يتساءل البسطاء من الناس عن القوة الداعمة لعشرات الآلاف من الإرهابيين فى طول العالم شرقه وغربه سنوات وسنوات.
ففي مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، استمر القتال على مدار أكثر من ١٢ سنة بين الجيش السوفيتي الذي غزا أفغانستان للإطاحة بالرئيس حفيظ الله أمين الذى كاد أن يستجيب لثورة الشعب الأفغاني عليه ونصبوا بدلًا منه «بابراك كارمل» الموالي للاتحاد السوفيتي بعد أن قتلوا «حافظ الله أمين».. مما دفع كلًا من أمريكا وبريطانيا لدعم المعارضة والسماح بمرور عشرات الآلاف من المجاهدين الإسلاميين لدخول أرض أفغانستان لقتال الاتحاد السوفيتي الشيوعي الملحد، وتم تدريب عشرات الآلاف في معسكرات على الحدود الباكستانية، وتسليحهم على أيدي رجال الجيش الباكستاني والمخابرات الباكستانية الوكيل الحصري للمخابرات الأمريكية آنذاك وتكلفت الدول الخليجية العربية بتمويل المجاهدين سواءً بالمال أو الرجال فلا مانع ما دام الهدف مشتركًا بين المجاهدين الراغبين في صد الغزو السوفيتي، وبين المصالح الأمريكية والبريطانية التي كانت ترى وجوب خروج الاتحاد السوفيتي من منطقة أفغانستان، حتى تؤمن وجودها فى الخليج وباكستان وحتى تستمر فى سياسة إخضاع الدول الشيوعية فى آسيا آنذاك لحرب استنزاف أدت إلى تفكك الاتحاد السوفيتى، وكانت بريطانيا وأمريكا ترعى المجاهدين الإسلاميين على أساس أنهم القوة الوحيدة القادرة على صد الانتشار الماركسى العدو اللدود لهم فى هذه المنطقة، وأمام البرلمان البريطانى وصفت مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا المجاهدين بأنهم مناضلون شرفاء ضد الغزو الماركسى لبلادهم، وذلك أمام البرلمان وإن من حقهم أن يعيشوا فى ظل نظام يختارونه هم لأنفسهم، وهكذا تم حشد عشرات الآلاف بوسائل متعددة ومليارات الدولارات لدعم جهادهم وعلى مدار أكثر من ١٢ سنة، لم يصفهم أحد بأنهم إرهابيون وقتلة.. إلخ وكان رجال من الكوماندوز البريطانى والأمريكى يصلون إلى معسكرات المجاهدين للإشراف على تدريبهم أو رفع مستواهم القتالى أو معرفة أخبارهم.. إلخ وفى عام ١٩٨٠ استقبل «قلب الدين حكمتيار» رسميًا فى ١٠ داوننج ستريت مقر الحكومة البريطانية وغيره بعد ذلك من قادة المقاومة الأفغانية.. وبعد انتهاء الحرب الأفغانية وهزيمة الاتحاد السوفيتي، استمرت الرعاية البريطانية والأمريكية والوكيل الحصرى الباكستاني للمجاهدين وبدأ إرسالهم لجمهورية الشيشان وعلى رأسهم محمود خطاب ورعاية المقاتل الشيشانى «شامل باسيف»، لمزيد من الإرهاق للاتحاد السوفيتى وكذلك تم إرسال مجموعات إلى طاجيكستان وأوزباكستان وهى جمهوريات كانت خاضعة للاتحاد السوفيتي.. ولكن حدثت مشكلة مع أمراء الحرب حيث اختلفوا على تقسيم التركة وتقاتلت الأحزاب الأفغانية كلها ضد كلها.. حكمتيار ضد أحمد شاه مسعود، وربانى ضد أزوبك.. إلخ، فسمحوا لقوات طالبان بأن تطيح بالجميع، وحكمت طالبان أفغانستان بصورة سيئة أو جيدة المهم، الكل راضٍ عن طالبان على مدار ثلاث سنوات، وسوف نذكر السبب الحقيقى للانقلاب على طالبان فيما بعد، وسمح للمقاتلين بالانتقال بمنتهى الحرية إلى اليمن الشمالى واستقبلهم الرئيس «على عبدالله صالح» وأنشأ لهم معسكرات على حدود اليمن الجنوبى لتأدية مهمتهم ألا وهى استهداف اليمن الشيوعى والصومال الشيوعى، وبالفعل تمت تصفية أكثر من ١٣٠ عنصرًا من قيادات الحزب الشيوعي اليمني، وتوحد هذا الوجود بالحرب بين الشمال والجنوب والقضاء على الحكومة الشيوعية في الجنوب بقيادة «على سالم البيض»، وسقطت الصومال فى أيدي الجماعات المتطرفة العائدة من أفغانستان - بل امتد إلى دعم حكومة «أذربيجان» للحصول