الثلاثاء 18 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل مصر على طريق التحول الديمقراطي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بداية لا توجد وصفة سحرية جاهزة وناجعة لأية عملية تحول ديمقراطى، لأنها عملية معقدة ومتشابكة وتخضع لعمليات مساومة وتفاوض ممتد بين الكثير من القوى المجتمعية داخل البلدان التى تمر بمراحل التحول، ولكن فى ذات الوقت هناك مجموعة من الدروس التى يمكن الاستفادة منها، مصريًا وعربيًا، تمثل مقومات أو شروط موضوعية لنجاح أى انتقال ديمقراطى، منها على سبيل المثال:
أولاً: خريطة واضحة أو رؤية مشتركة من قبل الفاعلين الجدد فى مرحلة التحول، وذلك لأن هذه الخريطة عبارة عن البوصلة التى تحدد مسارات عملية التحول، وهل بلدان التحول فى الطريق القويم أم لا؟، وفى هذا الإطار لا توجد أية غضاضة، طبقا لمؤشرات البوصلة، فى العودة مرة ثانية للبدء من جديد فى عملية التحول، طالما كانت عملية التحول تسير فى الطريق الخاطئ، وأعتقد أن هذا ما حدث بالفعل، حيث استطاعت الموجة الثانية للثورة فى 30 يونيو من العودة على بدء، كما أن هناك مطالبات جديدة الآن بتعديل خريطة المستقبل، هى مطالبات مشروعة وضرورية طبقًا لمؤشرات عملية "الدمقراطة" المصرية، حتى الوصول فى النهاية إلى المسار الصحيح لعملية التحول.

ثانيًا: الحفاظ على وحدة المجتمع ونسيجه، وترسيخ وحدته، بما يحول دون أزمات أو انقسامات مجتمعية تقف حجر عثرة أمام عملية التحول، وهنا تجلى الشعب المصرى فى حكمة قيادته الدينية (الإسلامية والمسيحية)، والتى استطاعت أن تفوت الفرصة على كل المتربصين والحقادين، والذين حاولوا شق الصف الوطنى عن طريق حرق بعض دور العبادة، أو استخدام البسطاء من المصريين ضد بعضهم البعض، ويشهد لجميع الفئات الوطنية من القوى الحزبية والثورية اعتبارها أن الوحدة الوطنية هى خط أحمر لا يمكن اللعب عليه لأغراض سياسية أو مصلحية بحتة.

ثالثًا: إصلاح مؤسسات الدولة وأجهزتها (قضائية وتشريعية وتنفيذية)، على النحو الذى يخدم ويعزز من قدرتها على القيام بوظائفها الطبيعية المنوطة بها، خاصة تلك المتعلق باحتكارها حق استخدامها القوة "الخشنة" إزاء كل الخارجين على القانون، وقدرتها على فرض سيادة القانون على الجميع دون استثناء، وفى هذا الإطار يعاب على الحكومة الانتقالية عدم قدرتها على حسم العديد من القضايا الملحة مثل التعامل مع المظاهرات التى تخرج عن نطاق السلمية فى الجامعات أو من القوى التى تم عزلها فى 30 يونيو.

رابعًا: تحقيق العدالة الانتقالية، وهو ما لم يحدث فى مصر حتى الآن، فكل رموز نظام مبارك باتوا خارج السجون، وأعتقد أن مرسى ورجاله سيكونون هكذا فى حال الوصول إلى ثقة أو مبادرة لوقف العنف، كما أن الكثير من قضايا الفساد تمت تسويتها بطريقة تحافظ على المفسدين والفاسدين، دون تحقيق القصاص العادل للمجتمع، كما أن القضاء الطبيعى فى مصر يتسم بالبطء الشديد، وهنا ربما تكون العدالة البطيئة أشد قسوة من الظلم نفسه.

خامسًا: إعادة صياغة العلاقات المدنية – العسكرية، بما يتفق مع القواعد الديمقراطية والمجتمعية القائمة، وعلى أن يتم ذلك بشكل تدريجى ومن خلال التفاوض وإجراءات بناء الثقة بين المدنيين والعسكريين، ورغم حالة الإجماع بين فئات المجتمع المصرى على ضرورة إبقاء المؤسسة العسكرية قوية، لأنها هى المؤسسة الوحيدة المتماسكة والتى أنقذت البلاد منذ 25 يناير 2011 حتى هذه اللحظات، إلا أن حالة الإجماع هذه لم يواكبها حالة إجماع ممثلة فى بناء جذور الثقة المتبادلة بين بعض شباب الثورة وبين قيادات المؤسسة العسكرية التى تتمتع بحالة ثقة كبيرة وطاغية فى نفوس عموم المصريين.

وإجمالاً على ما سبق، هناك الكثير من الشروط الأخرى، مثل تدعيم دور وثقافة المجتمع المدنى، وتعزيز ثقافة الحوار والاختلاف بدلاً من حالة الاحتراب والانقسام الداخلى، والمساهمة فى خلق طلب مجتمعى على الديمقراطية ونشر ثقافتها فى المجتمع، كل هذه المؤشرات والشروط لابد من وضعها فى الحسبان عند الحكم على نجاح أو فشل عملية التحول التى يمر بها المجتمع المصرى وغيره من بلدان الربيع العربى.