عندما ننادى بأن العلمانية هى الحل يصرخ الجميع مهاجمين متوعدين وهم يتهموننا بالكفر والزندقة، كيف تستبدل العلمانية بالإسلام ؟!، الإجابة البسيطة هى أنه لا يمكن استبدال هذا بذاك لسبب بسيط وهو أن العلمانية ليست دينًا بديلًا ولكنها مجرد منهج تفكير وأسلوب بناء للدولة المدنية الحديثة، ومن الممكن جدًا أن تصف نفسك بأنك مسلم علمانى بدون أى تناقض أو إحساس بأنك قد ارتكبت جريمة، سيرد قارئ متشنج بأن الإسلام لا يحتاج إلى العلمانية لأنها كانت تمثل حلًا للمشكلة الأوروبية، وأن خصوصية الحياة الأوروبية فى العصور الوسيطة هى التى أدت إلى نشأة العلمانية، والمشكلة التى أنتجت العلمانية كحل وعلاج لا نعرفها من الأساس وبالتالى، فنحن لا نحتاج العلمانية كدواء لأن الداء نفسه لا نعانى منه، وأن الإسلام لم يشهد على مدى تاريخه قمع العلم ومحاربة العلماء والمجددين.
لا بد أن نتفق على عدة أساسيات حتى لا يتوه النقاش، أهمها أنه ليس من الطرح العلمى المنهجى المضبوط أن نبدأ نقاشاتنا بأن نخلط آراءنا الشخصية بأن نبدأ الجملة بعبارة الإسلام يقول كذا.. فقد أصبحت هناك إسلامات وليس إسلامًا واحدًا، ورأيك الشخصى أو ما تستمده من مذهبك أو فقيهك المفضل ليس بالضرورة هو الإسلام، ولا تقل لى إننى أتحدث عن صحيح الإسلام، فما يعتقده محمد عبده أنه صحيح الإسلام، لا يعتبره عمر عبدالرحمن كذلك، والترابى له صحيح الإسلام الذى يختلف به عما يعتقده الملا عمر، والشيخ ابن باز يؤكد أن آراءه هى صحيح الإسلام وأن آراء الشيخ الغزالى ليست كذلك ويعارضهم جميعًا الإمام الخومينى!، هل الإسلام لم يشهد قمع العلم والمجددين فعلًا؟، ونؤكد قبل الإجابة أننا نتحدث عن الحكم الإسلامى والتاريخ الإسلامى وهنا نتكلم عن السياسة، ولا نتحدث عن الإسلام كدين، ولذلك نقول إن القمع كان موجودًا فى التاريخ وبقسوة، واستخدم الدين كمبرر وغطاء وسلاح لمنح الألوهية للحاكم الذى يقمع بفتح الياء، ولذبح المفكر الذى يُقمع بضم الياء، والتاريخ الإسلامى مزدحم للأسف بهذه الأمثلة لحكام استخدموا الدين وخلطوه بسياستهم ومصالحهم ودعموه بفتاوى فقهاء السلطان لقمع أى فكر جديد مختلف، وكان باسبورت إنقاذ هؤلاء المفكرين فى كلمة واحدة لا تتعارض مع الدين، ولكنها تتعارض مع استخدام تفسيرات الدين الخاطئة فى القهر والتنكيل، وهى كلمة العلمانية، التاريخ الإسلامى ليس استثناء، فرغم المساحات المشرقة المتسامحة فى هذا التاريخ إلا أن هناك مساحات اضطهاد للفكر المخالف على عكس ما يروجه الإسلاميون بأن تاريخنا الإسلامى لم يشهد قمعًا للمجددين والعلماء، وأسأل كل منهم، هل تعرف من الذى أمر بقتل السهروردى، وهو واحد من كبار الفلاسفة الموسوعيين الذين جمعوا بين الفلسفة الإسلامية واليونانية والهندية والمصرية والفارسية؟! هل تعرف من الذى أمر بقتل هذا الشاب صاحب الستة وثلاثين عامًا بسجنه ومنعه من الطعام والشراب حتى يموت وتتعفن جثته؟!،إنه صلاح الدين الأيوبى! بالتأكيد سيصدم كل من يصر على تناول التاريخ بطريقة فيلم صلاح الدين، ولكنه لن يندهش كل من يقرأ التاريخ بعين ناقدة وعقل محايد، لا نريد أن يبحر شراع وتتجه دفة التاريخ حسب الهوى والمزاج الشخصى، من يضمن لنا أن تكون مساحة قبول الآخر المختلف ليست رهنًا بمزاج الحاكم وتركيبته الشخصية؟ من يضمن لنا أنه عند اللزوم لن يخرج لنا هذا الحاكم من عباءة النصوص الفقهية الدينية مما يرسخ ظلمه وما يدين ويجرم ويكفر الخروج عليه، إنها العلمانية التى تحتاجها الإنسانية ولا يحتاجها دين معين، هى الضامن، المناطق المظلمة فى التاريخ لا تلوث الدين نفسه، ولكن ما يلوث الدين هو جره إلى شارع السياسة الذى يزكم الأنوف ترابه ودسائسه.
