الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

دك الأرض.. ومن عليها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من موقع رصيف ٢٢ هيا بنا نرحل فى عقول الانتحاريين 
فى تحقيق حاولت صحفية «لوموند» الفرنسية التعمق بتفسير ما يفكر به الانتحارى قبل وخلال تنفيذ مهمته. 
وخلص التحقيق إلى أن عوامل عدة، نفسية ودينية، تلعب دورًا أكبر من العوامل الاجتماعية لناحية التأثير فى عقول الشباب وحثهم للانضمام إلى كنف الجماعات الإرهابية.
عدد كبير من الانتحاريين -أو أولئك الذين حاولوا وفشلوا بإتمام عملياتهم الانتحارية- تركوا رسائل لإناث فى حياتهم. ساعدت تلك الرسائل، بالإضافة إلى شهادات جهاديين آخرين معتقلين، الصحيفة الفرنسية على بناء دراسة تربط بين الشعور بالذنب تجاه ما يحصل فى العالم العربى وسوريا تحديدًا، وبين انتقال الشبان من نمط عيش طبيعى إلى الجهاد وتنفيذ العمليات الانتحارية.
فى هجمات باريس وبروكسل على سبيل المثال، وجدت دراسة «لوموند» أن المخطط لهجمات باريس، صلاح عبدالسلام، الذى لم يكمل عمليته بعد تردده بتفجير نفسه، كان قد ترك رسائل لثلاث نساء فى حياته: والدته وشقيقته وصديقته المقربة، وكذلك فعل كل من مهاجمى مطار بروكسل، خالد وإبراهيم البكراوى.
ويشرح الصحفى سورين سيلو، الذى ناقش فى تحقيقه كل الأطر والجوانب التى تحيط بلغز اندفاع الشبان إلى الانتحار، أن استخدام الحجج الإنسانية للمس بمشاعر المجندين الجدد هو سلاح فتاك، إذ يتم تحويل الدعاية إلى أسلحة دمار بوسعها التحكم بعقول الشباب، ويظهر ذلك فى الرسائل التى وجهوها إلى ذويهم: الشعور بالفخر والتوق إلى الانتقام المبَرر هما العنوانان الرئيسيان.
لماذا لا يكمل البعض العملية الانتحارية؟
يؤكد المحلل النفسى فتحى بن سلامة، لـ«لوموند»، أن من يختار الجهاد، يفسر كلمة دين على أنها ديْن يجب إيفاؤه لله، وبذلك يكون انخراطهم بالجهاد مبررًا أكثر. يتحول بذلك العداء الداخلى الذى يضمره الفرد إلى عداء خارجى يشعرهم بقدرتهم على السيطرة على مجريات الأحداث وحتى تحديد مصائر الناس خلال الهجمات؛ لأن حياة الضحايا تصبح بين أيديهم.
يحاول المنضم للإسلام حديثًا أو كل من غاص بالدين فى فترة متقدمة من العمر، إثبات التزامه وتدينه أكثر من غيره بسبب الضغط الذى يشعر به كونه «حضر متأخرًا لاستكشاف الإسلام»، ففى شهادات عدة لأشخاص كانوا مقربين من للإرهابيين، أكدوا أن التحول حصل بشكل جذرى: شخص غير مؤمن ومتدين تحول بين ليلة وضحاها إلى شاب متمسك بالإسلام، يحاول جاهدًا أن يثبت جديته والتزامه.
هذه النظرية يؤكدها محمد عبرينى، المتهم بالتخطيط لهجوم بروكسل، خلال شهادته أمام القضاء فيقول: «التحول كان واضحًا، محاولة إثبات البعض أنهم مسلمون أكثر من غيرهم تدفعهم لتنفيذ عمليات انتحارية بغية إثبات ذلك».
وبالفعل، البعض ينجح فى إتمام عمليته كاملة بسبب إصراره على الوصول إلى «الحقيقة المطلقة»، إذ يصبح الموت مجرد حقبة يمر بها جسده.
لماذا هذا التحول المفاجئ؟
شهادة أسامة كريّم الذى تردد ولم يفجر نفسه فى بروكسل عام ٢٠١٦، تشدد على أن جنود الدولة الإسلامية مقتنعون كليًا بمبدأ العين بالعين،.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب الوعود بالنساء والجنس دورًا كبيرًا فى تحفيز الانتحاريين، عام ٢٠١٤، انتشر فيديو على موقع «يوتيوب» يظهر فيه مقاتل فرنسى مع داعش ملقب بـ«أبو ياسين»، الشاب الذى بدا مصابًا كان يتحدث خلال تلقيه العلاج وقد بدا عالقًا بين حالتى الوعى واللاوعى بسبب الأدوية التى أعطيت له لمعالجة جروحه.