على امتيازات البترول والغاز ضد الأرمن ومحاولة انتزاع إقليم «ناكورجو كرباخ»، وتم السماح بمرور المجاهدين إلى أذربيجان لقتال الأرمن، ودعم الحكومة الأذربيجانية بالمجاهدين القادمين من أفغانستان للحصول على امتيازات الغاز والبترول، وبناء خط أنابيب يمر من أذربيجان إلى ميناء جيهان التركى لضخ ٧٠٠ ألف برميل يوميًا إلى أوروبا، وفوز الشركات البريطانية والأمريكية بإنشاء الخط بطول ١٧٠٠ كيلومتر، فتولت الشركة البريطانية «بريتش بتروليوم» إدارة الخط، وعندما رفضت حركة طالبان مشروع «شركة أوتوكال» الأمريكية حق عليها العذاب، وألصقت بها الاتهامات حتى تم إسقاطها، بل إن المخابرات البريطانية والأمريكية ساهمت فى نقل المجاهدين إلى البوسنة والهرسك لتحطيم ما تبقى من أنصار الماركسية والاشتراكية، وأصدروا قرارًا من الأمم المتحدة بمنع التسليح عن القوات المتحاربة وإقامة منطقة آمنة للمسلمين الفارين من مذابح الصرب، وقاموا بالسماح لمقاتلى الصرب بالتسلل إلى هذه المنطقة الآمنة التى تحت رعاية الأمم المتحدة وقامت القوات الصربية بعمل مذبحة «سربيرنيتشا» والتى ذبح فيها أكثر من عشرة آلاف مسلم أغلبهم من النساء والصبيان.. وكانت المخابرات الأمريكية والبريطانية تقوم بكسر حصار الأسلحة بإرسال أسلحة مهربة عن طريق «منذر الكسار» تاجر مخدرات ومهرب سورى استخدموه عدة مرات لتهريب السلاح، بحجة أنها مشحونة لليمن ثم تقف فى منطقة الجبل الأسود أوكرانيا، ثم تختفى لكى توزع على جميع الرفقاء فى الحرب من مسلمي البوسنة أو من الصرب، واستخدم منذر هذا فى قضية خطيرة حيث إنه أبلغ السلطات البريطانية أن مجموعة أبونضال الفلسطينية طلبت منه سلاحًا ويبدو أنهم يريدون القيام بعمل مسلح داخل أوروبا، وهى عملية الهجوم على مطارى «روما وفيينا»، فوافقت المخابرات البريطانية على ذلك ولم تدخل لمنع الحادثة، وحجتهم فى ذلك ليس المهم قتل عدد من الأشخاص الأبرياء، المهم هو تشويه الكفاح المسلح الفلسطينى وأن هذا العمل لن يصب فى مصلحة القضية الفلسطينية، بل هو ضدها وعندما انكشف أمر هذا العميل وافتضح تم إيداعه السجن بحجة الاحتيال والنصب والتهريب.. إلخ.
وبالأمس القريب رفض الرئيس السورى بشار الأسد مشروعًا أمريكيًا لمد خط أنابيب غاز من قطر إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، لكى يكون الغاز القطرى بديلًا للغاز الروسي.. رفض الرئيس بشار الأسد ووافق على مد خط أنابيب روسى إيرانى عبر سوريا، فحق عليه العذاب وتم شحن عشرات الآلاف من كل بلاد الدنيا للإطاحة بالرئيس بشار الأسد بل والإطاحة بسوريا كدولة موحدة، وتغاضى العالم على مدار ست سنوات عن شحن المجاهدين السذج باسم الإسلام فى كل مرة، ولا يحصلون على شيء سوى الاستخدام الغبى السيئ لحماسهم الأحمق، وربما شيوخهم الضالون الذين يعملون على شحنهم يفوزون بملذات دنيئة وحفنة من الدولارات تسعدهم فى دنياهم، ولكنهم تجار دين يعملون على هدم الأوطان، ويستخفون بإخلاص وسذاجة الشباب المتحمس لدينه، ولكنه لا يعرف خبايا الأمور فلا علاقة للدين من قريب أو بعيد باستخدام هذا الشباب المتحمس تارة لهدم الشيوعية لتحل محلها أمريكا أو بريطانيا، وتارة لتحقيق مكاسب اقتصادية لشركات البترول والسلاح، وكله ضحك على الذقون، باسم إقامة الخلافة، فهل قامت الخلافة بعد سقوط روسيا فى أفغانستان أو صدام فى العراق أو بشار فى سوريا أو القذافى الذى أعلنت عليه الحرب لتمرده على النظام الاقتصاد العالمى، ومحاولة إيجاد عملة إفريقية ذهبية بديلاً للدولار وإقامة بنك تنمية إفريقى بديلًا للبنك الدولى؟ استعرض هذا الموجز لعل الشباب يعرف حقيقة ما يجرى من حوله.. والله المستعان.