مضطر أنا لأن أفتح عدسة الرصد التاريخى أكثر وأوسع لرصد مفكرين وعلماء اضطهدوا بسبب ألوهية الحاكم وخلط الدين بالسياسة، حتى نقتنع بأن العلمانية ضرورة وليست ترفًا، وبأنها الحل الوحيد لصناعة نهضة الأمم، وهى ليست ضد الدين وإنما هى ضد تدخل السلطة الدينية، وهى لا تفصل الدين عن المجتمع بل تفصله عن السياسة، وأسألكم عن ابن المقفع ومن قتله وكيف قتل؟! قتله الخليفة أمير المؤمنين أبوجعفر المنصور، المؤسس الحقيقى لأعظم خلافة إسلامية وهى الخلافة العباسية، والذى قال عن نفسه: إنما أنا سلطان الله فى أرضه، قتل الخليفة هذا المفكر العظيم، لأنه فقط نصحه فى كتاب رسالة الصحابة بأن يحسن اختيار معاونيه! كيف يتجرأ ابن المقفع على ظل الله فى الأرض؟! عاقبه المنصور بتقطيع أطرافه قطعة قطعة، ثم تشوى على النار أمام عينيه، ثم يأكلها ابن المقفع حتى يموت!!!، ليقرأ كل منكم كيف تعامل الحاكم النصف إله مع الرازى وأنت تعرف كطبيب من هو الرازى فى تاريخ الطب، تم عقابه بضربه على أم رأسه بكتبه التى ألفها حتى فقد بصره، وكيف طورد ابن رشد؟، وكيف صلب الحلاج؟، وكيف جلد الكندى؟!، التاريخ يا سادة رمادى ليس فيه هذا اللون الأبيض الناصع ولا الأسود الغطيس، ولهذا نحتاج إلى العلمانية، لأننا لسنا استثناء من التاريخ، وإذا تحدثنا عن المسلمين فنحن نتحدث عن سياسة لا عن دين، فمثلما أحرقت الكنيسة القس جيوردانو برونو وحاكمت جاليليو انطلاقًا من مفهوم الدولة الدينية واحتكار الحقيقة، أحرق محمد بن أبى بكر الصديق وهو فى بطن حمار، وذبح الجعد بن درهم فى عيد الأضحى وهو مقيد فى منبر المسجد!، ومثلما كان الكهنة يبررون للملوك ألوهيتهم ويقنعونهم بأنهم ظل الله على الأرض ويبيعون صكوك الغفران، كان معاوية يقول: «أنا خليفة الله فى أرضه»، وأبوجعفر المنصور يهدد بأنه «سلطان الله فى أرضه»، ومن قبلهما كان ذو النورين عثمان يقول: «لن أخلع رداء سربلنيه الله»، أى أن الحكم تحول إلى رداء إلهى!،ولهذا أرفض مقولة أن العلمانية احتياج أوروبى مسيحى فقط، ونحن كمسلمين لا نحتاجها لأننا لا نحتاج للدواء، لأننا غير مصابين بالداء، لا أسف الداء كان موجودًا ومتأصلًا فى تاريخنا السياسى، وقد اختلطت حدود الدينى فيه بالسياسى على امتداد تاريخ حكم المسيحيين والمسلمين أيضًا، ولكن الفكر الغربى بعد محاكمة جاليليو لجأ إلى العلمانية كحل، وأصبحت أوروبا وأمريكا فى المقدمة، بينما لجأ فكرنا، للأسف بعد محاكمة ابن رشد وصلب الحلاج، إلى مزيد من الخلط الدينى السياسى، ومزيد من الشرنقة الأصولية، إلى أن صرنا فى السبنسة والذيل والقاع.
لا بد أن نتفق على عدة أساسيات حتى لا يتوه النقاش، أهمها أنه ليس من الطرح العلمى المنهجى المضبوط أن نبدأ نقاشاتنا بأن نخلط آراءنا الشخصية بأن نبدأ الجملة بعبارة الإسلام يقول كذا.. فقد أصبحت هناك إسلامات وليس إسلامًا واحدًا، ورأيك الشخصى أو ما تستمده من مذهبك أو فقيهك المفضل ليس بالضرورة هو الإسلام، ولا تقل لى إننى أتحدث عن صحيح الإسلام، فما يعتقده محمد عبده أنه صحيح الإسلام، لا يعتبره عمر عبدالرحمن كذلك، والترابى له صحيح الإسلام الذى يختلف به عما يعتقده الملا عمر، والشيخ ابن باز يؤكد أن آراءه هى صحيح الإسلام وأن آراء الشيخ الغزالى ليست كذلك ويعارضهم جميعًا الإمام الخومينى!، هل الإسلام لم يشهد قمع العلم والمجددين فعلًا؟، ونؤكد قبل الإجابة أننا نتحدث عن الحكم الإسلامى والتاريخ الإسلامى وهنا نتكلم عن السياسة، ولا نتحدث عن الإسلام كدين، ولذلك نقول إن القمع كان موجودًا فى التاريخ وبقسوة، واستخدم الدين كمبرر وغطاء وسلاح لمنح الألوهية للحاكم الذى يقمع بفتح الياء، ولذبح المفكر الذى يُقمع بضم الياء، والتاريخ الإسلامى مزدحم للأسف بهذه الأمثلة لحكام استخدموا الدين وخلطوه بسياستهم ومصالحهم ودعموه بفتاوى فقهاء السلطان لقمع أى فكر جديد مختلف، وكان باسبورت إنقاذ هؤلاء المفكرين فى كلمة واحدة لا تتعارض مع الدين، ولكنها تتعارض مع استخدام تفسيرات الدين الخاطئة فى القهر والتنكيل، وهى كلمة العلمانية، التاريخ الإسلامى ليس استثناء، فرغم المساحات المشرقة المتسامحة فى هذا التاريخ إلا أن هناك مساحات اضطهاد للفكر المخالف على عكس ما يروجه الإسلاميون بأن تاريخنا الإسلامى لم يشهد قمعًا للمجددين والعلماء، وأسأل كل منهم، هل تعرف من الذى أمر بقتل السهروردى، وهو واحد من كبار الفلاسفة الموسوعيين الذين جمعوا بين الفلسفة الإسلامية واليونانية والهندية والمصرية والفارسية؟! هل تعرف من الذى أمر بقتل هذا الشاب صاحب الستة وثلاثين عامًا بسجنه ومنعه من الطعام والشراب حتى يموت وتتعفن جثته؟!،إنه صلاح الدين الأيوبى! بالتأكيد سيصدم كل من يصر على تناول التاريخ بطريقة فيلم صلاح الدين، ولكنه لن يندهش كل من يقرأ التاريخ بعين ناقدة وعقل محايد، لا نريد أن يبحر شراع وتتجه دفة التاريخ حسب الهوى والمزاج الشخصى، من يضمن لنا أن تكون مساحة قبول الآخر المختلف ليست رهنًا بمزاج الحاكم وتركيبته الشخصية؟ من يضمن لنا أنه عند اللزوم لن يخرج لنا هذا الحاكم من عباءة النصوص الفقهية الدينية مما يرسخ ظلمه وما يدين ويجرم ويكفر الخروج عليه، إنها العلمانية التى تحتاجها الإنسانية ولا يحتاجها دين معين، هى الضامن، المناطق المظلمة فى التاريخ لا تلوث الدين نفسه، ولكن ما يلوث الدين هو جره إلى شارع السياسة الذى يزكم الأنوف ترابه ودسائسه.
