الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إسقاط الدولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن حركات ما سمى بـ«الربيع العربى»، لم تستهدف الأنظمة كما أعلنت عن ذلك فى شعارها الذى كان يتردد على الألسنة منقولا من بلد إلى آخر «الشعب يريد إسقاط النظام»، ومفهوم النظام هنا يعنى مجموعة إدارة الدولة، أما المعنى اللفظى فيدل على أن كلمة (الفوضى) هى عكس كلمة (النظام)، وكأنهم كانوا يريدون القول إن الشعب يريد الفوضى وليس النظام، ولكن إذا وافقنا على المعنى الاعتبارى الأول وهو الدال على مجموعة الأفراد الذين يديرون الدولة أو السلطة التنفيذية، فتعالوا نرى ما حدث فى بلاد العرب، حين قرر الربيع أن يزورها فجأة فى فصلى الخريف والشتاء، فأحداث تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن تمت جميعها فى فصلى الخريف والشتاء، ولكن المخطط لهذه الأحداث أراد أن ينعتها بالربيع كدلالة على ما هو قادم من مستقبل مزهر يرتبط بشباب تفتح كالورود، وقبل أن تستخدم وسائل الإعلام هذه التسمية قيل عن شهداء يناير- رحمهم الله جميعًا- إنهم الورود التى تفتحت فى حدائق مصر، وهذا كله يصب فى نهر واحد، وهو خلق الأمل فى نفوس الناس بأن هذه الأحداث ستأتى بربيع مشرق على البلاد، ولكن هل ما حدث حقًا كان هدفه إزاحة مجموعة إدارة الدولة باعتبارهم من الفاسدين أو الفاشلين – حسب رؤية من فعلوا ذلك أو من أطلقوا على أنفسهم الثوار؟ أم أن الأمر كان يهدف إلى إسقاط الدولة نفسها – وتعالوا نفكر بموضوعية ونستعيد ما حدث حين قرر الرئيس مبارك أن يتخلى عن إدارة الدولة ولم يسلمها إلى أحد بعينه من أفراد السلطة التنفيذية أوحتى التشريعية التى كانت مرفوضة شعبيًا بعد انتخابات ٢٠١٠، وإنما عهد الرئيس إدارة شئون البلاد إلى المؤسسة الوطنية الحامية للأرض والشعب والتاريخ، والتى لا يختلف عليها أحد، وظننا أن الحال قد استقر، وأن الأزمة مرت وانتهت بسلام، بعكس الدول الأخرى التى رفضت الأنظمة فيها أن تتخلى عن سلطاتها، فشهدت الشوارع قتلًا واقتتالًا، وتدخلت الدول الكبرى والصغرى واحتلت تلك البلاد، وأتحدث تحديدًا عما حدث فى ليبيا حين تصور الجميع أن بمقتل العقيد القذافى قد طويت صفحة سوداء، وبدأت صفحة مشرقة جديدة، ولكن هل حدث ذلك؟ وهل كان الشعب الليبى بحاجة إلى الثورة على القذافى بغية الديمقراطية، وهو الشعب الذى لا يعانى نفس الأزمات الاقتصادية التى تعيشها البلدان الأخرى؟ ولماذا أصابته عدوى الديمقراطية فجأة عقب أحداث تونس ومصر، والحقيقة أن الهدف لم يكن أبدا هو إسقاط الأنظمة، وإنما إسقاط الدولة، فبعدما تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد فى مصر مؤقتًا، بدأ الذين أطلقوا على أنفسهم لفظ الثوار فى مهاجمة هذه المؤسسة الوطنية وإشعال فتيل أزمة بينها وبين أفراد الشعب وحاولوا التشكيك فى نواياها، بل فى تاريخها وانتصاراتها، وهناك من سافر إلى الخارج ليذرف الدموع، مطالبًا العالم بالتدخل ضد جيشنا، والفيديوهات موجودة حتى الآن على موقع «اليوتيوب»، وهنا ظهر للقاصى والدانى أن الهدف لم يكن إسقاط النظام، خاصة حين قام بعض هؤلاء بحرق المجمع العلمى ومحاولة اقتحام وزارة الداخلية وحرق بعض المحاكم وأقسام الشرطة، ومن قبل ذلك مقار أمن الدولة، وهذا كله يؤكد أن الهدف العام كان إسقاط الدولة وتحويلها إلى ملعب يرتع فيه كل من يريد، ولولا حكمة المجلس العسكرى ورئيسه وقتها- المشير طنطاوي- ما عبرت مصر هذه المحنة بسلام، فقد استطاع الرجل أن يحافظ على كيان الدولة ومؤسساتها، فى حين أن البلدان الأخرى فشلت فى تحقيق ذلك فسقطت الدولة واحتلتها الجماعات المسلحة المتطرفة وجيوش الغزاة الجدد، وبات الأمر أشبه بكرة خيط اشتبكت فيها الخيوط، وأصبح من المستحيل فكها إلا إذا انقطع الخيط، وهذا ما حدث فى سوريا واليمن وليبيا، وفى فترة حكم الإخوان تجدد أمل هؤلاء فى إسقاط الدولة المصرية لتلحق بالدول المجاورة بغية إعادة رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، ولكن وعى الشعب المصرى وإصرار الجيش على الحفاظ على كيان الدولة حال بيننا وبين ذلك المصير.