لم تمر الذكرى الخامسة والستون على ثورة ٢٣ يوليو ككل عام، وإنما اختار الرئيس السيسى أن يكون الاحتفال بها هذه المرة بشكل مميز لا ننساه جميعا، ففاجأنا بالإعلان عن افتتاح واحدة من أكبر القواعد العسكرية فى الشرق الأوسط وربما فى العالم كله، والتى أطلق عليها اسم «محمد نجيب»، أول رئيس لجمهورية مصر العربية عقب الثورة عام ١٩٥٢.. ورغم الخلاف الذى يدور فى بعض الأحيان عن هذا الحدث التاريخى وجدواه، والمقارنات التى تحدث بين النظام الملكى والجمهورى، والتى يستغلها البعض للصيد فى الماء العكر لمحاولة زعزعة الثقة فى المؤسسة العسكرية العريقة، إلا أن هذا العيد اقترن فى أذهاننا بالتحرر من هيمنة الاستعمار الأوروبى على الشعوب العربية والإفريقية، بغض النظر عما إذا كانت ثورة أم انقلابا كما يقول البعض، فالهدف الأساسى الذى جعل الشعب يؤيد الثورة التى قام بها الضباط الأحرار لم يكن مجرد الإطاحة بالنظام الملكى، ولكن الهدف الأساسى كان التخلص من الاستعمار البريطانى.. وهو ما استلهمته العديد من الدول العربية والإفريقية، فأخذوا الثورة المصرية كنموذج احتذوا به للتخلص من الاستعمار، بالإضافة للدعم الذى قدمته الحكومة المصرية فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر فى سبيل ذلك.. ورغم أن الحقائق التاريخية لم تتضح بشكل كامل، ولا زال هناك بعض الغموض حول بعض الأحداث أو الشخصيات، إلا أن الرئيس السيسى قرر إنصاف الرئيس الراحل محمد نجيب، بإطلاق اسمه على القاعدة العسكرية الجديدة التى تحمى حدودنا الغربية.. والتى أراد الرئيس من خلالها أن يبعث بالعديد من الرسائل للداخل والخارج، فدعا زعماء الدول العربية الشقيقة ليؤكد الحرص على الوحدة العربية والتضامن العربى، ويبعث برسالته للعرب جميعا أن قوتنا فى وحدتنا.. ويؤكد للعالم كله أننا على قلب رجل واحد، فى مشهد نستعرض فيه بعضا من قوتنا، وبإنشاء قاعدة عسكرية جديدة وكبيرة لم يسمع عنها المصريون إلا عند افتتاحها، وحرص الرئيس على توضيح الحقائق وإعطاء كل ذى حق حقه، فأكد أن هذا الصرح العسكرى يمثل إضافة لجهد وعطاء الأجيال السابقة، حيث تم تطوير المدينة العسكرية التى كانت فى نفس هذه المنطقة، لتصبح قاعدة عسكرية متطورة.. واستحدث فكرة حفل التخرج الجماعى لطلبة الكليات العسكرية، لنرى أبناء مصر وخيرة شبابها من كل أسلحة وأفرع القوات المسلحة وهم يقسمون بالولاء لهذا الوطن ويحملون رايته، فى مشهد يدعو للفخر ويبعث برسالة طمأنة إلى كل مصرى يخشى على هذا الوطن، أراد الرئيس السيسى أن يبعث برسالته للعالم أجمع بأن هؤلاء الشباب هم حصاد كلياتنا العسكرية فى عام واحد، فمصر ولادة وغنية بأبنائها، ولن ينال منها أحد إلا على رقاب أبنائها جميعا.. يمولون الإرهاب ويحتضنونه ليقتلوا خيرة شبابنا، ولا يرهبنا ذلك بل يزيدنا قوة، وكما قال الشاعر إبراهيم رضوان فى أغنيته «شدى حيلك يا بلد» والتى غناها ولحنها الفنان محمد نوح «إن كان فى أرضك مات شهيد فى ألف غيره بيتولد».. فهناك الملايين الذين يتمنون أن يرتدوا الزى العسكرى ليفتدوا مصر بأرواحهم ودمائهم، وإن كانت مصر أحوج ما يكون إلى أبنائها المخلصين فى جميع القطاعات المدنية، وليس فقط فى ميادين القتال فى سيناء أو على طول حدود مصر، فإن كنا نحارب الإرهاب ونرى أعز شبابنا يتساقطون وهم يحمون الأرض والعرض، فعلينا أن نحارب أسباب الإرهاب كل منا فى ميدانه، فكل ميسر إلى ما خلق له.. وإن كنا كدولة نحارب الإرهاب والدول التى ترعاه وتموله وتؤويه، فعلينا كشعب أن نحارب صناع الإرهاب، فالفاسدون الذين يرتعون فى مؤسساتنا هم أول من يصنعون الإرهاب، لأنهم يخلقون التربة الصالحة لنموه، ويجعلون بعض ضعفاء الإيمان والوطنية فريسة سهلة لمن يريدون تجنيدهم ضد الدولة، فيستغلون شعورهم بالظلم ليجعلوهم يكفرون بالوطن وأهله.. نعم نمر بمؤامرات وحرب اقتصادية وحرب على الإرهاب الذى تدعمه دول كبرى، ولكن حربنا الداخلية أكثر شراسة، فالإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة..الإرهاب له أذرعه فى العالم كله وله من يدعمه ويؤويه ويستفيد منه، والفساد له أذرعه فى مؤسسات الدولة وله أيضا من يدعمه ويؤويه ويستفيد منه..أبطالنا فى الجيش والشرطة يحاربون رصاص الغدر بصدورهم ودمائهم الذكية دون أن يخشوه، وعلينا أيضا أن نحارب الفاسدين مهما امتدت أذرعهم التى تسرى كالأخطبوط فى مؤسسات الدولة.. وعلينا أن ندرك ونتيقن أننا سننتصر حتما على الإرهاب والفساد طالما سنستمر فى مقاومته، فكما يقول الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه: «إذا رأيت الظالم مستمرا فى ظلمه فاعرف أن نهايته محتومة، وإذا رأيت المظلوم مستمرا فى مقاومته فاعرف أن انتصاره محتوم».
آراء حرة
الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق