الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سلبيات الإعلام المصري في تغطية أوجاعنا بسيناء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بلا شك ما حدث فى سيناء الجمعة الماضية من قتل وإصابة ٢٦ مجندا من أبطالنا حماة الوطن فى سيناء، وهم ضابط و٩ مجندين، وإصابة عشرات العساكر، الذين أحبطوا هجومين إرهابيين استهدفا حاجزًا عسكريًا بمنطقة البرث جنوب رفح بشمال سيناء، وأسفر عن مقتل أكثر من ٤٠ مسلحًا إرهابيًا وتدمير ٦ عربات وتصفية أكثر من ٤٠ مسلحًا كانوا قد هاجموا نقطة تفتيش عسكرية شمال سيناء، قد أصاب المصريين بوجع شديد وألم يضاف إلى شعورهم بالألم والحزن نتيجة الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها البلاد، وارتفاع الأسعار غير الطبيعى، فضلا عن زيادة أسعار الوقود والكهرباء وتطبيق القيمة المضافة.. وفى رأيى فإن مربع المؤامرات الإرهابية المتمثل فى قطر وإسرائيل وتركيا وحماس، هو المتهم الأول فى هذه الأحداث، بهدف تركيع مصر وشعبها الذى توحد على كلمة رجل واحد من أجل عدم اختطاف مصر من قبل جماعة الشر والعنف الإرهابية المسماة بالإخوان التى تعمل لصالح أهداف صهيونية تركية قطرية لا محالة.
ربما هناك عدة تنظيمات أبرزها «أنصار بيت المقدس» الذى أعلن فى نوفمبر ٢٠١٤، مبايعة تنظيم «داعش» الإرهابي، وغير اسمه لاحقًا إلى «ولاية سيناء»، ربما كان إعلامنا المصرى وربما العربى سببًا فى زيادة أوجاعنا على قتلانا فى سيناء وغيرها من الأماكن ليس فقط لأنه يعرض صور الأشلاء وفيديوهات القتلى والشهداء والدماء المتناثرة، مما يبث الرعب فى قلوب المواطنين، ويدعم من عزائم الإرهابيين على استمرار أفعالهم الإرهابية مجددا، وربما كان الترويج للخطاب الإرهابى على نحو يؤدى إلى تحفيز فئات اجتماعية مسحوقة، أو جماعات عرقية وقومية ومذهبية مهمشة إلى سلوك سبيل الخيار الإرهابى العنيف للإعلام عن مطالبها الحقوقية. ربما كان من أخطاء الإعلام الجسيمة، أنه يركز على الحدث نفسه أكثر من التركيز على الظاهرة التى تتكرر على فترات غير بعيدة، حيث يعطى الإعلام المصرى وربما العربى اهتمامًا للعمليات الإرهابية أكثر من الاهتمام الذى يعطيه للإرهاب كظاهرة لها أسبابها وعواملها والسبل إلى اقتلاع جذورها، ومن بين الأخطاء الشائعة أيضًا التى لا يسمعها ولا يلقى لها بالًا القائمون على الإعلام فى مصر إزاء مثل هذه الأحداث الجللة تقديم تغطية متعجلة وسريعة، وربما أحيانًا سطحية وغياب التغطية التفسيرية والتحليلية، كما تغيب التغطية ذات الطابع الاستقصائي، الأمر الذى يؤدى إلى بقاء المعالجة الإعلامية على سطح الحدث والظاهرة دون التطرق بشكل أو بآخر إلى معالجة جذور الظاهرة الإرهابية البشعة والموجعة وأسبابها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية، وهذا ما يجعل الظاهرة تبدو وكأنها مجردة ومطلقة، وتقع خارج حدود الزمان والمكان والمجتمع، وهذا ما يضعف قدرة التغطية على الإقناع للمتلقين الذين يتأثرون بالسلب فى الغالب وربما الخوف والخنوع والاستسلام حيث يتعمد إعلامنا المصرى والعربى إلى معالجة واقعة الإرهاب فى سيناء وغيرها من الأماكن كحدث منعزل، وليس كعملية تجرى فى سياق معين، وتحدث فى بيئة معينة، ناهيك عن عدم وجود كادر إعلامى مؤهل ومختص، قادر على تقديم معالجة إعلامية مناسبة لهذه الظاهرة المعقدة والمتشابكة والمتعددة النواحى والأبعاد، خاصة مع عدم وجود ميزانية لتدريب المذيعين والمحررين الصحفيين فى صحفهم وتركيزهم على نسبة المشاهدة والإعلانات والدخول المادية فقط، من منطق أن الإعلام لدى معظم فضائيات مصر والعالم العربى ما هو إلا مشروع تجارى يهدف إلى تحقيق الربح فقط ولا علاقة له بالرسالة الإعلامية والمهنية والأخلاقيات الممارسة، وهذا ما يتضح جليًا فى تجاهل الاعتماد على الخبراء والمختصين فى المجالات الأمنية والاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية والتربوية لمعالجة الجوانب المختلفة للظاهرة الأمنية الإرهابية التى تهدد السلم العام وأمن البلاد.
