رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ليتنا تعلمنا من وحيد حامد!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أتابع جيدا الجزء الأول من المسلسل الرائع «الجماعة» فى عرضه الأول عام ٢٠١٠، ولكن تابعته بعد عام ٢٠١١، بعد أن تكشفت مؤامرة إسقاط الدولة، وظهر دور جماعة الإخوان فيها، ومحاولاتهم للاستحواذ على السلطة وسرقة الدولة.. واكتشفت أن الكاتب الوطنى الكبير وحيد حامد تنبأ بالكثير مما شاهدناه بعد ٢٠١١ وحذر منه، وقدم عملا عظيما كشف من خلاله حقيقة جماعة الإخوان منذ إنشائها، والفكر الصهيونى والماسونى الذى ارتبط بها وبقياداتها، وتمويلهم من خلال الاحتلال الإنجليزى منذ البداية، وكشف نواياهم كجماعة مسلحة تستهدف الوصول إلى الحكم والسيطرة على مقاليد الدولة منذ تكوينهم.. وحزنت أنه لم يقدم هذا العمل قبلها بسنوات ليدرك الشعب الحقائق قبل فوات الأوان.. وكنت أنتظر الجزء الثانى من المسلسل بشغف، لأنني أعلم الجهد الشاق الذى يبذله المبدع وحيد حامد فى إعداده لهذا العمل التاريخى المهم، فهو لا يكتب بآرائه الشخصية وإنما من خلال دراسات وقراءات متعددة، وجلسات عمل مع خبراء وصحفيين وباحثين، وبالتالى فهو يختصر عشرات الكتب التى يمكن قراءتها لفهم طبيعة هذه الجماعة، بأسلوب ممتع وشيق.. ولكن فوجئت بعد عرض الجزء الثانى من المسلسل بالهجوم الضارى الذى تعرض له الكاتب وحيد حامد، والذى وصل إلى مطالبة البعض فى مجلس الشعب بوقف المسلسل، بل وتم رفع دعوى قضائية ضده كانت جلستها الأولى أمس الأول، وذلك بادعاء أن الكاتب الكبير تعمد تشويه وتزييف التاريخ، وأنه قدم خدمة جليلة لحركة الإخوان الإرهابية، وارتكب خطيئة فى حق تاريخ الوطنية المصرية!! كما هاجمه الناصريون بدعوى أنه أساء للرئيس عبدالناصر، وادعى عليه انضمامه لتلك الجماعة فترة من حياته.. كما هاجمه أيضا بشدة حزب الوفد بسبب أحد المشاهد التى ظهر بها مصطفى النحاس باشا وهو يقبل يد الملك، فاتهموا وحيد حامد بأنه قام فى المسلسل بالتطاول والتقليل من شأن رمز من رموز الوفد الراسخين، وأعلن النائب فؤاد بدراوى، سكرتير عام حزب الوفد سابقا، أنه سوف يرفع دعوى قضائية ضده أيضا!! وقد استمتعت بمشاهدة الكاتب الكبير وحيد حامد، وهو يرد على تلك الادعاءات فى برنامج الصحفى الكبير حمدى رزق، فرد على الاتهامات، وأظهر أن من يهاجمونه لم يتابعوا المسلسل جيدا، وأوضح المصادر والكتب والشهادات الحية التى استدل بها عند كتابته لتلك المشاهد.. وأكثر ما لفت انتباهي فى البرنامج مداخلة الأستاذ/ عبدالحكيم ابن الرئيس عبدالناصر، والذى دافع عن الكاتب وحيد حامد، وأكد أنه لم ير فى المسلسل أى إساءة لوالده، وأنه نظر إلى الجوهر وأدرك الرسالة الحقيقية من العمل الدؤوب الذي صنعه وحيد حامد للتاريخ والأجيال، والذى يكشف تاريخ تلك الجماعة الإرهابية.. لم يزايد مثل الناصريين الذين ينطبق عليهم قول «ملكيون أكثر من الملك»، فهم ناصريون أكثر من الرئيس عبدالناصر نفسه!! يدعون حبه ولا يقبلون نقده، وفى الوقت نفسه يهاجمون ويلعنون المؤسسة التى أتت به!! ولا أعلم لماذا يصر البعض على تأليه بعض الشخصيات أو الكيانات ورفض نقدهم.. فمن حقنا أن نسمع الآراء المختلفة ونحكم عقولنا بعد ذلك.. فمثلا نستمع لمن يسمون أنفسهم الناصريين يدافعون عن الرئيس عبدالناصر ويجعلونه فى مصاف الأنبياء، ثم نستمع لآراء المناصرين للرئيس السادات أو لأسرة محمد على عن عبدالناصر فنجدهم يجلدون تاريخه ويحملونه وزر الماضى والحاضر والمستقبل!! فتنشأ الأجيال تلو الأجيال وهى لا تدرك الحقائق بحيادية، فلا يستوعبون دروس التاريخ حتى لا يكرروا الأخطاء نفسها فى المستقبل.. ونجد المجتمع ينقسم على نفسه ما بين ناصريين وساداتيين ومباركيين وسيساوية!! وننسى أننا مصريون وفقط، يجب أن ندرك أنهم جميعا كما قال الرئيس مبارك: «لهم ما لهم وعليهم ما عليهم»، فهم ليسوا ملائكة وليسوا شياطين، جميعهم عشق تراب هذا الوطن وأعطى بقدر علمه ومعارفه وخبراته، جميعهم أصاب، وجميعهم أخطأ، لأننا لسنا معصومين، ولكنهم سعوا واجتهدوا وفعل كل منهم ما اعتقده صوابا.. فالحقيقة ليست حكرا على أحد، والتاريخ لا يرى بعين واحدة ولا يكتب من زاوية واحدة، علينا أن نتعلم احترام الآراء والأفكار، من يريد أن ينتقد فهو حقه المشروع طالما في إطار الاحترام دون إساءة أو بذاءة.. وحيد حامد الرجل الوطنى المخلص المهموم بقضايا هذا البلد، والذى أضحكنا ملء قلوبنا على مآسينا، ولم نر له أى عمل إلا ويحمل رسالة ويترك أثرا إيجابيا فى النفس، لا يستحق منا سوى الإشادة والتقدير.. نحترم الحق فى النقد ولكن دون إجحاف لحق هذا الرجل وجهده، فهو قدم رسالة حقيقية ستظل على مدار الأجيال تؤرخ لتلك الفترة المهمة، وتعكس التاريخ الأسود لتلك الجماعة، قد يكون هناك أى خطأ تاريخي في أحداث المسلسل، فالكاتب فى النهاية يعكس ما قرأه أو استمع إليه من روايات، ويمكن لباحثي التاريخ وعلمائه الرد بالحجة، ولكن أن يطالب حزبا كبيرا وله تاريخ كحزب الوفد بوقف مسلسل بسبب خلاف في الرأي، أو أن يكون مثقفينا وسياسيينا هم من يطالبون بالمصادرة والمنع، ولا يحترمون ثقافة الاختلاف، فهو عار عليهم لو يعلمون عظيم.