الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إلى وزير «التربية» (٢)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ أن تُخَرّج إنسانا، أقصد «منتجا تعليميا» قابلًا للتسويق محليا وعالميا. 
■ أن تُخَرّج كائنا مدنيًا حداثيًا قابلًا للتعايش والاجتماع البشرى.
■ أن تُخَرّج «منتج تعليمي» حداثى ينتمى إلى هذا العصر وقيمه وأساليبه فى التفكير ويمشى باتجاه المستقبل.
■ أن تُخَرّج كائنًا مستقبليًا يقول بأن الدنيا تمشى إلى (الإمام)، وأنها لا تسير أبدا إلى (الخلف)، وأن الأجداد اجتهدوا فى حدود معرفية ضيقة وبسيطة وقاصرة وغير علمية وفقًا لحدود زمانهم المحدود ولحل مشكلات عصرهم.
■ أن تُخَرّج أجيالًا تدرك أن التقدم ليس خلفنا، وأن التقدم لا يكمن فى الارتداد للماضى أو محاولة تقليده، أو محاكاته، وأن الماضى مضى، وأن علينا أن نكوّن على وعى علمى بأخطاء الأجداد كى لا نقع فيها وكى لا تتحول حياتنا من مجرد مأساة صغرى إلى ملهاة كبرى!! 
■ أن تُخَرّج كائنا ماضويا طائفيا صداميًا متعصبًا منغلقًا غير قابل للاجتماع البشرى وغير جاهز للتعايش وغير مؤهل للعمل كعضو فى فريق!! 
■ أن تخرج كائنا يعيش فى الماضى ويغرق فيه ويرتد إليه ويحلم بجنته المتخيلة والمتوهمة والموعودة!! 
■ أن تُخَرّج كائنا لا يثق فى نفسه ولا يعرف شيئا عن عالمه وينظر للماضى على أنه القدوة والمثل الذى يجب أن يحتذى والمعالم التى يجب التزامها وعدم مفارقتها كى نخطو نحو المستقبل!! 
■ أن تُخَرّج كائنات «عصابية» مريضة يضغط الماضى على تصرفاتها بشدة، ‏ويتسبب فى كتلة ضخمة من ردود أفعالها المريضة والشاذة. 
■ أن تُخَرّج كائنات منفصلة تمامًا عن الواقع وتعقيداته، وغارقة إلى حد الثمالة فى أوهام وخيالات تحجب عنها وضوح رؤية الواقع ومشكلاته، وتجعلها عاجزة تماما عن التعاطى مع مفرداته، كائنات أحادية لا ترى ما بين الأبيض والأسود من درجات عدة ومتعددة!!
■ أن تُخَرّج كائنات «مسخية» مقتول فيها عقلها الناقد وضميرها الناهى ووعيها بواقعها!! 
■ أن تُخَرّج كائنات أحادية مقطوعة الصلة بالعصر روحه وقيمه وأساليبه فى العيش والتفكير، وغارقة فى الدينى حتى النخاع، تتغذى على نفى الآخر وإزاحته وقتله وإبادته، والتخلص منه وعدم الاعتراف له بالوجود أصلا!! 
■ أن تُخَرّج كائنات طائفية لا تصلح إلا للصدام وتقطر وصاية ومكارثية وعنف، أو تخرج كائنات حداثية عقلانية مدنية قابلة للتعايش والتعددية، كل هذا مفتاحه فى يدك، التعليم يا سيدى، وبخاصة المقررات الدراسية، وطرق التدريس، والمناخ المدرسى وأسلوب وطريقة الامتحانات. 
■ أن يكون لديك مقررات دراسية تتحلى بالموضوعية والعقلانية والحداثة، وأن يكون لديك طرق تدريس حديثة قائمة على التعلم الذاتى والبحث والاكتشاف وإثبات الذات لا إلغاء ذاتية المتعلم وذوبانها وتلاشيها. 
■ أن تكون لديك مقررات مغروس فيها «قيم الديمقراطية» و«قيم الحداثة» و«قيم التقدم» وأساسيات الاجتماع البشرى وقواعده.
■ أن تكون لديك استراتيجية عند وضع هذه المقررات ترتكز بالأساس على البعد «الإنسانى» فى الشخصية المصرية، ثم تاليًا الأساس المصرى والهوية المصرية ومصالح مصر الحيوية، مع عدم إهمال (البعدين العربى والإسلامى). 
■ حيث عشنا نركز منذ العام ٥٤، وبعد أن استبدلنا عميد الأدب ابن السوربون طه حسين، بالإخوانى كمال الدين حسين كوزير للتعليم، على ترسيخ «الأساس» الإسلامى فى الشخصية، لدرجة أن جعلناه الأساس وليس أحد الأبعاد، كما ركزنا طوال ٦٠ عاما مضت على ترسيخ «الأساس» العروبى، ولم نجعله أحد الأبعاد، بينما أهملنا الأساسان الإنسانى والمصرى حصرا. 