على أى حال الإعلام المصرى فى تغطيته للأحداث الإرهابية يزيد من الطين بلة، ويجعل من الأمور السهلة أمورًا أكثر تعقيدًا، وربما قد تؤدى بعض التغطيات الإعلامية عن العمليات، وتضارب المعلومات والأخبار والقصص حولها إلى بث بعض من البلبلة والغموض، مما قد يؤدى إلى هروب بعض الفاعلين، أو عدم القدرة على تحديد الجهات القائمة بالعمل الإرهابي. وبسبب عدم قيامها على قواعد علم الإعلام ونظرياته، ولا تستخدم مداخل إقناعية مناسبة، ولا تنطلق من نظريات تأثير مناسبة، بل ربما تتسم هذه التغطية بالعفوية والارتجال غالبًا وعدم التخطيط بل العشوائية، الأمر الذى يجعلها تغطية تفتقر إلى الإطار المرجعى الذى يحقق لها التماسك المنهجي. وهو ما تعلمناه فى كليات الإعلام. ربما تقع معالجة الإعلام للظاهرة فى فخى التهوين أو التهويل بالظاهرة الإرهابية، مما يؤثر سلبيًا على مصداقية هذه التغطية وعلى مقدرتها على الوصول والتأثير فى المواطنين وربما الإرهابيين أيضًا وربما بعض التغطيات الإعلامية محدودة المستوى والكفاءة المهنية، تؤدى إلى خلق تعاطف بعض الجمهور مع الإرهابى مثلما حدث فى بعض قنوات الفضائيات التى استضافت أهالى منفذى هجوم كنيسة طنطا والإسكندرية! 
ربما تلعب بعض وسائل الإعلام، عبر بعض أساليب تغطية الحوادث الإرهابية المتعاطفة، إلى دور إيحائى وربما تحفيزى لعناصر تنتمى إلى أجيال جديدة ودفعها إلى الانخراط فى مجموعات عنف وإرهاب قائمة، أو تشكيل أخرى، وفى هذا السياق تستولد أفكار ومشروعات وأهداف من تدفق بعض الأخبار والمعلومات والتحقيقات والمقالات والمقابلات حول العمليات الإرهابية والقائمين بها، وأفكارهم، ومطالبهم القومية أو الدينية أو المذهبية أو العرقية.. إلخ ومن ثم لا بد من عدم تقديم تحليلات أو آراء تخدم الإرهابيين بذريعة الحياد أو حرية التعبير، فلا حياد فى مواجهة الإرهاب والتخريب وعدم التعامل مع الأحداث الإرهابية على كونها قصة خبرية أو سبقًا إعلاميًا، ولكن يتم التعامل معها على أنها عدوان على الدولة والمجتمع. وإبراز الأضرار المباشرة التى تقع على المواطنين جراء أعمال العنف والإرهاب، بحيث تصبح قضية القضاء على الإرهاب قضية شخصية لكل مواطن وضرورة الرجوع إلى مصادر موثوقة قبل نشر أى أخبار تتعلق بالإرهاب والاعتماد على القصص الإنسانية لجذب التعاطف الواسع من المواطنين مع أجهزة الدولة فى مواجهة الإرهاب. 
ولا شك أنه بدون استراتيجية واضحة فى التعامل مع الأحداث الإرهابية، فإن خطط المواجهة لن تكون فعالة وناجزة، فبدون وعى حقيقى بخطورة الحرب التى تواجهها مصر، وكونها حربًا ممولة من قوى إقليمية ودولية تسعى لإضعاف مصر واستمرار حالة الفوضى واللا دولة، يصبح التعامل مع قضية الإرهاب تعاملًا جزئيًا وقاصرًا، فنحن لا نواجه حوادث إرهابية تقع هنا وهناك مثلما هو الحال فى دول أخري، لكننا فى الحقيقة نواجه حربًا شاملة بهدف واحد هو إسقاط الدولة المصرية وتفكيك مؤسساتها خاصة تلك التى تشكل النواة الصلبة للدولة والمجتمع «الجيش، المخابرات، الأمن الداخلى»، وبالتالى فإن عمومية تلك المواجهة وأدواتها الداخلية والخارجية، تتطلب وعيًا حقيقيًا بطبيعة المؤامرة التى تتعرض لها البلاد فى الفترات الأخيرة، والتى تتطلب أن يتوحد الشعب كيد واحدة خلف قيادته وجيشه وشرطته، للتخلص من هذا الكابوس المقلق للعالم كله.