الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مخاطر الإعلام الخاص على المجتمع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما يكون الإعلام الخاص (المرئى والمقروء) أشد خطرًا على المجتمع من الإعلام الرسمى (الحكومى) إذا لم يتم تقنين الملكية وضبط الأداء الإعلامى وتنظيم البث والنشر الصحفى والارتقاء بلغة وطريقة الحوار والعمل والالتزام التام بالمهنية وبأخلاقيات المهنة لاسيما أن الإعلام الخاص فى مصر وفى كل دول العالم بما فى ذلك الدول الأكثر ديمقراطية قد أصبح من مستلزمات العمل التجارى والدفاع عن المصالح التجارية لأصحاب شركات الإعلام الخاص كما فى أمريكا التى سمحت بدخول مجال الإعلام بقوة لاستغلاله فى الدفاع عن مصالحها مثل شركة جنرال إليكتريك الأمريكية الشهيرة بتصنيع مصابيح الإضاءة وموتورات الطائرات الحربية والهليوكوبتر عندما حازت شبكة NBC تلاعبت بسياستها التحريرية، وذلك من أجل الحفاظ على مكاسب اقتصادية لها باعتبارها الشركة المالكة لها وذلك على حساب الحياد الإعلامى والمهنية.
نفس الأمر بالنسبة لملاك صحيفة أوبزرفر البريطانية فى زيمبابوى عندما تعرضت المصالح الاقتصادية لتهديدات غضت الصحيفة الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان هناك خوفًا على مصالحها!
وفى مصر كانت بعض البرامج فى بعض الفضائيات الخاصة تستخدم لتجميل النظام المباركى ولا يزال بعضها أيضًا يعمل بنفس النهج خلال العهد السيساوى بل ويحاول البعض أن يكون ملكيًا أكثر من الملك وحيث إنها من ضمن أملاك رجال أعمال يرتبطون بعهد مضى أو بعهد بدأ ولا يزال مستمرا وسوف يستمر دون توقف بسبب سلسلة المصالح المشتركة!
فالملاك من رجال الأعمال النظام الأسبق المباركى لا خبرة لهم بالإعلام ولكن بعضهم يتدخلون فى السياسة التحريرية سواء بشكل غير مباشر أو بشكل مباشر، لخدمة مصالحهم المباشرة مع الدولة وقد يطردون من العمل من لا ينصاع لأوامرهم أو لطلباتهم وينفذ سياساتهم التى تكون فى معظمها غير مهنية وغير شفافة وتفتقد للمصداقية. وهذه النقطة ينبغى معالجتها من خلال قوانين لضبط الأداء الإعلامى ومنظمة للبث وللملكية وللتمويل ولفصل الملكية عن الإدارة وفصل الملكية والإدارة عن التحرير. ربما أن هذه القنوات وبعض الصحف الخاصة التى تزايد عددها بشكل غير طبيعى بعد ثورتى يناير ويونيو تجعل نصب أعينها مصالح ملاكها الاقتصادية والسياسية وربما تفضلها على مصلحة الوطن، الأمر الذى ينتج نظامًا إعلاميًا مشوهًا وجوًا إعلاميًا غير مهنى وغير منطقى تماما تجسدت فى الانتخابات العامة الماضية ربما هناك بعض قنوات الإعلام الخاصة تعتمد فى تمويلها على جهات خارجية بهدف اسغلالها فى دعم مصالحها كما تؤكد وثائق ويكيليكس الشهيرة أن واشنطن تدعم خصخصة الإعلام والقنوات الخاصة فى مصر ضمن برنامج «تطوير الإعلام والديمقراطية فى مصر».
ربما أن بعض القنوات والصحف والوكالات الخاصة ما هى إلا ممتلكات لقوى وتيارات أو حكومات أو وكالات دولية أو إقليمية تعمل من وراء الستار لتنفيذ أجندات خاصة بها ليست فى مصلحة البلد بشكل مؤكد، ومما يثير التساؤلات ظهور قنوات عربية بمسميات مصرية مثل «الجزيرة مباشر مصر»، و«روتانا المصرية» وأخيرًا MBC «مصر» لتؤكد ما سبق بشأن التمويل الخارجى للإعلام الخاص فى مصر.
ناهيك عن أن هناك ثلاث شركات إعلان كبرى هى التى تتحكم فى سوق الإعلانات فى مصر وبالتالى تستطيع إنجاح وسيلة إعلامية (سواء كانت صحيفة أو قناة تليفزيونية أو غيرها) وإفشال أخرى. هذه الشركات هى: «الشركة العربية للوسائل الإعلانية» التى يمتلكها نجل وزير إعلام سابق وآخرون، و«شركة بروموميديا» ويشارك فيها نجيب ساويرس وآخرون، ثم «شركة ميديا لاين» الوكيل الإعلانى لقنوات النهار واليوم السابع.
وتدعم تلك الشركات إعلاميين بعينهم وتجعل منهم نجومًا على حساب آخرين، بل وتدعمهم أمام أصحاب القنوات وتدعم برامجهم كما تدعم أعمالًا درامية لا ترقى لمستوى العرض على حساب أخرى جيدة الأمر الذى يفسد المشهد الإعلامى بأثره.
وفى ظل عدم وجود معايير للعمل الإعلامى والمهنية نجد أن عددًا من الصحفيين أصبحوا يقدمون برامج «توك شو» فى هذه القنوات الخاصة، وتكليف بعض أعضاء مجلس النواب ورجال دين ومحامين غير مؤهلين للقيام بتقديم بعض البرامج الإعلامية على الفضائيات الخاصة الأمر الذى يفسد الإعلام ويفسد حياة المجتمع ويعمل من أجل مصالح رجال الأعمال مالكى الوسائل الإعلامية.. الأمر الذى يلقى بالمسئولية الكبرى على المجلس الأعلى للإعلام الجديد لكى يضع استراتيجية لعمل أجهزة الإعلام الرسمية باستقلال تام ويلزم الإعلام الخاص بالالتزام بالمعايير والقواعد المهنية، حيث إن المشكلة فى الإعلام المصرى لم تكن فقط فى إعلام الدولة ولكن فى الإعلام الخاص الذى لا بد من إعادة النظر فيه بحيث يتم تنظيمه ووضع أطر منهجية لعمله بحيث لا يصبح جهازًا دعائيًا لصالح الملاك والممولين على حساب مصلحة المواطنين. وإن كانت أمنيات البعض – وأنا منهم - تنصب حول تحويل اتحاد الإذاعة والتليفزيون المملوكة للشعب إلى هيئة مستقلة على غرار هيئة الـ BBC باسم «هيئة الإذاعة والتليفزيون المصرية» تكون غير خاضعة فى سياستها الإعلامية لتوجيهات أو تدخلات من الدولة متمثلة فى النظام الحاكم أو مؤسساته تؤثر فى سياستها التحريرية ويكون لها ميزانيتها الخاصة وتمويلها الذاتى من دافعى الضرائب أو من طرح أسهم للاكتتاب العام بها ووضع سياسة إعلامية وإعلانية على أسس ومعايير مهنية ووضع ميثاق للعمل الإعلامى والإعلانى وقوانين تضمن حرية الرأى والتعبير ولا بد أن يخرج المجلس الأعلى للإعلام من تحت عباءة الحكومة والنظام ليصبح مستقلا فى قراراته بعيدا عن الدولة والحكومة وأن يكون له قراراته فيما يتعلق بمسألة حجب المواقع الإلكترونية التى تعمل دون ضوابط ربما تضر بالمجتمع ولا بد من كسر احتكار رجال الأعمال للإعلام الخاص وإلزامهم أولا بتسديد ما عليهم من ضرائب والعمل على إنهاء ظاهرة صحفنة التليفزيون أو تلفزة الصحافة وحظر عمل البرلمانيين فى البرامج التليفزيونية والفضائية أو فى الصحف والمجلات؛ لأنها أمور من شأنها إفساد وتشويه العمل الإعلامى والبرلمانى معا!!.