عُدت يا يوم مولدي.. عُدت يا أيها الشقي
الصبا ضاع من يدي.. وغزا الشيب مفرقي
ليت يا يوم مولدي.. كنتَ يومًا بلا غد
ليت أنى من الأزل.. لم أعش هذه الحياة
عشتُ فيها ولم أزل.. جاهلًا أنها حياة
ليت أنى من الأزل.. كنت روحًا ولم أزل
أنا عمر بلا شباب.. وحياة بلا ربيع
أشترى الحب بالعذاب.. أشترى فمن يبيع؟
أنا وهم.. أنا سراب
انتهى كلام كامل الشناوى.
فعلا أنا وهم أم سراب، لماذا أتيت بى أيها الرب إلى تلك الحياة، كى أتعذب بنيران خلقك، أم أعيش فى هواء البحر، أن أعيش كل هؤلاء، أبكى مع ناصر وأرقص مع السادات وأنام مع مبارك وأعيش ثورة مزيفة وكمان رئيس أهطل اسمه مرسى.. إلخ.
كنت زمان فى فريق سباحة، أحببنا الوطن، كانت كل ضربة فى المياه من أيدينا تلخص حبنا للإسكندرية، عشقنا البحر، قال مدربنا: من لا يعرف يعوم فى شتاء الإسكندرية، لا يستحق أن يكون سباحًا.
وتعلمنا العوم، وكان بطلى هو عمى صلاح، رمانى فى البحر وكنت أقل من سنتين، وعرفت العوم فى بحر إسكندرية.
وعرفت نادى الكشافة، وشفت أبطال الجمهورية هناك، زيتون ومندور وغيرهما، أسماء خلدها التاريخ، وعرفت المعلم الجميل الشاذلى بطل مصر، علمنى كيف أعوم، ومن بعده النقيب والدكتور عجمية، ياه أيام كانت مصر، تحتفل بكل البنات، فى فريقى كانت، سوسن العيسوى وإيمان جمعة ووفاء مرسى وزينات جمعة، بنات مالهمش حل، جنب ولاد أجمل ما خلق ربنا، يحيى أبوزيد وإخوانه، عصام مسعد فتح الله وإخوانه بنات وصبيان، مجدى سيف وإخوانه، حتى الغرباء على الفريق من كلية الطب كانوا أجمل ناس، الدكتور عبدالفتاح وإخوانه والدكتور مجدى الرمادى، ياه كم أنتِ يا إسكندرية غالية عليّا.
وتمر الأيام، ويأتى زمن الضلال، عشته كاملا، انفتاح وانفشاح، وجاء الدكتور عبدالفتاح يقول يلا بينا نروح حزب التجمع، كانت أول فرحة بجد وقابلت الأستاذ محفوظ أبوكيلة، وعرفت يعنى إيه الوطن.
ومن بعده عرفت أستاذى حمدى أبوكيلة، وأجمل يسارى فى بر مصر، عبدالكريم قاسم، وطبعًا محمود قباوة وخالد عيد.
كنا خلية مستخبية، فى الحزب الشيوعى، اعتراف رسمى نظمى، تعلمت يعنى إيه معنى الوطن، وكان هناك معلمون أسماء تصلى لها قبل الأبز والأم، حسين عبدربه وأبوالعز الحريرى وزينب الحضرى، وأساتذة مالهمش حل، إسماعيل صبرى عبدالله، فؤاد مرسى، محمد دويدار.
كان حزب التجمع مثل مركبى ومرساي، كان حبى الأول والأخير، كان كل ما أحبه فى الدنيا والآخرة، كان كل أحبابى وأصدقائى ودنيتى، كان التجمع اسمه خالد محيى الدين، وأساسه رفعت السعيد، كم شرفت بمعرفتكم.
وعرفت الصحافة، وكانت طريقى فى الحياة، انضربت بيها، عشتها مع أجمل اتنين رغم الخلاف، صلاح عيسى وفيليب جلاب، ياه على جمالهما، تعلمت منهما، كيف تكتب وكيف تقول اللى أنت عايزه، بشياكة أو قلة أدب.
