■ الدستور فى التعريف والتفسير القانونى والسياسى، هو القانون الأعلى فى الدولة والذى يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة، وينظم الحقوق والواجبات الأساسية للأفراد والجماعات، وهو من صنع البشر وليس كتابا مقدسا كما يحاول البعض إصباغ صفة القدسية على الدستور المصرى الحالى، رغم أن من صاغه وصنعه لجنة من ٥٠ مصريا ومصرية.
■ ورغم مرور نحو ٤ سنوات على إقرار هذا الدستور بموافقة أغلبية الشعب المصرى فى استفتاء حر ومباشر؛ فإن التطبيق العملى له كشف الحاجة الملحة والضرورية إلى أهمية إجراء وإدخال تعديلات على بعض مواده ونصوصه فى ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية التى تمر بها مصر.
■ وبين الحين والآخر ترتفع أصوات تطالب وتدعو إلى تعديل الدستور، إلا أن البعض ممن ينصبون أنفسهم أوصياء على الشعب المصرى ويشكلون فيما بينهم اتحاد ملاك الدستور، يتصدون لتلك المحاولات ويعلنون رفضها، ويسعون إلى إجهاضها، ويرفعون شعار «لا لتعديل الدستور»، بل يصل الأمر إلى توجيه اتهامات للمطالبين بالتعديل.
■ وأصبحت الدعوة إلى تعديل الدستور فى نظر هؤلاء جريمة يجب أن يعاقب عليها من يلوح بها أو يسعى لارتكابها، وعرض أوراقه على المفتى لإعدامه؛ لأنه تجرأ على الدستور وطالب بالتعديل، وهى جريمة من أغرب الجرائم رغم أن الدستور نفسه وفى المادة (٢٢٦)، أباح وسمح بعملية التعديل، سواء من خلال رئيس الجمهورية أو خُمس أعضاء مجلس النواب..
■ اتحاد ملاك الدستور الحالى هم صورة مكررة من اتحاد ملاك ٢٥ يناير؛ خاصة أن هناك العديد من الوجوه المعروفة فى مجلس إدارة الاتحاديين، ويدعون أن الدستور لم يأخذ وقته الكافى للتطبيق، وأن ٤ سنوات كافية للحكم على هذا الدستور وعلينا الانتظار ٤٠ عاما حتى يمكن تعديل الدستور.
■ ونعم ٤ سنوات ليست كافية ليس للحكم على الدستور، ولكن كـ«مدة لرئيس الجمهورية»، وأن ضمان الاستقرار السياسى والأمنى والاقتصادى فى مصر، وهى تخطو خطوات جادة نحو إعادة بناء مؤسسات الدولة، تفرض ضرورة تعديل مدة الرئاسة لكى تعود كما كانت فى دستور ١٩٧١ إلى ٦ سنوات وليس ٤ سنوات.
■ والغريب أن اتحاد ملاك الدستور من أعضاء لجنة الخمسية، جعلوا مدة البرلمان ٥ سنوات والرئاسة ٤ سنوات، وخلت محاضر اجتماعات لجنة نظام الحكم من أى تفسير أو مبررات لجعل مدة رئيس الجمهورية ٤ سنوات فقط وليس ٦ سنوات سوى التشبث بالدستور الأمريكى.
■ فالحاجة إلى تعديل الدستور تفرض على الجميع إعلاء المصلحة الوطنية لمصر والقراءة الدقيقة للأوضاع فى المحيط العربى والإقليمى والدولى، وحجم المخاطر والتهديدات التى تواجه مصر، والتخلى عن الحسابات الشخصية ومحاولات التحريض والإثارة لأن الدستور ليس ملكا لأحد بل هو ملك لشعب مصر كله.
■ وإذا كانت الدعوة لتعديل الدستور جريمة؛ فإننى أول من يرتكب هذه الجريمة ويدعو إلى الإسراع بتعديل الدستور قبل فوات الأوان وعدم الاستماع للأصوات النشاز من أعضاء اتحاد ملاك الدستور، وأن يقول الشعب كلمته فى هذا التعديل، وزيادة مدة رئاسة الجمهورية إلى ٦ سنوات، والأخذ بنظام الغرفتين، وتأسيس مجلس للشيوخ بجانب مجلس النواب.
■ فالدستور الذى وضع بحُسن النوايا من جانب لجنة الخمسين، يسعى البعض إلى تحصينه ضد التعديل بسوء النوايا؛ خاصة أن الأوطان لا تبنى بحسن النوايا، ولكن للأسف الشديد تهدم وتضيع بسوء النوايا، وتعديل الدستور ليس جريمة، بل حق منحه الدستور لمن يملك هذا الحق وهو الشعب صاحب السيادة.