مفكر كبير أفنى عمره إخلاصًا وحبًا لوطنه، حفر اسمه بجدارة بين صفوة المفكرين المصريين والعرب، إنه الدكتور علي السمان المولود في 18 ديسمبر عام 1929 بحي المنيل بالقاهرة، والذي عانى صعاب ومشقة الحياة منذ نعومة أظافره.
توفي والده وعمره لم يتجاوز العامين، لينتقل بعدها إلى مدينة طنطا، ليعيش مع والدته التي انتقلت إلى جوار ربها بعد عامين آخرين، وهو لم يبلغ الأربع سنوات بعد، لتتولى تربيته جدته لأمه، والتي سقته بحنانها حب الوطن لتظل أمام عينيه النموذج المثالي للعطاء.
التحق السمان بمدرسة الأقباط الابتدائية بطنطا، ولم تمنعه الدراسة بمدرسة للأقباط من التفاعل مع أقرانه، على العكس ولدت علاقات صداقة بينه وبين العديد من زملائه في الصف المدرسي، وكبرت عبر السنين، حيث ارتبط السمان بعلاقة وثيقة ملأتها المحبة والود بالمطران مسيحة، رغم فارق السن بينهما، وكأن القدر كان معه على موعد، حيث جمعه بعد أكثر من نصف قرن بابن المطران مسيحة المسئول عن الكنيسة القبطية في باريس.
التحق السمان بمدرسة طنطا الثانوية، وبدأ اهتمامه بالعمل الوطني في فترة مبكرة من حياته، شارك في تكوين مجموعة في تنشيط العمل الوطنى، ضد الإنجليز وهو في المرحلة الثانوية وشارك في شراء قنابل ضد الإنجليز، وكل ذلك كان لا ينفصل عن الالتزام الكامل بواجبه المدرسى.
استمر السمان في العمل الوطنى، والنضال ضد الإنجليز وفي عام 1951 كون مع زملائه في الجامعة كتيبة "أحمد عرابي"، التي كانت مهمتها إرسال الفدائيين لقناة السويس، ضد الإنجليز، واستمر ذلك العمل حتى جاءت الثورة في 1952.
وكان السمان من أوائل من أيدوا الثورة، وانضم للثورة بإعلان رسمى مع 40 شابا جامعيا و5 أساتذة من الجامعة، وانضم لها في 24 يوليو.
أحب السمان دراسة القانون الذي كان يساوي العدل بالنسبة له، فبدأ الدراسة بكلية الحقوق ليتخرج فيها عام 1953، ليلتحق بعدها بدبلومة الدراسات العليا في القانون الدولي العام والعلوم السياسية بجامعة جرونوبل، فرنسا، وبعدها حصل على دبلومة الدراسات العليا في العلوم السياسية، من الجماعة ذاتها، ليحصل عام 1966 على دكتوراه الدولة في القانون والعلوم السياسية، من جامعة باريس، بفرنسا.
شغل منصب رئيس الاتحاد الدولى لحوار الثقافات والأديان، حتى وافته المنية اليوم الخميس، عن عمر ناهز 88 عاما بالعاصمة الفرنسية باريس.
تولى "السمان: عدد من المناصب، منها، سكرتير عام الجمعية المصرية الأوروبية للإعلام الاقتصادي ومقرها الرئيسي بسويسرا، ورئيس لجنة الحوار والعلاقات الإسلامية بالمجلس الأعلى للشئون الأسلامية، ورئيس مجلس إدارة نوكيا سيمنز للشبكات في مصر، ومستشار شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر لشئون الحوار، ونائب رئيس اللجنة الدائمة للأزهر الشريف للحوار بين الأديان السماوية، ورئيس وكالة أنباء الشرق الاوسط، ورئيس منطقة غرب أوروبا لإتحاد الاذاعة والتليفزيون، ومدير مكتب رئيس الوزراء لمشروعات البنية الأساسية، ومستشار الرئيس السادات للإعلام الخارجي، والمسئول عن الإعلام الخارجي برئاسة الجمهورية في الفترة من 1972 الى 1974.