انتقدت بشدة في مقال سابق تحت عنوان "وظيفة بـ42 ألف جنيه شهريًا" الشروط التي وضعتها الحكومة لتولي منصبي "معاون ومساعد" الوزير، مؤكدا أنها تفتقد لمعايير الشفافية في الاختيار وباب خلفي للمجاملات.
مما قد يجعل البعض يفهم أنني ضد تولي الشباب للمناصب القيادية أو "مستكتر" من باب الغيرة والحقد والغل "والبحلقة في إيد الغير" أن شابا لم يتجاوز عمره 40 سنة يتقاضي مبلغ 42 ألف جنيه شهريًا كمرتب للمنصب.
لا، ليس هذا هو منتهى كلامي ولا مقصده، بل دعونا نفكر بصوت مرتفع ونفتح "نافذة شات جماعي" تكون الحكومة طرفا فيه، من خلال استخدام برامج الدردشة التي تختارها سواء سكايب أو ويندوز لايف أو ماسنجر أو جوجل تاك أو واتس آب.. إلخ.
تخيلوا الحكومة تتحدث عن دخل شهري لشخص واحد فقط وقدره 42 ألف جنيه، وفي نفس الوقت هناك بطالة "وعاطلين بالملايين" بلغت نسبتهم 11.98% من قوة سوق العمل التي تضم 29 مليون عامل، بما يعني تقريبا 3 ملايين عاطل وعاطلة منهم 35% من الحاصلين على شهادات جامعية، وهذا حسب التصريح الأخير لرئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء اللواء أبو بكر الجندى.
عارفة يا حكومة لو حصل متسابق مصري الجنسية على هذا المبلغ في مسابقة الحلم الذي يقدمه مصطفى الأغا على شاشة "إم بي سي"، ستتوقفت عضلة قلبه من شدة الفرح، فهذا المبلغ لم يره أو يوفره طوال سنين عمله الوظيفي.
تعلمين تمام العلم أن هناك مواطنين يحملون الجنسية المصرية من أب وأم مصريين وتجاوز عمرهم 60 عاما ولم يحصلوا على وظيفة! ومنهم الباعة الجائلين وعددهم بالملايين وتطاردهم المحليات وشرطة الإشغالات والمرافق يوميا في محطات الأتوبيس أو مواقف السرفيس أو بجوار محطات المترو والسكك الحديد وهي ظاهرة غير مقبولة طبعا ".
لكِ أن تتمعني يا حكومتي الغالية! في المبلغ المرصود لجناب المساعد والمعاون، فهناك 30 مليون مصري تحت خط الفقر طبقا لإحصائيات رسمية، وسترتفع النسبة مستقبلا تأثرا بتعويم الجنيه، بما يعني دخول شريحة ضخمة من الطبقة المتوسطة تحت رايته البغيضة، هؤلاء -والله العظيم- لا يستطيعون توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية، أو بالأدق "مش لاقيين" قوت يومهم وتسألهم عن اللحمة يقولون لك "كان فيه وخلص".. طب الفراخ يقولون لك "دبحناها من زمان".. طب عايشين إزاي يقولون لك "فطارنا وغدانا وعشانا"على ربنا.. ونعم بالله.
تخيلوا تذكرون هذا المبلغ الضخم في وسائل الإعلام وهناك موظفون في الدولة "بقالهم" 30 سنة شغالين بكل فناء وإنكار للذات في الهيكل الإداري للدولة وفاضل لهم على المعاش "زلطة ويطلعوا بره"، ولا تتجاوز مرتباتهم مئات الجنيهات المعدودة على أصابع اليد الواحدة وربما أقل.
سمعاني يا حكومة! 42 ألف جنيه "يا عدلك" وهناك عمال تراحيل عددهم بمئات الألوف هجروا بلادهم بعد أن ضاق العيش بهم، وتركوا أبناءهم لهثا وراء لقمة العيش، لكن مع الأسف أدار لهم الزمان ظهره، فتركهم نهبا للشارع الذي لا يعرف الرحمة، تطاردهم لعنة الجوع وخيبة الأمل، وعضلاتهم التي كانت مفتولة أجهدها الجوع والرطوبة، والشاب منهم صار كهلا، والكهل أصبح شبه إنسان حي.
يا حكومة يا خلق "هووووه " 6.5 مليون موظف وموظفة في هيكلك الإداري في شهر 7 من كل سنة منتظرين بفارغ الصبر علاوتك، "اللي ماتجبشي دلوقتي كرتونتين بيض" وتتحدثين عن 42 ألفًا شهريًا، ومكافأة نهاية الخدمة "المعاش" لعدد كبير منهم وهي من الضرائب والتأمينات المستقطعة من مرتباتهم لا تساوي نصف شهر من "معاون ومساعد".
ألو يا حكومة لسه عندي رسالة، 42 ألفًا يا "بيه" اللي هيتحصل عليهم معالي المساعد والمعاون، يمكن أن نعين بهم "كام عاطل كفء"؟ بمرتب 1200 جنيه لكل منهم طبقا للحد الأدني للأجور، عدد 35 موظفا جديدا "هنشيلهم وننتشلهم" من على المقاهي والطرقات ونفتح لهم بيوتا.. ياااااااه يعني المعاون الواحد للوزير يفك 35 موظفا صالحا.
يا حكومة عدالتك الاجتماعية فين؟ إنتِ عارفة بحسبة بسيطة الـ8 معاونين ومساعدين في الوزارة الواحدة يكلفوكي 336 ألفا شهريا و4 ملايين و32 ألفا سنويا.
وبنفس الحسبة البسيطة هيكلفوكي في 28 وزارة مرتبات شهرية تقدر بـ9 ملايين و408 آلاف، وسنويا 112 مليونا و896 ألفا، يعني تقريبا ممكن نعين 95 ألف شاب سنويا "بمرتب 1200 جنيه شهريا وده إنجاز يفوق إنجاز تعيين المساعدين والمعاونين.
ألو ألو يا حكومة مش بتردي ليه.. أنا خلصت رسائلي
عفوًا لقد غادرت الحكومة المحادثة!
وللحديث بقية