• جاء تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف مخيبًا لآمال كثيرة للعديدين من المهتمين بهذا الشأن الوطنى الملح والعاجل والخطير، كما جاء التشكيل عجيبا محبطًا لمن انتظره بشغف وأمل فى إنقاذ هذا الوطن البائس حيث جاء التشكيل غريبًا يعج بالملاحظات وعلامات الاستفهام!!
•استنكرته دماء وأرواح الشهداء ورفضته دموع ذويهم وأنات أطفالهم حيث لم يكن مفهومًا كيف تم تجاوز كبار المفكرين المصريين المعنيين بالعقل المصرى والمتخصصين فى مكافحة الطائفية ومكافحة الأفكار الإرهابية.
• فمن غير المفهوم مثلا تجاوز تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب مفكر مصرى بوزن أستاذنا الكاتب الكبير «أحمد عبدالمعطى حجازي» أو مفكر ومثقف مصرى بحجم الدكتور «جابر عصفور» وزير الثقافة الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للثقافة السابق أو مفكر بحجم «طارق حجي» وما كتبه من مؤلفات عن العقل المصرى وعن سلبياته.
• من غير المفهوم أيضا أن يأتى التشكيل متجاوزًا مثقفا مصريا جذريا بحجم الدكتور «وسيم السيسي» وما كتبه طوال عمره عن «القومية المصرية» كذلك كيف يتجاوز التشكيل فيلسوفا مصريا بحجم الدكتور «مراد وهبة» ومؤلفاته عن العلمانية وملاك الحقيقة المطلقة والفكر الأصولى والعقل التراثى والدوجما والتعصب والتكفير وغيرها!!.
• ليس مفهومًا أيضا أن يتم تجاوز بعض الصحفيين المتخصصين الذين أمضوا حياتهم مسئولين فى صحفهم عن ملفات جماعات الإسلام السياسى!!.
• كذلك غير مفهوم تجاوز الباحث القبطى الرصين «سمير مرقص» الذى عاش حياته باحثًا فى شئون «المواطنة» كما لا يجب تجاوز أسماء مثل الدكتور يحيى الرخاوى والدكتور خالد منتصر وغيرهما من كتاب شغلوا أنفسهم بقضية الإرهاب والفكر الإرهابى وتجديد المفاهيم الدينية وإصلاحها.
• لم نفهم أيضا أن يأتى التشكيل خاليا من أى أستاذ فى علم الاجتماع أو أى أستاذ متخصص فى تاريخ الحركة الوطنية المصرية وتاريخ مصر الحديث أو أى خبير من خبراء التربية وإعداد المناهج والمقررات!!.
• ولم نفهم أيضا لماذا تم اختيار شخصيات بعينها وما علاقتها بمكافحة الظاهرة الإرهابية وما علاقتها بالفكر وقضاياه ومباحثه؟ فلم أفهم مثلا سببًا لاختيار الفنان القدير «محمد صبحي» وغيره؟ ولم أفهم سببًا واضحا لاختيار الشاعر المتمكن «فاروق جويدة» وهو الذى كتب مقالا عجيبا فى صحيفة الأهرام الجمعة ١٨ أغسطس تحت عنوان «مأساة رابعة خطيئة الإخوان الكبرى» والذى كشف فيه عن خفة وسطحية وركاكة وعدم معرفة أو أدنى إلمام بطبيعة فكر جماعة الإخوان الإرهابية أو بتاريخ وفكر وطبيعة مشروع الإخوان ودورها ضد الحركه الوطنية المصرية وبطبيعة العقلية الإخوانية عقلية «طظ فى مصر وأبو مصر ويحكمنا ماليزى المهم يكون مسلم» وعقلية «لا معنى لكلمة وطن، وما الوطن إلا حفنة من تراب وعقلية «القرآن دستورنا» وعقلية «رفض كل الدساتير الوضعية والعقود الاجتماعية» وعقلية «رفض كل من هو خارج جماعة الإخوان من المسلمين» وعقلية «التنظيم الخاص واغتيال «المعارضين» وعقلية الفرد المسلم «بدلا من «المواطن المصري» وعقلية الحكومة الإسلامية بدلا من الحكومة المصرية والخلافة الإسلامية والولاية الإسلامية والأمة الإسلامية بديلا عن الأمة المصرية والخليفة ودولة الفتوى بديلا عن دولة القانون وعقلية» نفى روابط التاريخ والثقافة المشتركة والكفاح الوطنى المشترك»، عقلية «رابطة الدين فى مواجهة رابطة الأرض والدم والخصوصية الثقافية والتاريخ المشترك»!.
• طرح جويدة تساؤلات وتصورات تكشف عن خفة وسطحية وحسن نية مفرط فى مواجهة فكر الجماعة الإرهابية ومشروعها وعدم إدراك ولو بسيط لأفكارها وقيمها وعقائدها الفكرية!!
• حيث أكد أنه لم يكن يتصور أن تعادى الجماعة الجيش المصرى أو تضع من بين أهدافها القضاء على الجيش!!
• وهو كلام مضحك ومبك فى آن معا، قال جويدة بالحرف الواحدة كلاما غريبا عجيبا من نوعية ( كان المصريون يعتقدون أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة دينية تدعو إلى الله وتنشر الإسلام بسماحته وأن قضيتها الأولى هى الدعوة)!!
وقال جويدة: لا أحد يتصور أن يكون من بين أهداف جماعة الإخوان المسلمين هو تدمير قدرات وإمكانات جيش مصر وهو مصدر حماية شعبها وهو آخر ما بقى من حصون هذه الأمة..!!!.
• ولا أدرى عن أى أمة يتحدث الشاعر فاروق جويدة فهو لم يدرك بعد أن «الأمة المصرية» التى يحميها ذلك الجيش العظيم لا تعنى الإخوان فى شىء من قريب أو بعيد وأنهم يؤمنون بالأمة الإسلامية والقومية الإسلامية حيث غاب على شاعرنا الكبير أن الأمة المصرية تعبير لا يقول به الإخوان ولم يقولوا به عبر تاريخهم الطويل منذ إنشاء الجماعة فى العام ٢٨ ولا يؤمنون به ولم يقولوا به عبر تاريخهم نهائيًا فهم دعاة قومية على أساس الدين تتأسس على إلغاء الذات الوطنية.
• والمقال كله من أوله إلى آخره يخفى عدم معرفة شاعرنا المتمكن بالموضوع الذى نحن بصدده وهو مشروع الإخوان وإرهابهم وأفكارهم وجذورها والذى كلف الأستاذ جويدة بأن يكافحه من خلال عضويته فى المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف والذى صار عضوا فيه للأسف الشديد.
• ولقد أصابنا مقال الأستاذ جويدة بخيبة أمل كبيرة وإشفاق على هذا الوطن المأزوم البائس الذى يحلم بالقضاء يوما على مشروع الإخوان الذى هو الأخطر معرفيا على الأمن القومى المصرى والذى هو الخطر الأكبر والداهم على بقاء الدولة المصرية واستمرارها بعد أن تعرضت الدولة المصرية للاختطاف وبعد أن سالت أذكى الدماء من الجيش والشرطة والمدنيين، وبعد أن تحول الوطن إلى ساحة عزاء كبيرة، ومل المصريون من إعلان حالات الحداد المتكررة.
• بقى أن نؤكد أن صدمتنا فى تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب أكدها وبرهن عليها وزادنا خوفا وحسرة وإشفاقا على مستقبل هذا الوطن المأزوم مقال الأستاذ جويدة الذى رفض أن ينعت الجماعة الإرهابية بنعتها طوال مقاله مؤكدا على أنها جماعة (الإخوان المسلمين).