يومًا ما قدمت تحقيقًا صحفيًا إلى أستاذى صلاح عيسى، لم أقابله ولكنى وجدت ٢١ سؤالًا مطلوبًا الإجابة عليها، تعلمت الدرس، وعلمت من جاء بعدى.
أما الأستاذ فيليب، حدث ولا حرج، حكاية مصرية.
وسافرت موسكو وعشت أجمل أيام حياتى، وكتبت أجمل رسالة فى حب الوطن، رسالة دكتوراة، منها كتاب منشور، بشر بلا ثمن.
قال عنه أستاذى الجميل إسماعيل صبرى عبدالله، إنه جد وجديد.
وعندما جاءت جريدة التجمع، حاولت أن أكون أحدا منهم، لكنى لم أكن سوى نفسى.
مش عارف أصدق الدكتور محمد دوير عندما كتب عنى.. حالة خاصة جدا، أبسط إنسان فى الكون، ولكنه أشجع شخص تقابله، أنقى قلب، ضمير ماشى على قدمين، الحصرى اختار طريق الانتماء للوطن والشعب، كنت دائما أقول عنه كان محتاج شوية تنازلات بسيطة ويكون أشهر صحفى فى مصر، الحصرى صاحب قلم وطنى وعقل طبقى ومزاج همايوني، طول عمره صحفى شاطر، وقت ما كانت الدنيا ضلمة ورموز الصحافة اللى وجعين دماغنا فى الكى جى ون، كان الحصرى صحفيًا كبيرًا بيعمل خبطات صحفية تلف رأس النظام.
الحصرى أستاذ لجيل من الصحفيين، من غير ما يعمل عليهم مدرس، ورمز من رموز الإسكندرية، وجوده فى أى معركة انتخابية كافٍ أنها تولع. ويحولها لضرب نار، هو اللى كتب عصابة الخمسة عن ضباط أمن الدولة اللى زوروا الانتخابات ضد الحريري، وهو اللى كتب مانشيت فى جرنال التجمع «الحكومة جابت جاز» وقت ما كانت الناس بتحسس علي الكلام.
الحصرى هو مشوار الألف ميل، ولكنه عمره ما وصل لأى حاجة من متاع الدنيا.. عريان لكنه متدفى بناسه وحبايبه، جعان لكنه عزيز النفس، ضاربها صرمة.
ممكن تقول عن الحصرى أى حاجة.. وأصدقك.. لكن صعب، بل مستحيل، أنت أو أنا أو أى مخلوق على وش الأرض يقدر يقول عليه إنه خان أو باع أو قبض الثمن.. وعلشان كدا هو الحصري.. الحالة النادرة التى لم ولن تتكرر
كل سنة وأنت طيب يا دكتور.. يا أستاذ.. يا ابن الأكرمين.. وسلالة الشرف والنزاهة واليسار بحلوه ومره، كل سنة وأنت طيب.. يا بو قلب طيب.
كل سنة وأنت طيب يا حصري.
وكمان ده أقول إيه سى الأفوكاتو على القسطاوى محامى الغلابة بيقول كمان:
(خريف البطريق) عنوان مقال كتبه (الدكتور أحمد الحصرى) كافتتاحية لجريدة التجمع التى كان يرأس تحريرها، ويمثل ذلك المقال بداية عهد جديد للكتابة فى عهد مبارك. فقد خرج الحصرى فيه عن المألوف من حيث الشكل والمضمون.. استخدم ألفاظًا لم تكن عرفتها الجرائد المصرية بعد فى مقال موضوعه الأساسى أن حسنى ونظامه على وشك السقوط أو الموت.. تلقف (إبراهيم عيسى) لغة وموضوع الحصرى، وتحول من مغمور إلى مليونير مشهور.. بينما قذفت قيادات التجمع الذى يسكن فى كل منهم (عفريت) بدرجة مخبر بالحصرى إلى موقع صحفى عاطل.. الوساخة قديمة.