يومها كشف التنظيم أن واحدة من الطرق التى يعتمدها لجذب الشبان هى تقديم وعود لهم بحياة أفضل بعد الموت؛ حيث يضمن لهم التنظيم عبورهم إلى جنة مليئة بالحوريات. ادعى أبو ياسين فى التسجيل أنه يخاطب الحور (الحوريات)، وقال إنه سعيد جدًا، يرى نساء جميلات ومفاتنهن، لا يصدق ما تراه عيناه، ويتوق إلى الجنة.
وأكد التقرير الذى اعتمد على دراسة محتوى أكثر من مئة نشيد، أن هذه الجماعات أفردت مساحة واسعة للنشيد كأداة مهمة للتحفيز وخلق «ثقافة الجهاد».
واليوم أبطال مصر من الجيش والشرطة يتساقطون شهداء يوما بعد يوم على يد الإرهاب الإخوانى الأسود وأتباعهم وتلاميذهم، وهؤلاء الانتحاريون مستمرون من أبناء غزة وسيناء، يفرض السؤال نفسه كما كتبنا مرارا: هل أصبح إرهاب شمال سيناء قدرًا لا سبيل للفكاك منه.. وبالتحديد مثلث الرعب «رفح ـ الشيخ زويد ـ العريش».. وكيف يمكن للقوات المسلحة أن تدير عملياتها ضد الإرهابيين دون التعرض للمدنيين الأبرياء؟؟
الحل مطروح منذ زمن فى «البوابة».. وهو إخلاء مثلث الرعب.. وجعلها أرضا مكشوفة.. فقد أصبح الوضع حربا حقيقية ضد الدولة.. وهى لا تقل عن حروب الماضى ضد إسرائيل مع الفرق أن العدو يأتى من الداخل.
السؤال: هل من الصعب تهجير سكان مثلث الرعب إلى حين القضاء نهائيا على هؤلاء الإرهابيين؟
خريطة مثلث الرعب تقول إن العريش.. هى عاصمة وأكبر مدن محافظة شمال سيناء (عدد سكانها ١١٤.٩٠٠ نسمة)، وأكبر مدينة على شبه جزيرة سيناء، تطل على ساحل البحر المتوسط، على بعد ٣٣٤ كم من القاهرة.
رفـــح.. هى البوابة الشرقية لمصر.
يقع مركز رفــح على الحـدود الشــــماليـة الشرقية لجـــمهورية مصر العربية بطــول ٥٥ كم تقريبا.
ومن جهة الشــــمال والجنــوب بطــــــول ١٣كم تقريبا، بإجـــمالى مســــاحة ٥٠٦ ألف كم٢ أى مــا يعادل ١٥٠ ألف فدان تقريبًا.
«الشيخ زويد» صاحبة الموقعة الأخيرة.. 
هى مركز ومدينة فى محافظة شمال سيناء، وتقع بالقرب من الحدود مع قطاع غزة بين مدينة العريش ورفح على بعد ٣٣٤ كم من القاهرة.
بعد حرب ١٩٦٧، احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء وأسست مستوطنة ياميت شمال الشيخ زويد مباشرة، وكانت أكبر مستوطنة إسرائيلية فى سيناء.
يبلغ سكان مدينة الشيخ زويد ٥١ ألفًا و٥٢٧، نسمة وفقا لآخر إحصائية تم إعدادها عام ٢٠١٠.
تشتهر المدينة بزراعات الكنتالوب والخوخ واللوز والحمضيات، وهى زراعات يتم تسويقها داخليا وتصديرها عالميا، إلا أن التنمية الصناعية غائبة تماما عن مدينة الشيخ زويد، مما جعل البطالة تتفشى بين أبنائها وتعرضهم لمخاطر التطرف والعمل فى أعمال التهريب.
باختصار يصل عدد سكان مثلث الرعب نحو ٢٤٥ ألف نسمة.. ونعيد السؤال: هل من الصعب تهجير أقل من ربع مليون مواطن بشكل مؤقت حتى تنتهى الحرب مع الإرهابيين؟
لقد فعلتها مصر أكثر من مرة مع مدن القناة (بورسعيد ـ الإسماعيلية ـ السويس).