الجمعة 24 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

المسئولية في الحرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أسمى القيم الإنسانية قيمة الحرية - الحرية هي عطية الله للإنسان التي أضحت حقًا من حقوقه الأساسية- لكن ما هى الحرية؟ الحرية هي توفير المناخ الملائم للإنسان حيث يعبر فيه عن ضميره وتفكيره ومعتقداته، دون أية إملاءات خارجة عنه، بل يدير حياته ويتخذ قراراته بملء إرادته.
إن السمة الأساسية التى تميز الإنسان عن باقي مخلوقات الله، هي قدرته على الإدراك والتمييز والاختيار بحرية. لهذا فالإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يستطيع أن يكون حرًا.
الحرية كانت ولا تزال حلم الإنسان والشعوب، بل صرخة الشعوب عبر التاريخ، وتتكرر هذه الصرخة كثيرًا في منطقتنا، لا سيما، في هذه الفترة التي تشهد تغيّرات جذّرية ومصيرية، لكن على أهمية قيمة الحرية، فهي أيضًا سيف ذو حدّين إذا ما أسيء استخدامها، وهذا ما حصل في اختبارات الأفراد والمجتمعات عبر التاريخ، إذ عندما استخدمت الحرية دون أي ضوابط، صارت إجازة مرور لتشريع الأنانية، والانحلال الخلقي، وتفكك العائلة، وانتشار المآسي والشر، قال اللاهوتي الروسي نيكولا برداييف «لقد خلق الله الإنسان حرًا، ومن الحرية حصلت مأساة الإنسانية». فالحرية قد تصل بنا إلى المآسي إذا ما أسأنا استخدامها.
يتحدث الكتاب المقدس عن مفهوم للحرية فيه يختار الإنسان بملء إرادته، بعض القيم الروحية لتكون ضوابط تضبط إدارة حياته، هذه الضوابط يسمّيها الرسول يعقوب «ناموس» أو «شريعة»، ولكن هل للحرية ناموس؟ نعم. يقول الرسول يعقوب «هكذا تكلّموا وهكذا افعلوا، كعتيدين أن تحاسبوا بناموس الحرية» (يعقوب ٢: ١٢ )، فالحرية فى المفهوم المسيحي، هى حرية مسئولة أمام الله، وأمام المجتمع، وأمام البيئة التى هى خليقة الله، إنها حرية تحاسب وتساءل الإنسان الحر.
الحرية والمسئولية توأم يجب ألا ينفصلا، كيما تحافظ كل قيمة منهما على جوهرها، فالحرية دون مسئولية تقود الإنسان والمجتمعات إلى الفوضى والانحطاط بكل أنواعه،  والمسئولية دون حرية تجعل من الإنسان رجلًا آليًا، لا يمكن محاسبته كون أن ما يصدر عنه من أفكار وتصرفات لا يعبّر عن حقيقة ذاته، قال الكاتب جورج برنارد شو: «الحرية تعني المسئولية، لهذا يخافها الناس».
هناك بعض القيم التي أسمّيها «قيم المسئولية»، يجب أن تواكب الحرية كيما تحافظ الحرية على حقيقة معناها في حياتنا ومجتمعاتنا، أذكر منها أربعًا: الحق، والمحبة، والخدمة، واحترام الآخر.
قال المسيح يسوع: «تعرفون الحق والحق يحرركم» (يوحنا ٨: ٣٢)، الحرية يجب أن تواكب بمعرفة الحق وصنع الحق، كيما تكون حرية حقيقية. أما الرسول بولس فقال: «أيها الإخوة إنما دعيتم للحرية، فلا تصيّروا الحرية فرصة للجسد، بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضًا» (غلاطية ٥: ١٣). فالحرية يجب أن تواكب بمحبة وخدمة الآخر، كيما تكون حرية حقيقية.
تتعالى أصوات الحرية في منطقتنا وفرنسا والعالم، مطالبة بحقها الأساسي في حرية التفكير والتعبير وتقرير المصير، الحق الذي وهبه الله للإنسان. إلا أن قيم المسئولية التي يجب أن تواكب الحرية والتي هي، المحبة، والخدمة، وصنع الحق، واحترام تفكير ومعتقد الآخر، هي صمام الأمان للحرية الحقيقية في حياتنا ومجتمعنا الشرق أوسطي والعالم.