مضطر أنا لأن أفتح عدسة الرصد التاريخى أكثر وأوسع لرصد مفكرين وعلماء اضطهدوا بسبب ألوهية الحاكم وخلط الدين بالسياسة، حتى نقتنع بأن العلمانية ضرورة وليست ترفًا، وبأنها الحل الوحيد لصناعة نهضة الأمم، وهى ليست ضد الدين وإنما هى ضد تدخل السلطة الدينية، وهى لا تفصل الدين عن المجتمع بل تفصله عن السياسة، وأسألكم عن ابن المقفع ومن قتله وكيف قتل؟! قتله الخليفة أمير المؤمنين أبوجعفر المنصور، المؤسس الحقيقى لأعظم خلافة إسلامية وهى الخلافة العباسية، والذى قال عن نفسه: إنما أنا سلطان الله فى أرضه، قتل الخليفة هذا المفكر العظيم، لأنه فقط نصحه فى كتاب رسالة الصحابة بأن يحسن اختيار معاونيه! كيف يتجرأ ابن المقفع على ظل الله فى الأرض؟! عاقبه المنصور بتقطيع أطرافه قطعة قطعة، ثم تشوى على النار أمام عينيه، ثم يأكلها ابن المقفع حتى يموت!!!، ليقرأ كل منكم كيف تعامل الحاكم النصف إله مع الرازى وأنت تعرف كطبيب من هو الرازى فى تاريخ الطب، تم عقابه بضربه على أم رأسه بكتبه التى ألفها حتى فقد بصره، وكيف طورد ابن رشد؟، وكيف صلب الحلاج؟، وكيف جلد الكندى؟!، التاريخ يا سادة رمادى ليس فيه هذا اللون الأبيض الناصع ولا الأسود الغطيس، ولهذا نحتاج إلى العلمانية، لأننا لسنا استثناء من التاريخ، وإذا تحدثنا عن المسلمين فنحن نتحدث عن سياسة لا عن دين، فمثلما أحرقت الكنيسة القس جيوردانو برونو وحاكمت جاليليو انطلاقًا من مفهوم الدولة الدينية واحتكار الحقيقة، أحرق محمد بن أبى بكر الصديق وهو فى بطن حمار، وذبح الجعد بن درهم فى عيد الأضحى وهو مقيد فى منبر المسجد!، ومثلما كان الكهنة يبررون للملوك ألوهيتهم ويقنعونهم بأنهم ظل الله على الأرض ويبيعون صكوك الغفران، كان معاوية يقول: «أنا خليفة الله فى أرضه»، وأبوجعفر المنصور يهدد بأنه «سلطان الله فى أرضه»، ومن قبلهما كان ذو النورين عثمان يقول: «لن أخلع رداء سربلنيه الله»، أى أن الحكم تحول إلى رداء إلهى!،ولهذا أرفض مقولة أن العلمانية احتياج أوروبى مسيحى فقط، ونحن كمسلمين لا نحتاجها لأننا لا نحتاج للدواء، لأننا غير مصابين بالداء، لا أسف الداء كان موجودًا ومتأصلًا فى تاريخنا السياسى، وقد اختلطت حدود الدينى فيه بالسياسى على امتداد تاريخ حكم المسيحيين والمسلمين أيضًا، ولكن الفكر الغربى بعد محاكمة جاليليو لجأ إلى العلمانية كحل، وأصبحت أوروبا وأمريكا فى المقدمة، بينما لجأ فكرنا، للأسف بعد محاكمة ابن رشد وصلب الحلاج، إلى مزيد من الخلط الدينى السياسى، ومزيد من الشرنقة الأصولية، إلى أن صرنا فى السبنسة والذيل والقاع.