الأربعاء 19 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مؤشرات ودلائل الجولة الأولى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أسفرت النتائج الأولية لمحافظات المرحلة الأولى لعملية الاستفتاء على مشروع الدستور عن رفض قطاع كبير وواسع للمسودة، حيث جاءت الإجابة بالرفض حوالي 43.45% مقابل 56.55% جاءت بالإيجاب.
من حيث نسبة المشاركة، التي بلغت في المحافظات العشر حوالي 31.8% ممن لهم حق التصويت بواقع 8 مليون و670 ألف ناخب وناخبة، وهي بالتأكيد نسبة أقل بكثير عن نظيرتها في الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو من نفس العام، حيث جاءت نسبة المشاركة في المحافظات العشر حوالي 54% بواقع 12 مليون و700 ألف ناخب وناخبة، وبالتالي فإن هناك ما يربو عن 4 مليون شاركوا في الانتخابات الرئاسية لم يشاركوا في العملية الاستفتائية، وفي الوقت الذي شارك فيه حوالي 9 مليون و500 ألف في الاستفتاء الذي أجري في 18 و 19 مارس 2011، وبلغت نسبة المشاركة فيه حوالي 41.9%.
وفي الوقت الذي احتلت فيه محافظتي القاهرة والغربية النسبة الأعلى في المشاركة بواقع 33.1%، وهما المحافظتان اللتان ذهبت الأغلبية فيهما للمرشح السابق أحمد شفيق، بينما احتلت أسوان النسبة الأدنى في المشاركة بواقع 22%. كما احتلت القاهرة والغربية أيضًا النسبة الأعلى للتصويت بـ“,”لا“,” بواقع 56.9% و52.1% على التوالي، وسجلت سوهاج النسبة الأعلى بالتصويت “,”بنعم“,” بين المحافظات الـ10 بواقع 87.7%.
وعلى الرغم من التجاوزات العديدة التي شابت العملية الانتخابية من تأخر فتح المقار والمراكز الانتخابية، والتصويت الجماعي، وتوجيه الناخبين، واستغلال الدين في عملية التصويت، وهي أمور أصبحت لصيقة بكل عملية تصويتية يذهب إليها المصريون عقب اندلاع الثورة المصرية، إلا أن النتيجة الإجمالية تؤكد على العديد من حقائق الأمور، وهي ما أشرنا إلى بعضها في الدراسة التي نشرها موقع «البوابة نيوز» من قبل حول: “,” الاستفتاء على الدستور الجديد: في ضوء الخبرة الدولية“,”، والتي تتمثل في:
أولاً: أن التوافق الذي لم يحدث على مستوى النخبة، الـ100 فرد الذين شاركوا في وضع هذه المسودة، لم يحدث أيضًا على مستوى الجماهير التي نزلت بنسبة مشاركة ضعيفة للغاية لا ترتقي لتمرير دستور ثورة 25 يناير التي أذهلت العالم. وتؤكد بالفعل بأن الدساتير توضع بالتوافق وليس بالمغالبة أو الأغلبية البسيطة؛ لأننا لسنا أمام استحقاق انتخابي فقط، يكون فيه الأكثر قدرة على الحشد هو الفائز، ومن ثم كان هناك ضرورة لوضع “,”عتبة انتخابية“,” أو نسبة معينة لا بد من تجاوزها بالموافقة حتى يتم تمرير الدستور.
ثانيًا: ضرورة استمرار توحد المعارضة، خاصة أن نسبة من قال “,”لا“,” مرتفعة للغاية، وحقيقة غير متوقعة. ومن ثم إذا توحدت المعارضة وشكلت جبهة واحدة تستطيع أن تكون فاعلاً ومؤثرًا حقيقيًّا في مجريات الأمور السياسية، وستجبر الرئيس وجماعته على التفاوض معها وتقديم تنازلات، والتي هي بالأساس في صالح المجتمع، الذي يعج بنسبة فقر وأمية تربو على 45%.
ثالثًا: أن هذا الدستور بمثابة القنبلة القابلة للانفجار في أي وقت لاحق؛ لأن بموجبه سيتم وضع أكثر من 50 قانونًا جديدًا؛ مثل تلك الناظمة لعمل السلطة القضائية والمحكمة الدستورية العليا، والقوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية، وقانون مباشرة الحقوق السياسية، والقوانين المنظمة لعمل الأجهزة المستقلة والرقابية التي ستنتج عن هذه المسودة... إلخ.
رابعًا: أن المخالفات التي شابت محافظات المرحلة الأولى تؤكد على ضرورة النظر في عمل اللجنة العليا للانتخابات ومسألة الإشراف القضائي، وأنه من الأجدر والأهم لمصر تأسيس لجنة مستقلة دائمة لها هيكلها الإداري وميزانيتها المستقلة؛ مما يتيح لها الإشراف على جميع العلميات الانتخابية، والتنقيح الدائم للكشوف والجداول الانتخابية، بدلاً من تصويت الموتى المتكرر حتى بعد الثورة.
ومن الأهمية القول إن جماعة الإخوان والتيارات السلفية المختلفة ستحاول الحشد بكل قوة في محافظات المرحلة الثانية؛ حتى تزيد النسبة العامة للمشاركة والإجابة بـ“,”نعم“,”. ولكن المؤكد أن الكرة ما زالت في المعلب وفي ساحة المحافظات المتبقية، وربما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
ويجدر بنا القول إنه لا بديل أمام الرئيس، وعلى وجه السرعة، سوى فتح حوار مباشر مع رموز القوى الوطنية وجبهة الإنقاذ للوصول إلى صيغة توافقية على المواد الخلافية، حتى لو تم تمرير هذا الدستور، وعمل التعديلات المطلوبة قبل الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية، والتي تكون عادة أكثر سخونة من الاستفتاءات، مع ضرورة إلغاء المادة الخاصة بالعزل السياسي؛ لأن ليس لها جدوى سياسية، ولكنها ربما تزيد الأمور احتقانًا، وتضع الثورة في إشكالية كبرى، تتمثل في أن الثورة التي قامت من أجل حماية وصيانة حقوق المواطن المصري هي التي تريد أن تستبعده وتقلص حقوقه، وعلى أن يكون المواطن والشارع هو الحكم على الجميع.