أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، لا يزال يسعى إلى حل بين قطر والدول العربية التى تعارض سياستها التى ترى أنها تنتصر للإرهاب. لا أحد أفضل من الشيخ صباح فى الوساطة، فهو يجمع بين الخبرة والقدرة لاقتراح حلول ممكنة وقابلة للتنفيذ.
إذا فشلت وساطة الشيخ صباح، سألوم قطر التى يبدو أنها تعتقد أن امتلاك المال صنو للنجاح. وزير مالية قطر على شريف العمادى قال فى تصريح صحفي: «لدينا صندوق سيادى يمثل ٢٥٠ فى المئة من دخل قطر السنوي. لدينا احتياطى فى البنك المركزى ولدينا احتياطى استراتيجى فى وزارة المالية».
ما العلاقة بين هذا الكلام واتهام قطر بتأييد الإرهاب، وبوضع تليفزيون «الجزيرة» فى أيدى «الإخوان المسلمين» الذين لن يعودوا إلى الحكم فى أى بلد عربي؟
كانت البحرين ربحت القضية فى الخلاف على الحدود مع قطر، وأرى أن فوزها كان ناقصًا لأن قطر أعطيت «جائزة الترضية» وهى البحر حيث الغاز.
المشكلة ليست مالية بل سياسية، وقطر رفضت كل طلبات مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، وفضلت أن تبقى حليفة للإخوان المسلمين، وأن تقيم علاقات مع إيران ضد جارات قطر، وأن تستضيف جنودًا من تركيا. هناك قاعدة العديد حيث يعمل حوالى عشرة آلاف عسكرى أمريكي، وهى كانت تبرعًا من قطر للولايات المتحدة ردًا على وجود قاعدة للأسطول الأمريكى الخامس فى البحرين.
قطر تريد أن تكون دولة عظمى وعدد سكانها جميعًا لا يزيد على نصف حى فى القاهرة. على القيادة القطرية أن تفهم أنها لن تقود أى مجموعة عربية، وإنما سيستعملها هذا الطرف الخارجى أو ذاك لتدمير آخر مجموعة عربية متلاحمة.
الدول التى تعارض السياسة القطرية ستزيد العقوبات، بعدما وجدت أن رد قطر على مطالبها خالٍ من أى مضمون. والرئيس دونالد ترامب يؤيد موقف السعودية، وقد اتصل بالرئيس عبدالفتاح السيسى داعيًا إلى حل عن طريق الحوار، ثم صدر بيان عن البيت الأبيض يدعو (حرفيًا) إلى: وقف تمويل الإرهاب ورفض الأيديولوجيا المتطرفة.
لا أرى حلًا فى المستقبل القريب، ولعل فهد بن محمد العطية، سفير قطر فى موسكو، اختصر السياسة القطرية كلها بالقول إن قطر تقف فى وجه تهديدات الجيران، وهم هنا ليسوا إيران أو تركيا أو حتى روسيا أو إسرائيل، بل دولا يجمعها مع قطر مجلس التعاون الخليجي.
أغرب ما فى كلام السفير أنه يتحدث عن الميديا التى تدعمها الدول المعارضة لقطر. هل هذا يعنى أن الميديا القطرية حرة فى نشر ما تريد؟ أو أن «الجزيرة» تعيش من دخلها الإعلانى وليس إنفاق الحكومة القطرية مباشرة عليها؟
وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثانى يريد حل الخلاف بالحوار وليس «الحصار». هذا ما أريد أنا وكل مواطن عربى عاقل يريد الخير لبلاده وأمته. لكن قطر تقول شيئًا وتفعل شيئًا آخر، غالبًا ما يكون عكس ما قالت. الأزمة بدأت فى أول أسبوع من الشهر الماضي، وتجاوزنا منتصف يوليو ولا حل فى الأفق، بل زيادة فى التأزيم وقطر تتهم الجيران بما فيها.
ربما كان وزير خارجية قطر وسفيرها فى موسكو لا يدركان، أو لا يريدان أن يريا، أن الخلاف مع الأشقاء العرب لا يفيد سوى إيران فقضيتها تراجعت إلى الخلف مع انشغال الإدارة الأمريكية بإيجاد حل للمشكلة المتفاقمة مع قطر. أو لعل الوزير والسفير يريــدان إنــقاذ إيران على حساب دول شقيقة.
الرئيس ترامب ضد الاتفاق النووى مع إيران علنًا، إلا أن رجال الحكم فى إدارته نصحوه بالتريث لعدم وجود بدائل لاتفاق الدول الست مع إيران على تأخير، وليس وقف، برنامجها النووى الذى بدأته بالتعاون مع روسيا عام ١٩٩٥ إذا لم تخنى الذاكرة، لبناء مفاعلين نوويين قرب بوشهر.
ما أريد اليوم هو أن تقبل قطر بعضًا من الشروط العربية الثلاثة عشر، لتفتح حوارًا مع دول شقيقة تريد لها الخير، ولتغلق الباب أمام الأعداء. النظام القطرى يستطيع أن يفعل ما يمهد لحل، فقد صدرت عن ميديا قطرية كلمات تقول إن الدول العربية ليست ديموقراطية ولا برلمان منتخبًا فيها. هذا الكلام يصح عن قطر قبل غيرها، وهى بحاجة إلى دعم عربى لها مع اقتراب استضافتها كأس العالم فى كرة القدم. هى تستطيع اقتراح حل أو حلول؟، أرجو أن تفعل.
نقلًا عن «الحياة اللندنية»