اتضح أخيرًا، بشكل قطعي، أن تنظيم الحمدين، حمد بن خليفة وحمد بن جاسم، هما من يحكمان قطر، ويطبقان على مقاليد السلطة فيها، وإن تنازل حمد لابنه تميم عن الإمارة كان مسرحية ليس إلا، وبقى حمد خلف الكواليس يدير البلاد، ويتحكم فى كل شاردة وواردة فيها؛ أما تميم فقد كان مجرد أمير بروتوكولي، يودع ويستقبل، ولا يملك من الصلاحيات التنفيذية شيئًا، ومن الظلم بصراحة تحميله أية مسئولية عن الأزمة والعزلة التى وجد القطريون أنفسهم فيها.
أى متابع لأزمة الخليج مع دول المقاطعة ولو كانت متابعة سطحية، سينتهى حتمًا إلى حقيقة أن الأوراق والخيارات التى بيد دول المقاطعة، وخاصة المملكة، أضعاف الأوراق والخيارات التى لدى تنظيم الحمدين، وأهم تلك الأوراق ورقة الوقت الذى يمر سريعًا، فكل يوم يمضى يعنى أن التبعات بكل تداعياتها ستتفاقم.
والسؤال الذى يفرضه السياق هنا: هل الحمدان من الغباء إلى درجة أنهما يظنان أنهما سيفلتان من العواقب الوخيمة، التى يسعيان ببلدهما إليها؟.. فى تقديرى أنهما فى العلن وأمام الشعب القطرى يصران على التعنت والعنتريات والصمود، وفى الظلام، ومن خلال الاتصالات ببعض الوسطاء يقدمان التنازلات تلو التنازلات، ويأملان أن يصلا إلى نقطة التقاء تحفظ لهما ماء الوجه، عسى ولعل أن يجدا مخرجًا هنا أو هناك؛ إلا أن من يقرأ إجراءات المقاطعة، والقدر من الحزم الذى وصلت إليه، يخرج بنتيجة مفادها أنه فعلًا وقولًا (طفح الكيل)، وأصبح الرهان على التسامح وغفران ما مضى ضربًا من ضروب أحلام اليقظة. كما أن الثقة بأى اتفاق يلتزم فيه تنظيم الحمدين هو تفريط بقضية لا يجوز التفريط بها، فإما الإذعان الكامل وبلا شروط للمطالب المقدمة من دول المقاطعة، وإلا فلتستمر المقاطعة كما هى سنة أو سنتين أو حتى عشر سنين. فدول المقاطعة الأربع لن تخسر شيئًا على الإطلاق، بينما أن من يخسر هم القطريون.
ربما أن المواطنين القطريين يتحلقون على قيادتهم فى اللحظة الراهنة بسبب إحياء الروح الوطنية، التى تلح عليها المنصات القطرية الإعلامية، إلا أن هذه الروح لا يمكن أن تلبث طويلًا، فسيتساءل القطريون حتمًا: ثم ماذا؟
ويجب أن يعى إخوتنا القطريون الأشقاء، أن تلك الدول المقاطعة، لم تلجأ إلى تلك الإجراءات المؤلمة إلا مضطرة، وبعد أن استنفدت كل المساعى الحميدة، والاتصالات السياسية، لثنى قطر عن توظيف الإرهاب المتأسلم لتحقيق طموحات أجندة أقل ما يقال عنها إنها (مجنونة) بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهى الأجندة التى تحدث عنها بالتفصيل الحمدان مع القذافى، وقد كنا نظن أن الحمدين بعد انكشافهما سيثوبان إلى رشدهما، غير أننا اكتشفنا وبما لا يدع مجالًا للشك أنهما - للأسف - فى غيهما يعمهان، وأن تنحيهما عن الإمارة، لم يكن إلا كذبًا وزورًا ومراوغة، فهما ما زالا مستمرين فى تنفيذ أجندة العمل على إسقاط أنظمة الدول الأربع، مستغلين فى ذلك الحركات الإرهابية، التى جعلا من بلادهما لها ملاذًا آمنًا.
وعلى أية حال، فليس ثمة فى نهاية المطاف إلا الإذعان والاستسلام والرضوخ.
نقلًا عن «العربية نت»