■ فخرجنا «مسلمين عرب» ولم نخرج «إنسان مصرى». 
■ ألغى الوزير الإخوانى تدريس المشروع الوطنى وقصة رائد التحديث الشيخ الأزهرى رفاعة الطهطاوى، كما تم حذف رائد المساواة وتحرير المرأة القاضى قاسم أمين. 
■ وتم محو تاريخ محمد شريف باشا أبو الدستور وأحد أهم من شاركوا فى بناء وتأسيس الجيش المصرى، وأهم رئيس وزراء مصرى على مدار تاريخها الحديث، والذى تولى رئاسة الوزراء ٤ مرات وتركها لأسباب وطنية، وأحد أهم بناة الدولة الحديثة. 
■ كما تم محو أستاذ الجيل ورائد القومية المصرية أحمد لطفى السيد وآرائه عن «الجامعة الوطنية». 
■ وتم تهميش سعد باشا زغلول تماما وثورة ١٩، وحذف مصطفى النحاس واعتباره «وفدى».
■ وتم حذف تاريخ حزب «الأمة» بناة الوطنية المصرية تماما مع التركيز على الزعيم الطائفى صاحب فكرته الحصرية «الجامعة الإسلامية» مصطفى كامل والتى ورثها الإخوان بعده. 
■ كما تمت أسلمة جميع المقررات وعلى رأسها التاريخ واللغة العربية. 
■ وتم استبدال رائد التحديث بعقبة ابن نافع فاتح إفريقيا!!
■ وتم استبدال رائد الإصلاح الدينى الإمام محمد عبده بالجارية غير المصرية شجر الدر، وتدريسها على فصلين دراسيين فى الصف الثالث الإعدادى، تحت عنوان «وا إسلاماه» بدلا من «واه وطناه»!! 
■ وفى الثانى الإعدادى كتاب «قصة كفاح شعب مصر»، تم تنحية كل رواد المشروع الوطنى لصالح الكردى المسلم السنى صلاح الدين الأيوبى. 
■ عشنا نخرج «المسلم العربى»، وعشنا نخدم ونفرخ للإخوان وغيرهم من ميليشيات الإرهاب أجيالا وأجيال!!
■ وأذكر أننى عندما طرحت سؤال الهوية على طلاب جامعة بنها مرة «من نحن» كانت ٩٧ ٪‏ نحن «مسلمين عرب»، أو العكس، بينما ٣٪‏ قالوا بأننا مصريون!!
■ ثم قمنا بثورة عارمة فى ٣٠ يونيه ضد حكم الإخوان ومرشدهم وكل ميليشيات الإرهاب الذين أرادوا هدم الوطن وذبحه وإلغاء ذاته ودمجه فى خلافة وهمية نكون فيها أحد أماراتها. 
■ وبرغم ثورتنا تلك لا تزال مقرراتنا الدراسية دون تغيير استراتيجى محسوب ومدروس وعلمي، لا تزال أفكار البنا وشعارات الإخوان قابعة فى مقررات التربية الدينية، وخصوصا فى الصف الثالث الإعدادى!!
■ ولا تزال وزارة التعليم تعج مدارسها وفصولها وأروقتها بمعلمين وموجهين وقيادات هم أبناء تنظيم الإخوان الإرهابى حصرا!!
■ قمنا بثورة ٣٠ يونيو، ونحتفل هذه الأيام بعيدها الرابع دون أدنى تغيير يذكر فى طرق التدريس، فلا تزال الوزارة فاشلة فى ترسيخ طرق التدريس الحديثة المتمركزة على التلميذ، ولا يزال المعلم المصرى عاجزا عن استيعاب طرق التعلم النشط ولا تزال قيادات الوزارة عاجزة عن فهمه، وتدريب المعلمين على إنفاذ تلك الاستراتيجيات، فالطرق القديمة والتلقين والارتكاز على المعلم لا يزال سيد الموقف. 
■ لم يتحول المعلم بعد إلى ميسر، ولم يتحول التلميذ إلى عضو فاعل وباحث ونشط ضمن فريق، ول ايزال التلميذ مفعولا به ومتلقيا لما يتساقط على رأسه كثفا من السماء، ولا تزال وحدات التدريب بالمدارس للمرضى والعاجزين والباحثين عن الراحة والشكلانية والادعائية، ولا يزال المعلم التلقينى الجهورى الذى يصادر الحصة لحسابه ويمنع مشاركة أحد، هو ما ينعت لدى رؤسائه بـ«صاحب الضمير الحى»، ولا يزال ذلك المعلم مضرب الأمثال لزملائه!!
■ ولا تزال القيادات القديمة بإيمانها الراسخ بالطرق القديمة والتقليدية البالية وضرورة وحتمية العودة لها «كنموذج» وطريق حصرى للنجاح فى تصورهم ولعودة التعليم إلى مجده القديم!!