قصر الاتحادية ليقول أنا رئيس مصر وليس بديع أو الشاطر.
وقصة شعور المصريين بأن محمد مرسي ليس هو الرئيس الفعلي لمصر امتدت إلى خارج حدود مصر، ووصلت لغالبية الضيوف الأجانب والعرب الذين التقى معهم، ومنهم عاهل الأردن، الملك عبد الله، الذي ذكر أن الرئيس مرسي ليس لديه عمق سياسي، أي بمعنى آخر أنه سطحي في تحليله ونظرته للمشاكل المصرية والعربية والإقليمية والدولية.
ومن الأسرار المعروفة لدى قيادات جماعة الإخوان أن مكتب الإرشاد عند المناقشة لاختيار من يكون وكيلاً لمؤسسة حزب الحرية والعداله -عند التفكير في تأسيس الحزب- وقع الاختيار على الدكتور سعد الكتاتني، رئيس الحزب الحالي، وكان محمد مرسي في المرتبه الثانية، أو بمعنى آخر الرجل الاحتياطي والإستبن، ثم جاء اختياره لرئاسة الحزب بعد تأسيسه؛ بسبب الاتفاق على الدفع بالكتاتني لرئاسة البرلمان.
فالرئيس محمد مرسي ليس أمامه إلا أن يفعل كما فعل الممثل الراحل القصير إبراهيم سعفان، بأن يسير في شوارع المحروسة ومعه ميكرفون زميلنا محمد عبد القدوس، وينادي بأعلى صوت: «أنا مش تايواني، ولا فيه رئيس تاني، أنا الرئيس الأصلي» لعل من يسمعه يصدقه.