نعيش زمنا صعبا،
مملوءا بالمادية التى تتحكم فى كل شيء حتى أصبحت المشاعر كالطائرات الورقية التى
تسعد الأطفال لبضع ساعات، وباتت قصص الحب الرومانسية أحلاما لا نراها إلا فى قصص
الماضى الذى أصبح بعيدا، قيس وليلى، عنتر وعبلة، قيس ولبنى، وفى ظل الشائعات
السخيفة وقضايا القتل بين الأزواج بسبب ضيق الحال أو الخيانة الزوجية، أو ما نسمعه
عن خطف الأطفال من ذويهم للمقايضة عليهم، أو خطفهم لاستخدامهم كقطع غيار للأثرياء،
أو الاعتداء المهين لكرامتهم وبراءتهم، وسط هذا القبح والجمود فى المشاعر
والأحاسيس، طلت علينا الإعلامية القديرة بنت الأصول (شافكى المنيرى) بعد مُضى أكثر
من عام على وفاة زوجها وتوأم روحها الفنان الرائع (ممدوح عبدالعليم)، والذى لم
يضبط مرة واحدة فى عمل مسف كما نرى غيره، أو عمل تخشى الأسر التى ما زالت تحافظ
على قيم ومبادئ المجتمع المصرى والعربى أن تشاهدها ومعها أطفالها بكل أريحية
واطمئنان، إنه كما أطلق عليه من جماهيره ومحبيه (الفنان المحترم) والذى ظل حريصا
على تلك الصفة التى أحبها حتى وافته المنية فى مفاجأة أوجعت الوسط الفنى، وهزت
مشاعر جموع المصريين والعرب، حكت شافكى برقى وبساطة عن أول لقاء جمعها مع حبيب
العمر والذى خطف قلبها وتمنته بعد سويعات معدودة قضاها قريبا منها ومن أخيها
وأصدقاء مشتركين، تكلمت ووصفت مشاعر الحب ودقائق تفاصيله، وقالت عن أمنيتها التى
راودتها أثناء أول لقاء، وهى ألا يكون متزوجا أو مرتبطا عاطفيا، فاستخدمت حيلة
الأنثى المحبة بمدح ذوق زوجته فى اختيار ملابسه!!..ليرد عليها إنه لم يتزوج بعد،
أدخلتنا شافكى بإحساسها الصادق فى حالة وهج الحب وانتظار أول اتصال، وثقل مرور
الزمن..حتى سمعت صوته الذى أظهر تبادله نفس المشاعر الدافئة وحالة الوجد
المتبادلة، ثم تحدثت عن بناء البيت وقالت: إنه قام بنفسه على بناء بيتهما بكل
تفاصيله، وعن حالة الشفافية والروحانية التى جعلته يرى صورة ابنتهما قبل زفافهما،
وأفاضت فى الحديث عن السعادة والتفاهم التى عاشا فى ظلها، وعن اعتمادهما الكامل
على أنفسهما فى تربية الابنة (هنا) وكل شئون حياتهما الزوجية دون الاستعانة بأهل
وأقارب كل منهما، ثم أتت اللحظة القاسية وهى تتذكر لحظة وفاته.. وما حدث قبلها،
وكيف تلقت الخبر الصادم الذى ظنته تمثيلا بارعا لحالة الموت من الفنان (ممدوح
عبدالعليم)!!.. تكلمت كثيرا وعيونها الجميلة مملوءة بالشجن والدموع الساكنة داخلها
منذ فراقه، وذلك عن قيمة أصبحت عملة نادرة فى وقتنا الحاضر وهى قيمة الصداقة، ودور
الأصدقاء المقربين فى الأخذ بيدها ومساعدتها على تخطى اللحظات والساعات والليالى
القاسية من مرارة الفراق وهول الصدمة.. لم تخجل شافكى من البوح بلجوئها إلى طبيب
نفسى من قسوة المعاناة، والتى استطاع إعادتها إلى الحياة بعد أن قال لها: اذهبى
إلى مكان الدفن واجلسى هناك فاستمرارك على تلك الحالة يجعل الموعد قريبا، وحثها
على ضرورة تنفيذ إرادة الله فى البقاء والعمل.. أعلنت شافكى من خلال اللقاء عن عزمها إصدار كتاب عن الفنان المحترم،
لتستطيع أن تتحدث عنه بلا كلل أو ملل، ودون أن تحمل أحدا عناء مشاركتها الأحزان
والذكريات، إنها سيدة مصرية بمذاق سيدات زمان.. فى حبها وإخلاصها واحترام خصوصية
بيتها وأسرتها، وفى وفائها لشريك حياتها، فما قالته شافكى من خلال برنامج (معكم
منى الشاذلى) يعد رسالة إلى المجتمع لإحداث حالة إفاقة للمشاعر الخامدة، وأيضا درسا
للأجيال المقبلة على الزواج، والطامحة لحياة لا تنتهى حتى بالوفاة.. لذا أتمنى من
الدكتورة (مايا مرسى) رئيسة المجلس القومى للمرأة، والتى تعمل على إبراز النماذج
المشرفة التى تعد قدوة فى المجتمع، أن نرى منهم هذا النموذج المشرف للمرأة
المصرية، وإبراز هذا الوجه الرائع لها، عساه يعيد إلى المرأة المصرية كرامتها التى
انتهكت بسبب تصدير الصور والمشاهد السلبية فى السينما والدراما، وكذلك البرامج
السوداوية التى لا ترى إلا التحرش وأمراض المجتمع، وأن يكلف المجلس شافكى بالقيام
بدور توعوى للمقبلين على الزواج بتعليمهم فنون الحب والوفاء.
آراء حرة
الوفاء امرأة اسمها «شافكي المنيري»
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق