ليس من المستبعد أن تكون محاولة ارتكاب عمل إرهابى داخل بيت الله الحرام، الرد العملى الذى اختاره «أمير الإرهاب» تميم بن حمد على مطالب رباعية المقاطعة: مصر، السعودية، الإمارات، والبحرين.
فقد جاء كشف السلطات السعودية المبكر لمخطط تفجير انتحارى لنفسه فى محيط الكعبة، مواكبًا لتسريب الدوحة الشروط العربية للصفح عن نظام تميم.
توجيه أصابع الاتهام نحو قطر بشأن محاولة استهداف الحرم المكى، ليس من باب التبلى، وإنما يأتى فى سياق دعم قطر للجماعات الإرهابية بكل فصائلها ومذاهبها الدينية.
علاوة على اعتراف تميم بدعمه وصلته بتلك التنظيمات. ولعل تقبيله رأس مفتى الإرهاب يوسف القرضاوى، أقوى دليل على مباركة قطر لكل عمل إرهابى يقع فى منطقتنا بل والعالم بأسره.
الدوحة ليست مجرد مزرعة حاضنة لخنازير جماعة الإخوان المسلمين، وقردة داعش والقاعدة والنصرة، وتميم ليس ذلك الشاب الأرعن الذى أراد برعاية وتربية تلك الخنازير والقردة توسعة نطاق نفوذ دويلته الصغيرة.
المسأله لا تقف عند حد مشروع سياسى لنظام يبحث عن دور إقليمى ودولى أكبر، لكنه الانتماء الأيديولوجى والتنظيمى لجماعة الإخوان رأس الأفعى.
ودول المقاطعة الأربع تعلم أن شروطها لن تقبل جملة وتفصيلًا، لأن تميم كعضو بتنظيم الإخوان يتصرف وفق تعليمات تأتيه رأسًا من تركيا.
قبلة القرضاوى إشارة واضحة إلى أن سلوك الصبى «بن حمد وموزة» ولجوءه إلى طهران وأنقرة ليس كما يعتقد بعض المحللين مجرد رد فعل مضطرب على قرار قطع العلاقات الدبلوماسية معه.
ففور إعلان المقاطعة الدبلوماسية عقد التنظيم الدولى لجماعة الإخوان بأعضائه الأتراك، والذين يشغلون مناصب سياسية كبيرة فى حكومة أردوغان اجتماعًا طارئًا فى تركيا لبحث سبل التعامل مع الأزمة، وتقديم الدعم لنظام تميم كونه الضلع الأهم فى التنظيم بما يدفعه من أموال إضافة لجعله الدوحة وغيرها من المدن القطرية مأوى لجنرالات الإرهاب من شتى المنظمات والأصقاع.
ولا غرابة من ارتمائه فى أحضان الخُمينى ومعلوم تاريخيًا العلاقة الحميمية بين نظام الملالى الشيعى وجماعة الإخوان السنية، فقد جمعهما الإرهاب برباط زواج كاثوليكى مقدس، شهدنا فى مصر أحد لقاءاته الحميمية على فراش الخيانة والجاسوسية عندما تآمرت عناصر حزب الله والإخوان وحماس لاختراق الحدود المصرية، واقتحام السجون لتهريب عناصر إرهابية تنتمى للمنظمات الثلاث، وكان من بينهم الجاسوس المعزول عن عرش مصر محمد مرسى.
شروط رباعية مصر والسعودية والإمارات والبحرين، إذن تعجيزية ومن وضعها يرفض مجرد فكرة المفاوضة مع ذلك «التميم».
ويدرك تمامًا أنه لا مجال لاستمرار هذا الإخوانى الإرهابى فى القصر الأميرى بالدوحة، وأن رحيله مسألة وقت.
يؤكد هذه الرؤية اتصال ابن موزة هاتفيا بالرئيس الإيرانى حسن روحانى أول أيام عيد الفطر معلنًا تمسكه بما أسماه التحالف الاستراتيجى مع إيران، بينما أكد روحانى فتح الموانئ والأجواء الإيرانية أمام سفن وطائرات قطر، معلنًا دعمه المطلق لتميم فى مواجهة جيرانه العرب، وفى هذا الاتصال رد على أول الشروط وهو خفض التمثيل الدبلوماسى مع طهران وتحجيم العلاقة بها.
أردوغان بدوره فضل أن يتولى هو الرد على الشرط الثانى، والمتعلق بإنهاء أى وجود عسكرى تركى على الأراضى القطرية، وغلق القاعدة العسكرية التركية، مؤكدا استمرار الدعم العسكرى ومعتبرا الشرط إهانة لأنقرة.
بردود الأفعال تلك على أول شرطين يصبح حديث وزير الخارجية الأمريكى بشأن استعداد الدوحة للنظر فى بعض الشروط فارغًا من مضمونه، خاصة أن بقية الشروط تتعلق بوقف تمويل الإرهاب، وتسليم أربابه القتلة المطلوبين فى مصر والسعودية والإمارات والبحرين، ومن المستحيل أن تكون هذه البنود محلًا للتفاوض بالنسبة للدول الأربع.
على الأرجح الدوحة الآن تحولت إلى ساحة للسجال والمنازلة السياسية بين الدول المناهضة للإرهاب والدولتين الأكبر دعمًا له إيران وتركيا، الرابح فى هذا النزال هو من سيفرض إرادته فى الإقليم، لذلك تتشدد دول المقاطعة الأربع فى موقفها وستذهب حتما إلى الساحة الدولية لتنقل المعركة إلى مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، لعزل نظام تميم ومحاسبته ومعاقبته.
السؤال الآن: إلى أى نقطة تستطيع كل من طهران وأنقرة أن تصل إليها لحماية نظام تميم لأطول وقت ممكن؟.